ماسك وآخرون: تأثير المال ونفوذه في الانتخابات الأمريكية
حمل انضمام أغنى أثرياء الكوكب “إيلون ماسك” إلى تجمع سياسي مؤيد للرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، الكثير من المعاني أوضح معظمها المؤلف “جين ماير” في كتابه “الأموال السوداء” Dark Money.
وتعمق الكتاب في توضيح كيف يستخدم الأثرياء في الولايات المتحدة -التي تستأثر بنحو 29% من مليارديرات الأرض- أموالهم للتأثير على النظام السياسي.
كما تناول دور العائلات الثرية في تمويل الحملات السياسية، وتشكيل جماعات ضغط، وإنشاء مؤسسات فكرية تهدف إلى التأثير على السياسات العامة هناك.
الكتاب كشف النقاب أيضاً عن دور المال الخفي في دعم مرشحي الرئاسة، وتوجيه السياسات لدعم مصالحهم الخاصة، كما أبرز دور التحالفات بين السياسيين وأصحاب المليارات في السعي لتغيير النظام السياسي والاقتصادي لصالحهم.
“ماسك” لم يكن الوحيد من الأثرياء الذي أعلن موقفه من مرشحي الرئاسة، بل هناك العديد منهم الذي قدم التبرعات العلانية إما لمعسكر الجمهوريين أو الديمقراطيين.
انضمام “ماسك” إلى “دونالد ترامب” في تجمعه الانتخابي يوم السبت في مدينة بنسلفانيا، حيث نجا الرئيس السابق من محاولة اغتيال، سبقه ترويج الملياردير الشهير لحضور التجمع عبر تغريدة على منصته الاجتماعية إكس قائلاً: “سأكون هناك لدعمك”.
وأكدت حملة “ترامب” حينها أن الرئيس التنفيذي لشركتي تسلا وسبيس إكس سيكون من بين الضيوف المميزين الحاضرين.
وتعتبر تلك المرة الأولى التي يظهر فيها رجل الأعمال علناً في حدث انتخابي للرئيس السابق منذ تأييده له.
وجاء تأييده مباشرة بعد محاولة الاغتيال في شهر يوليو السابق، حيث غرد “ماسك” على إكس “أؤيد الرئيس ترامب تماماً، وآمل في تعافيه السريع”.
عزز “ماسك” دعمه لـ”ترامب” في الأشهر الأخيرة، حتى إنه وافق على قيادة لجنة حكومية إذا فاز ترامب بإعادة انتخابه.
كما أنشأ لجنة عمل سياسي لدعم المرشح الجمهوري، أنفقت بكثافة على جهود حث الناخبين على التصويت في الأشهر الأخيرة من الحملة.
وأقيم التجمع يوم السبت في المكان نفسه الذي أصابت فيه رصاصات مسلح أذن “ترامب” اليمنى وقتلت أحد مؤيديه، وأسفر إطلاق النار عن إصابة آخرين.
وحتى أكتوبر الجاري، حافظ “إيلون ماسك” على ترتيبه كأغنى شخص في العالم، بثروة قدرها 270.5 مليار دولار، بزيادة قاربت 27 مليار دولار في شهر واحد بفضل ارتفاع سهم تيسلا، وكان “ماسك” ثاني أكبر الرابحين بعد “لاري إليسون” لهذا الشهر.
في حين يحظى ترامب بتأييد ماسك فإن “جيف بيزوس” مؤسس أمازون والمنافس السابق لـ”ماسك” على لقب أغنى رجل في العالم، كان دائماً يُصنف ضمن معارضي ترامب.
واشتبك “بيزوس” -الذي حل في المرتبة الثالثة في قائمة فوربس لأغنى أثرياء العالم- مع ترامب في أكثر من مناسبة، خاصة بعد هجمات ترامب المتكررة على صحيفة واشنطن بوست، التي يمتلكها “بيزوس”.
يعتبر “بيزوس” من داعمي السياسات الليبرالية التي تميل إلى تحسين ظروف العمل والحقوق الاجتماعية.
