متجاهلين مخاوف ذروة الطلب.. لماذا يستثمر المليارديرات أمثال بافت في شركات النفط؟
على الرغم من اللهجة التحذيرية التي تتبناها بعض بيوت الخبرة الغربية والمؤسسات المعنية على رأسها الوكالة الدولية للطاقة، بشأن آفاق قطاع النفط والغاز، لا يزال المليارديرات أمثال “وارن بافت” يستثمرون أموالًا طائلة في أسهم شركات الطاقة.
وعلى سبيل المثال، في هذا الشهر – وحتى 17 يونيو – استثمرت شركة “بيركشاير هاثاواي” التابعة لـ “بافت” نحو 435 مليون دولار في أسهم “أوكسيدنتال بتروليوم” بأسعار تصل إلى 60.43 دولار للسهم، ما عزز الحيازة الضخمة لها بالفعل.
وفي هذا الشهر أيضًا، أنفقت شركة الاستثمار التي تتخذ من المكسيك مقراً لها “كونترول إمبرساريال دي كابيتاليس- Control Empresarial de Capitales“، التابعة للملياردير “كارلوس سليم” 75.5 مليون دولار لشراء أسهم في “بي بي إف إنرجي- PBF Energy“.
واشترى “سليم” الأسهم مقابل 45.40 دولار للسهم في المتوسط خلال هذه الصفقة، ليرفع إجمالي مشترياته من أسهم “بي بي إف إنرجي” إلى ما يعادل 150 مليون دولار منذ يناير.
ولفهم سبب جذب أسهم الطاقة لهؤلاء المستثمرين المعروفين بذكائهم وتفوقهم على السوق في هذا الوقت، قدم محلل الطاقة “بن كوك”، الذي يدير صندوقي الاستثمار في الطاقة “هانسي إنرجي ترانزشن” و”هانسي ميدستريم إنفستور” بعض التفسيرات.
أوكسيدنتال بتروليوم
– هي واحدة من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، مع عمليات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبالطبع في الولايات المتحدة التي تمتلك فيها عمليات واسعة النطاق في منطقة الحوض البرمي.
– تعمل أيضًا “أوكسيدنتال” في مجال النقل والتخزين والإنتاج الكيميائي، ولديها أعمال احتجاز الكربون تحت اسم “أوكسي لو كربون فينتشرز- Oxy Low Carbon Ventures“.
– سددت “أوكسيدنتال” ديونًا ضخمة لشراء “أناداركو” في عام 2019، ولديها الآن نسبة استدانة معقولة تبلغ 2.1 ضعف الدين إلى الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، وولدت تدفقات نقدية تشغيلية بقيمة ملياري دولار وتقدم عائد توزيعات أرباح بنسبة 1.4%.
– حول شراء “بافت” لأسهمها، يقول “كوك”: “أوكسيدنتال اسم كبير ويتمتع بالسيولة واختيار سهل للرهان على النفط في الولايات المتحدة، وهناك سبب آخر، هو تأثير خفض الديون بسبب ارتفاع أسعار النفط”.
– يضيف “كوك”: “تتمتع معظم شركات الطاقة ذات القيمة السوقية الكبيرة بأولويات تخصيص رأس المال التي تعود بالنفع على حاملي الأسهم، وتعمل الشركات على خفض الديون وإعادة شراء الأسهم وزيادة الأرباح”.
بي بي إف إنرجي
– هي واحدة من أكبر شركات تكرير النفط المستقلة في الولايات المتحدة، وتدير 6 مصافي بالإضافة إلى خطوط الأنابيب والتخزين، وتتمتع بمحفزين محتملين للمستثمرين.
– أولاً، ركزت “بي بي إف” عام 2023 على إصلاح ميزانيتها العمومية، وسداد الديون، وتغطية الالتزامات البيئية، ولديها الآن نحو 1.4 مليار دولار نقدًا مقابل 1.2 مليار دولار من الديون.
– قالت المديرة المالية “كارين ديفيس” عند إعلان أرباح الربع الأول إن هذا يسمح للشركة بتعزيز عوائد المساهمين من خلال إعادة شراء الأسهم وتوزيعات الأرباح (تقدم الشركة عائد توزيعات أرباح بنسبة 2.3% وتواصل إعادة شراء الأسهم).
– المحفز المحتمل الثاني يكمن في الخارج، فإذا تسببت التوترات الجيوسياسية في تعطيل عمليات التكرير أو الشحن، فيجب أن تستفيد “بي بي إف” وغيرها من شركات التكرير التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها.
– قد يكون في كلام “كوك” شيء من الأهمية كبير، نظرًا لحقيقة أن صندوقيه تفوقا على منافسيهما على مدار السنوات القليلة الماضية، وفقًا لـ “مورنينجستار دايركت”، وفيما يلي أبرز تحليلاته بشأن أسهم الطاقة.
