الاقتصادية

مستقبل صناعة السيارات: بين تعهدات ترامب وسياسات هاريس

“إذا لم أفز في الانتخابات فلن يكون لديكم صناعة سيارات في فترة من عامين إلى 3 أعوام” هذا ما ذكره “دونالد ترامب” معتقدًا أن فوز “كامالا هاريس” سيقضي على تصنيع المركبات في البلاد.

وضمن مساعيه لجعل صناعة السيارات قضية رئيسية في حملته الانتخابية، هدد المرشح الجمهوري في تصريحاته خلال سبتمبر بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 100% إلى 200% على شركات صناعة السيارات المحلية التي تُصنع مركباتها في المكسيك، وبالتالي فإنها لن تكون قادرة على المنافسة.

وفي تجمع انتخابي بولاية أوهايو عقد خلال مارس ردد بعض الكلمات المروعة قائلاً: إذا خسرت في السباق الانتخابي هذا العام، فسيكون ذلك بمثابة “حمام دم” لصناعة السيارات الأمريكية والبلاد.

وأشار إلى أنه سيفرض رسومًا جمركية بنسبة 100% على كل سيارة تمر لداخل الحدود الأمريكية، وبالتالي لن يتمكنوا من بيعها في حال عودته للبيت الأبيض.

الانتخابات ومصير الصناعة

تأتي وعود “ترامب” في الوقت الذي تشكل فيه الصين مصدر قلق كبير لشركات صناعة السيارات الثلاثة في ديترويت والشركات الأجنبية التي تأسست بالفعل في الولايات المتحدة.

وذلك مع تركيز شركات صناعة السيارات الصينية المدعومة من البلاد على إنتاج المركبات الكهربائية منخفضة التكلفة، وبدأت سريعًا في التهام حصة في سوقها المحلية وحول العالم.

أظهر تقرير صادر عن “كوكس أوتوموتيف” أن حالة عدم اليقين تخيم على صناعة السيارات الأمريكية، مدفوعة بالتوقعات بأن الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في نوفمبر ستعيد تشكيل الاقتصاد أو تؤثر على أسعار الفائدة أو على مستويات التضخم.

82a965ee 1802 4c0f 89b8 c044716617c5 Detafour

لدى المرشحة الديمقراطية سجل حافل في دعم المبادرات البيئية والتطور التقني بصناعة السيارات، وربما ترتكز أجندتها على الأساس الذي وضعته إدارة “بايدن”.

وبالفعل أكدت “هاريس” على أهمية دعم إنتاج المركبات الكهربائية وربما إذا تولت الرئاسة ستدفع إدارتها نحو اتباع معايير أكثر صرامة بشأن الوقود، وتقدم حوافز كبيرة لإنتاج السيارات العاملة بالبطاريات.

كما أن تركيزها على البنية الأساسية قد يعزز الاستثمارات في شبكات شحن المركبات الكهربائية من أجل تهدئة مخاوف المستهلكين من مشكلة مدى قيادة تلك السيارات بالشحنة الواحدة.

بينما “ترامب” – المنتقد بشكل صريح للوائح البيئية الصارمة – فإن ولايته الأولى شهدت جهودًا كبيرة للتراجع عن العديد من تلك القيود لتقليل العبء التنظيمي على الشركات وتعزيز النمو الاقتصادي.

كما أن سياسته التجارية قد تؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية مع أسواق السيارات الرئيسية مثل الصين والاتحاد الأوروبي، وربما تسفر عن تعريفات انتقامية قد تؤثر على تصدير المركبات والأجزاء المصنوعة في أمريكا.

8d48f568 0f85 4573 b60b e0f6f294117b Detafour

وبالتالي فإن بيئة التجارة المعقدة قد تمثل تحديات للشركات الأمريكية التي تعتمد سلاسل توريدها على أجزاء من حول العالم.

وانتقد السياسات التي تهدف لدعم السيارات الكهربائية وهاجم السيارات العاملة بالهيدروجين، مصرحًا: عندما أكون رئيسًا، لن يُسمح لأي ولاية في أمريكا بحظر السيارات أو الشاحنات العاملة بالبنزين.

وذلك بعدما وافقت كاليفورنيا في أغسطس 2022 على خطتها التاريخية لإنهاء بيع المركبات التي تعمل بالبنزين فقط بالولاية بحلول 2035.

ورغم رفض إدارة الرئيس “جو بايدن” مرارًا وتكرارًا تأييد تحديد موعد للتخلص التدريجي من بيع المركبات العاملة بالبنزين فقط، إلا أنها منحت مليارات الدولارات في صورة ائتمانات ضريبية ومنح جديدة لتسريع التحول نحو السيارات الكهربائية.

لكن يأمل “بايدن” أن تكون 50% من المركبات الجديدة تعمل بالكهرباء بحلول 2030، لأنه يرى ذلك خطوة ضرورية لمنافسة الصين.

عاصمة السيارات في العالم

سعى “ترامب” للفوز بأصوات الناخبين في ميشيغان –وهي ولاية متأرجحة رئيسية في انتخابات هذا العام والتي تضم “ديترويت” مقر كبرى شركات صناعة السيارات– عن طريق الترويج لقدرته على إعادة إحياء الصناعة بها وإعادتها إلى مكانتها.