وفي سبتمبر الماضي اتهمت حملة “دونالد ترامب” شركة أمازون بالتدخل في الانتخابات بعد ظهور مقاطع فيديو تظهر مساعدها الافتراضي “أليكسا” وهو يعطي إجابات مختلفة عند سؤاله عن التصويت له أو لـ”هاريس”.
واعترفت أمازون بالخطأ وقالت إنه تم تصحيحه الآن، بعد أن نُشرت مقاطع فيديو على منصة إكس لإجابة أليكسا على الأسئلة: “لماذا يجب أن أصوت لكامالا هاريس؟” و”لماذا يجب أن أصوت لدونالد ترامب؟”.
وعندما سأل أحد المستخدمين أليكسا عن مزايا التصويت للمرشحة الديمقراطية، قدم المساعد الافتراضي لأمازون أسباباً، بما في ذلك أنها “مرشحة قوية ولديها سجل حافل” وأنها “كسرت حاجزاً كبيراً بين الجنسين”.
وعندما سُئل السؤال نفسه عن ترامب، أجاب “لا يمكنني الترويج لمحتوى يروج لحزب سياسي معين”.
موقف أبرز أغنى الأثرياء من دعم مرشحي الرئاسة وفقاً لقائمة بلومبرج |
||||||
الاسم |
|
قيمة الثروة (بالمليار دولار) |
|
المرشح الذي يدعمه |
|
قيمة التبرعات |
إيلون ماسك (الرئيس التنفيذي لتيسلا) |
|
269.90 |
|
ترامب |
|
67.00 مليون دولار |
ستيفن شوارزمان رئيس بلاكستون |
|
50.00 |
|
ترامب |
|
419.60 ألف دولار |
توماس بيترفي رئيس انتراكتيف بروكرز |
|
41.40 |
|
ترامب |
|
44.60 ألف دولار |
ميريام أديلسون (مالكة معظم أسهم لاس فيجاس ساندس) |
|
34.60 |
|
ترامب |
|
5.84 مليون دولار |
إريك شميت الرئيس التنفيذي السابق لألفابيت |
|
32.10 |
|
هاريس |
|
2.76 مليون دولار |
داستن موسكوفيتز المؤسس المشارك لشركة ميتا |
|
26.60 |
|
هاريس |
|
3.93 مليون دولار |
جيف هالدبراند مؤسس ومالك هيلكورب إنرجي |
|
17.70 |
|
ترامب |
|
3.30 ألف دولار |
شريستي والتون زوجة ابن مؤسس وول مارت |
|
16.20 |
|
هاريس |
|
غير متوفر |
هارولد هام رئيس كونتيننتال ريسورس |
|
14.40 |
|
ترامب |
|
617.00 ألف دولار |
وقامت بلومبرج بتجميع قائمة بأغنى الأميركيين الذين دعموا أحد المرشحين الرئاسيين، إما بالقول أو بالفعل.
وفقاً لبيانات تلك القائمة فإن أغلب الأثرياء يؤيدون ترامب، إذ حصل الرئيس السابق على ما لا يقل عن 34.4 مليون دولار من 14 عضواً في قائمة الأثرياء-بإستثناء ماسك- مقابل 16.8 مليون دولار تلقتها حملة هاريس من 21 شخصاً، بما في ذلك أولئك الذين تبرعوا لحملة بايدن قبل تنحيه، وتم تحويل هذه المساهمات إليها عندما أصبحت المرشحة.
ويرجع تقدم “ترامب” إلى ثلاثة مانحين هم “ميريام أديلسون” و”ديان هندريكس” و”كيلسي وارن”، الذين قدم كل منهم أكثر من 5 ملايين دولار.
ومن بين أغنى مانحي المليارديرات لـ”هاريس” الرئيس التنفيذي السابق لشركة جوجل “إريك شميت”، والمؤسس المشارك لشركة ميتا بلاتفورمز “داستن موسكوفيتز”، ووضع كل منهما ملايين الدولارات دعماً لترشيحها.
ومع ذلك، تفوقت هاريس على ترامب بشكل عام، إذ جمعت المرشحة الديمقراطية 81 مليون دولار في اليوم الأول بعد خروج بايدن، الذي وصفته حملتها بأنه أكبر حملة جمع تبرعات على مدار 24 ساعة لأي مرشح في التاريخ.