أبرز تحليلات بن كوك لآفاق أسهم الطاقة |
||
النقطة |
|
الشرح |
مخاوف الركود |
|
– أدت مخاوف الركود إلى انخفاض أسهم الطاقة إلى مستويات جذابة، وباع المستثمرون أسهم الطاقة منذ أبريل مع تنامي المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي أو الركود. – انخفض صندوقا “إنرجي سليكت سكتور إس بي دي آر” و”إس بي دي آر- إس آند بي أويل آند جاس إكسبلورشن آند برودكشن” المتداولين منذ 5 أبريل، فيما ارتفع مؤشر “إس آند بي 500”. – يقول “كوك”: “مع التراجع الأخير، بدأت أسهم الطاقة تبدو جذابة من حيث التقييم، وتعكس أسعار الأسهم تقديرات تشير إلى أن سعر النفط يتراوح بين 60 دولارًا و70 دولارًا للبرميل. – لكن خامي “نايمكس” و”برنت” يتداولان في نطاق من 80 دولارًا إلى 85 دولارًا للبرميل، ويعتقد “كوك” أن “نايمكس” سوف يتداول في هذا النطاق لبقية العام والعام المقبل، ويقول: “يحقق معظم منتجي الطاقة أداءً جيدًا مع هذه الأسعار”. |
دعم أوبك للأسواق |
|
– يقول “كوك” إن الطلب على النفط الخام يجب أن يظل مواتيًا جزئيًا بسبب القوة الاقتصادية المستمرة. – على جانب العرض، يتوقع أن يظل نمو الإنتاج الأمريكي طفيفًا للغاية، وأن تستمر منظمة البلدان المصدرة للنفط في دعم الأسواق. |
الذكاء الاصطناعي |
|
– سوف تجعل طفرة الذكاء الاصطناعي المستثمرين أكثر تفاؤلاً تجاه أسهم الطاقة، فقبل عام، اعتقد العديد من المستثمرين أن مصادر الطاقة المتجددة سوف تعمل قريبًا على خفض استهلاك النفط والغاز الطبيعي. – لكن الذكاء الاصطناعي غير ذلك، نظرًا لكمية الكهرباء التي تستخدمها مراكز البيانات، ويقول “كوك”: “الآن هناك اعتراف بأن معدل النمو في الطلب على الكهرباء سوف يستلزم التوسع في جميع أشكال الطاقة”. |
التنوع |
|
– يحتاج المستثمرون إلى التنويع بعيدًا عن التكنولوجيا، حيث كان جزءاً كبيراً من مكاسب مؤشر “إس آند بي 500” مدفوعًا بالارتفاع الكبير في عدد قليل من أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية الضخمة. – ترك هذا الكثير من مديري الأصول بحيازات كبيرة في هذه الأسهم، لكن وفقًا لـ “كوك”، فهناك حاجة لمديري المحافظ لتوسيع نطاق محافظهم، وأحد الخيارات التي قد يلجأون إليها هو الطاقة. |
الطلب على الغاز |
|
– سيظل الطلب على الغاز الطبيعي قويًا، حيث يشير التسعير في أسواق العقود الآجلة إلى أنه سوف يتداول فوق 3 دولارات لكل ألف قدم مكعب، في المتوسط، لبقية هذا العام، ويصل إلى 3.70 دولار أو أعلى العام المقبل، مقارنة بنحو 2.70 دولار الآن. – يعمل الطقس الحار هذا الصيف على زيادة الطلب على التبريد، ويمكن أن تتضاعف صادرات الغاز الطبيعي المسال على مدى السنوات الست المقبلة، وكل هذا يشير إلى قوة سعر الغاز الطبيعي، مما سيساعد شركات الطاقة. |
استثمارات تتحدى الخوف
– تأتي رهانات المستثمرين أمثال “بافت” و”سليم” على الرغم من التوقعات القاتمة الأخيرة لوكالة الطاقة الدولية، والتي أشارت إلى فائض كبير في إمدادات النفط العالمية بحلول نهاية العقد الجاري.
– تتوقع الوكالة ارتفاع إجمالي الطاقة الإنتاجية العالمية بمقدار 6 ملايين برميل يوميًا إلى ما يقرب من 113.8 مليون برميل بحلول عام 2030، ما يتجاوز الطلب العالمي المتوقع البالغ 105.4 مليون برميل بأكثر من 8 ملايين برميل يوميًا.
– في المقابل، قال “هيثم الغيص” الأمين العام لمنظمة “أوبك”، إن ذروة الطلب على النفط لا تلوح في الأفق، مضيفًا أن النفط من المقرر أن يلعب دورًا رئيسيًا في حياة الإنسان لسنوات وعقود قادمة.
– ذكر الغيص في مقال هذا الشهر: “دعوات وقف الاستثمار في مشاريع النفط الجديدة، تكررت، مع توقعات ببلوغ الطلب على النفط ذروته قبل عام 2030، وهو تعليق خطير، خاصة للمستهلكين، ولن يؤدي إلا إلى تقلبات للطاقة على نطاق غير مسبوق”.