ما السبب وراء تباطؤ نمو إنتاج النفط الأمريكي؟ وهل سيؤثر على الأسعار؟
لعب إنتاج النفط الأمريكي المتنامي دورًا كبيرًا في أسواق الطاقة منذ الوباء، مما أدى لانخفاض أسعار النفط العالمية حتى مع خفض “أوبك” للإنتاج، ولكن الأمور تتغير حاليًا، لأن هناك دلائل تشير إلى تباطؤ نمو الإنتاج في أمريكا، وهو ما قد يؤدي لارتفاع أسعار النفط في العام المقبل.
ووصل متوسط إنتاج النفط الخام في أمريكا إلى 13.25 مليون برميل يوميًا في أبريل، أي بزيادة 72 ألف برميل يوميًا عما كان عليه في مارس، ورغم ذلك إلا أن النمو يعد متواضع نسبيًا ويجعل مستوى الإنتاج أقل من ديسمبر.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ارتفع متوسط إنتاج النفط الخام الأمريكي اليومي بمقدار مليون برميل يوميًا إلى 12.9 مليون في 2023، لكنها تتوقع النمو هذا العام بحوالي 300 ألف برميل يوميًا.
وتتوقع “ريستاد إنرجي” نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة بمقدار 250 ألف برميل يوميًا فقط هذا العام، وبمعدل أقل من ذلك في 2025.
ويتوقع أغلب المحللين زيادة إنتاج النفط بما يقل عن 500 ألف برميل يوميًا في 2024، أي حوالي نصف معدل الزيادة في العام الماضي.
تأثير عمليات الاندماج والاستحواذ
بعد موجة الاستحواذات التي شهدها قطاع النفط الأمريكي العام الماضي، أصبح من غير المحتمل أن تفاجىء الولايات المتحدة أسواق النفط بنمو قوي للإنتاج هذا العام مثلما حدث في 2023، وذلك لأن الشركات المستحوذة عادة ما تخصص مواقع حفر للمستقبل بدلاً من ضخ أكبر قدر ممكن في الوقت الحالي.
وعلى سبيل المثال، وافقت “دايموند باك إنرجي” مؤخرًا على شراء “إنديفور إنرجي ريسورسز” مقابل 26 مليار دولار، وكان إنتاج الأخيرة ينمو بمتوسط 20% سنويًا منذ الوباء، ولكن بمجرد اتمام الإتفاق فإنها تخطط للحد من ذلك.
وكذلك أكدت “كونوكو فيليبس” أن الكفاءة وتحقيق عوائد للمساهمين سيكون لهما أولوية عندما أعلنت شراء “ماراثون أويل” في وقت سابق هذا العام.
وأوضحت شركة الأبحاث “ريستاد إنرجي” أن الكيانات الجديدة التي تنتج عن عمليات الاستحواذ تحفر آبار أقل عما كانت تفعله الشركتين بشكل منفصل في السابق.
وذكر المحلل “كلاوديو جالمبرتي” المحلل لدى “ريستاد إنرجي” أن خفض التوقعات بشأن معدل نمو الإنتاج يعكس التراجع في إنتاج النفط في الحوض البرمي بسبب التراجع المستمر في النشاط والاندماجات والاستحواذات التي تمت في القطاع.
منصات الحفر
لكن بالطبع، من الصعب للغاية التنبؤ بإنتاج النفط الصخري، لأن شركات مثل “إكسون موبيل” و”شيفرون” ترفع إنتاجها بحوالي 10% سنويًا، وهناك شركات من صغار المنتجين لا تعلن عن خطط نموها.
وذكر “جون جيرديس” المحلل لدى شركة الأبحاث “جيرديس إنرجي ريسيرش”: يبدو أن الإنتاج غير قادر على تحقيق المزيد من النمو الذي يغير السوق بالنظر للوضع الاقتصادي المتطور لهذه الصناعة، وارتفاع مستوى الإنتاج الأمريكي ونضج الموارد.
إلى جانب أن شركات النفط خفضت عدد منصات الحفر التي تستخدمها، مما يؤدي إلى انخفاض إلإنتاج، فعلى مدار الأسابيع الخمسة الماضية، خفض المنتجين العدد بمقدار 18 منصة إلى 479 منصة، حسب بيانات “بيكر هيوز”، بانخفاض قدره 66 منصة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
ورغم تراجع عدد المنصات، يرى محللون أن المنتجين تمكنوا من الاستمرار في زيادة الإنتاج باستخدام تقنيات تتيح لهم ضخ النفط بكفاءة أكبر، لكن المكاسب الناتجة عن تلك الكفاءة قد تتضاءل قريبًا.
كما أصبح المنتجين لا يميلوا للرد على كل ارتفاع في الأسعار من خلال زيادات كبيرة في عمليات الحفر التي قد تؤدي في النهاية إلى إغراق السوق بالنفط وانخفاض الأسعار.
التأثير على الأسعار
يتوقع “جالمبرتي” أن يساعد تباطؤ نمو الإنتاج الأمريكي في الحفاظ على أسعار خام برنت قوية خلال العام المقبل.
وبعد ارتفاع أسعار خام برنت 13% هذا العام، تتوقع “ريستاد” وصول متوسط السعر إلى 84 دولارًا في العام المقبل.
ورغم تباطؤ الإنتاج الأمريكي إلا أن هناك مناطق أخرى في العالم يتزايد فيها الإنتاج بما في ذلك البرازيل وغيانا، كما من المتوقع أن تبدأ “أوبك” زيادة إنتاجها في أكتوبر، كما أنه قد يصعد لاعبون آخرون في السوق.