8d747576 5805 4d80 b5be cbe74413e6c7 Detafour

تعهد الرئيس الأمريكي السابق بتحويل ميشيغان إلى عاصمة السيارات في العالم مرة أخرى، وذكر في تجمع حاشد بمقاطعة ساجينو أنه سيعيد آلاف الوظائف التي فقدت عندما نقلت “جنرال موتورز” أكثر من 12 مصنعًا للمكسيك.

وقدم وعودًا جديدة: بموجب خطتي، لن يشعر العمال الأمريكيون بالقلق بعد الآن بشأن فقدان وظائفهم لصالح دول أجنبية، بل بدلاً من ذلك ستقلق الدول الأجنبية بشأن فقدان وظائفها لصالح أمريكا، نحن نعدهم جميعًا.

كما تعهد “بوقف الأذى الذي يلحقونه بنا على الفور”، قائلاً: ينتهي هذا الكابوس المروع للعمال الأمريكيين في اليوم الذي أقسم فيه اليمين الدستورية، “لقد انتهى الأمر”.

وتحدث في حرم جامعة “ساجينو فالي ستيت” بشكل مباشر عن الخسائر الهائلة للوظائف الصناعية في ميشيغان – وهي ولاية متأرجحة رئيسية – على مدى العقود الثلاثة الماضية.

قدم الملياردير وعودًا مماثلة في السابق قبل انتخابه لولايته الأولى -أي قبل 8 سنوات- لكنه فشل في الوفاء بها، وتحديدًا في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2016، أخبر “ترامب” حشدًا في ميشيغان “سأعيد وظائفكم” إذا تم انتخابه  “لن تخسروا مصنعًا واحدًا”.

وفي الحقيقة تراجع عدد الوظائف المتعلقة بصناعة المركبات وأجزاء السيارات في ميشيغان خلال ولاية “ترامب” الأولى أي قبل انتشار وباء “كوفيد-19”.

التغير في عدد الوظائف بصناعة السيارات في ميشيغان

الفترة

عدد الوظائف (بالألف وظيفة)

1978

409

يناير 2017

175

فبراير 2020

171.3

نهاية فترة ولاية “ترامب”

116.3

أغسطس 2024

165.8

وبالفعل شهدت الصناعة في الولاية بعض الاستثمارات الإضافية خلال الأربع سنوات الأولى التي قضاها “ترامب” في منصبه، لكن أغلقت أيضًا مصانع للسيارات بما يشمل مصنعا تابعا لشركة “جنرال موتورز” في 2019.

وذكر “سام فيوراني” نائب رئيس قسم التوقعات الخاصة بالمركبات لدى “أوتو فوركاست سوليوشزنز” أن أكثر من 22% من إنتاج السيارات في أمريكا كان يقع في ميشيغان بعام 2013، لكن تراجع ذلك إلى 14% في عام 2020 بسبب الوباء.

91f21713 1403 4c59 ad14 4c2cff0d14af Detafour

ووصفت نائبة الرئيس الحالي “كامالا هاريس” منافسها بأنه أحد أكبر الخاسرين بمجال التصنيع في تاريخ أمريكا، وأنه يقدم وعودًا فارغة تلو الأخرى للعمال الأمريكيين لكنه لا يفي بها أبدًا.

كان عدد الوظائف في تصنيع المركبات والأجزاء في ميشيغان حوالي 175 ألف وظيفة عندما تولى “ترامب” منصبه في يناير 2017، وفقًا لمكتب إحصاءات العمل، ثم انخفض العدد إلى 171.3 ألف في فبراير 2020 قبل أن تسجل الولاية أول حالات “كوفيد-19” في مارس من نفس العام، ما أدى لإغلاق مصانع السيارات لمدة 8 أسابيع.

ثم تراجع عدد الوظائف إلى 116.3 ألف وظيفة بحلول نهاية فترة ولاية “ترامب” أي بانخفاض 5% مقارنة مع وقت توليه المنصب.

وظل العدد مستقرًا نسبيًا خلال فترة الرئيس الحالي، إذ أظهرت البيانات الأولية لشهر أغسطس أن ميشيغان كان لديها 165.8 ألف وظيفة في تصنيع المركبات وأجزاء السيارات.

وضع السوق الحالي

سجلت شركات صناعة السيارات الأمريكية أداءً مختلطًا في الربع الثالث من هذا العام، مع تباطؤ الطلب، وتوقع المزيد من خفض الفائدة.

أداء مبيعات كبرى شركات صناعة السيارات في الولايات المتحدة خلال غشت

الشركة

نسبة تغير المبيعات على أساس سنوي

ستيلانتيس

(%20)

جنرال موتورز

(%2.2)

تويوتا

(%8)

فورد

%0.7

هوندا

%8

ووصل متوسط سعر السيارة في أغسطس إلى 47.87 ألف دولار، بانخفاض 1.7% عن نفس الفترة من العام الماضي، لكنه لا يزال أعلى بحوالي 23% عن المتوسط المسجل في ديسمبر 2019 أي قبل الوباء، وفقًا لبيانات “كيلي بلو بوك”.

يرى “تشارلي تشيسبرو” كبير خبراء الاقتصاد لدى “كوكس أوتوموتيف” أن المشترين ما زالوا يواجهون مشكلات القدرة على تحمل التكاليف، كما أن البعض يحجم عن الشراء بسبب عدم اليقين المحيط بالانتخابات الرئاسية.

وأشار أيضًا إلى حافز آخر يدفع المشترين للانتظار وهو توقع المزيد من الخفض في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي سواء خلال العام الحالي أو المقبل.

0
0
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى