ما المتوقع لصناعة النفط الأمريكية حال فوز ترامب؟ وهل بإمكانه خفض تكاليف الطاقة؟
تعهد المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية “دونالد ترامب” بخفض فواتير الطاقة المنزلية بمقدار النصف من خلال تغيير سياسة إنتاج الطاقة والتصنيع في عامه الأول في فترة ولايته الثانية حال عودته للبيت الأبيض، مشيرًا إلى أن التغيير في إنتاج الطاقة من شأنه المساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي.
وأوضح “ترامب” هذا الأسبوع في منشأة تصنيع دفاعية قائلاً: يتعين علينا خفض أسعار الطاقة، نعتزم خفضها إلى النصف خلال اثني عشر شهرًا وبحد أقصى 18 شهرًا، وأنه سيحقق ذلك من خلال إنهاء التفويضات المتعلقة بالمركبات الكهربائية وإلغاء السياسات التنظيمية المتعلقة بالطاقة الخضراء.
واستهدف سياسات الطاقة لإدارة الرئيس الحالي “بايدن” بما في ذلك حظر التعدين في ألاسكا والتكسير الهيدروليكي في بنسلفانيا، وتعهد بالحفاظ على محطات الفحم مفتوحة في أنحاء البلاد إلى جانب خط أنابيب النفط “كيستون” -المصمم لجلب المزيد من الخام الكندي لمصافي التكرير الأمريكية-، وهي القرارات التي قال إنها ستساعد في خفض أسعار الطاقة.
وذلك بعدما سعى الجمهوريون لحث “ترامب” للتركيز على تكلفة المعيشة وغيرها من القضايا الاقتصادية الرئيسية بدلاً من الإساءة الشخصية للمرشحة الديمقراطية “كامالا هاريس”.
سياسة النفط بين “هاريس” و”ترامب”
في ظل الإدارة الأمريكية الحالية، قفزت أسعار الطاقة في البلاد بأكثر من 30% في العام الذي سبق غزو روسيا لأوكرانيا في 2022، ما أدى لارتفاع الأسعار أكثر، لكنها تتباطأ حاليًا، إذ أظهرت بيانات التضخم الأخيرة أن الأسعار ارتفعت 1.1% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، بينما ارتفعت أسعار الكهرباء 4.9%.
وأوضح “ترامب” أن خطته لخفض الأسعار بصورة أكبر ستعتمد على خفض القيود التنظيمية والموافقة على مشاريع تعدين مثل محمية الحياة البرية الوطنية القطبية في ألاسكا، وخط أنابيب “كيستون”، قائلاً: لقد فهمت الأمر، لقد أوقفوه، كنا نبيع النفط والغاز حول العالم، وسنبدأ في ذلك مجددًا قريبًا، قريبًا جدًا، وستنخفض أسعاركم.
وحذر الرئيس الأمريكي السابق من أن فوز “هاريس” يعني زيادة تكاليف الطاقة 3 أو أربع أضعاف وأن الولايات المتحدة “لن تنتج قطرة نفط”.
وألقى باللوم على إدارة الرئيس الحالي “بايدن” في إغلاق محطات الطاقة، قائلاً: عند توليهما منصبيهما، أغلق “بايدن” ونائبته “هاريس” خط أنابيب “كيستون إكس إل” وأصدرا أوامر بإغلاق عشرات وعشرات محطات الطاقة القائمة.
وبالفعل انتقد الجمهوريون مرارًا وتكرًارًا سياسات “بايدن” المناخية وألقوا باللوم عليه في المساس باستقلال الطاقة للولايات المتحدة من خلال الحد من إنتاج النفط والغاز ورفع أسعار الوقود.
يذكر أن “هاريس” قالت إنها ستحظر التكسير الهيدروليكي -الذي يدعمه “ترامب”-، لكن فريق حملتها صرح لوسائل الإعلام أنها لن تفعل ذلك.
لا يزال “ترامب” مؤيدًا لما يصفه بهيمنة الولايات المتحدة على الطاقة، وشجع إنتاج أكبر قدر ممكن من النفط والغاز لتحويل البلاد إلى الاكتفاء الذاتي من حيث الطاقة، وتوسيع نفوذها الدولي من خلال صادرات الطاقة، وقال في مقابلة سابقة مع “بلومبرج” إنه إذا عاد للبيت الأبيض فسيعزز إنتاج النفط ووصفه بالذهب السائل.
ما وضع القطاع تحت قيادة “بايدن”؟
في ظل إدارة “بايدن”، ازدهرت صناعة النفط والغاز الأمريكية وفقًا لأغلب المقاييس الرئيسية على الرغم من كون الحكومة الأكثر تأييدًا للطاقة المتجددة على الإطلاق بسبب تشريعات غيرت قواعد اللعبة مثل قانون خفض التضخم وقانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف.
وزادت أرباح أكبر 5 شركات نفط مدرجة في البلاد: “إكسون موبيل” و”شيفرون كورب” و”بي بي” و”توتال إنرجيز” و”شل” إلى 410 مليارات دولار خلال السنوات الثلاث الأولى من إدارة “بايدن”، بزيادة 100% مقارنة بالفترة المماثلة من رئاسة “ترامب”، وترجع تلك الزيادة لارتفاع أسعار النفط الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وحقق مستثمرو شركات النفط والغاز مكاسب سخية، مع ارتفاع أسهم الطاقة 117% منذ تولي “بايدن” الرئاسة، مقارنة مع انخفاضها 49% في نفس الفترة من عهد “ترامب”.
كما زاد إنتاج النفط الخام والغاز الطبيعي في أمريكا إلى مستويات قياسية في عهد “بايدن”، ووصل متوسط إنتاج النفط بما يشمل المكثفات 12.9 مليون برميل يوميًا في 2023، وتوقع “جولدمان ساكس” نمو الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميًا في العام الحالي.
ما المتوقع؟
يتوقع “سيتي جروب” أن قطاع الطاقة الأمريكي حال فوز “هاريس” سيكون إلى حد كبير بمثابة استمرار لسياسات “بايدن”، بينما فوز “ترامب” سيكون تأثيره هبوطي على أسعار النفط بسبب التعريفات الجمركية والسياسات وإلغاء القيود التنظيمية والسياسات المؤيدة للنفط والغاز، وهو ما قد يدفع “أوبك” لزيادة إمدادات النفط في السوق.
كما أنه من غير الواضح كيف سيشجع “ترامب” المنتجين في البلاد على زيادة الإنتاج، لأن كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال النفط ليس لديهم الرغبة في رفع إنتاجهم بصورة كبيرة، بسبب استهدافهم تحقيق الانضباط المالي والتركيز على عوائد المساهمين.
أما عن الطاقة المتجددة، فتوقعت شركة تحليلات الطاقة “وود ماكنزي” أن ولاية “ترامب” الثانية قد تؤدي لزيادة انبعاثات الكربون بمقدار مليار طن بحلول عام 2050، وتأخير الوصول لذروة الطلب على الوقود الأحفوري لمدة 10 سنوات.