وفي بداية سبتمبر كان لدى “هاريس” 404 ملايين دولار في البنك، متجاوزة 295 مليون دولار لـ”ترامب”.
أما “مايكل بلومبرج”، مؤسس شركة بلومبرج إل بي، الشركة الأم لبلومبرج نيوز، فهو أحد المتبرعين الرئيسيين للديمقراطيين، وتبرع بمبلغ 19 مليون دولار للجنة العمل السياسي لصندوق “بايدن” حينما كان الرئيس الأمريكي الحالي مرشحاً للرئاسة قبل انسحابه.
مع اقتراب يوم الانتخابات المقرر في 5 نوفمبر المقابل، يتزايد نشاط حملات الدعاية الانتخابية، ويلعب المال دوراً ضرورياً لإيصال رسالة هذه الحملات إلى الناخبين.
وبينما جمعت كلتا الحملتين ملايين الدولارات من المتبرعين الصغار والمليارديرات، فإن قوة ونفوذ المليارديرات يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على أي إدارة محتملة.
وقبل يومين أعلن مساعدو الرئيس السابق “دونالد ترامب” أنه جمع 160 مليون دولار لحملته في سبتمبر ودخل أكتوبر بمبلغ 283 مليون دولار في البنك للسباق النهائي للحملة.
رقم جمع التبرعات لشهر سبتمبر، الذي أصدرته حملة ترامب يعد أعلى من 130 مليون دولار أبلغ عن جمعها في أغسطس، ويشمل الأموال التي جمعتها حملة “ترامب” واللجان التابعة لها.
ورغم أن نائبة الرئيس “كامالا هاريس” لم تعلن عن أرقام جمع التبرعات الخاصة بها للشهر بالكامل، لكن الأرقام التي تم إصدارها سابقاً تشير إلى أنها ستتجاوز حصيلة ترامب.
وقال مساعدو هاريس إنها جمعت 55 مليون دولار خلال جولة لجمع التبرعات عبر كاليفورنيا وحدها في عطلة نهاية الأسبوع، وفي عطلة نهاية الأسبوع السابقة جمعت 27 مليون دولار في حملة جمع تبرعات مزدحمة في مدينة نيويورك، التي كانت في ذلك الوقت أكبر حصيلة لجمع التبرعات منذ ترشحها بدلاً من الرئيس “جو بايدن”، وفقاً لمساعد حملة “هاريس”.
ورغم أن هاريس تملك أموالاً أكثر كثيراً من ترامب، فإن الرئيس السابق يحظى بدعم من الإعلانات باهظة الثمن التي تبثها مجموعات خارجية ثرية تدعمه بحسب وكالة أسوشيتد برس.
وقال “بريان هيوز”، أحد كبار مستشاري حملة “ترامب”، في بيان: “لقد سمح لنا هؤلاء المؤيدون بجمع الأموال التي نحتاج إليها مع انتقالنا إلى الأسابيع الأخيرة من الحملة، ويستمر زخمنا في النمو من المؤيدين والمانحين في جميع أنحاء البلاد مع دخولنا المرحلة الأخيرة نحو النصر”.
في المقابل أظهر تقرير حديث نشرته صحيفة واشنطن بوست أن حملة مرشحة الحزب الديمقراطي أنفقت 263 مليون دولار على قطاع الإعلانات منذ نهاية المؤتمر الديمقراطي في 22 غشت الماضي إلى الرابع من أكتوبر الجاري.
ويشكل هذا الرقم أكثر من ضعفي المبلغ الذي أنفقته حملة منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، البالغ 109 ملايين دولار، وفقاً لأحدث تقارير الإنفاق لمؤسسة ادامباكت (AdImpact).
ومن بين قائمة فوربس لأغني 10 أثرياء على الكوكب حتى بداية الشهر الحالي، يوجد ثمانية يحملون الجنسية الأمريكية، واثنان فقط يحملان جنسيات أخرى.
قائمة فوربس لأغني 10 أثرياء في العالم حتى الأول من أكتوبر الحالي |
||||||
الترتيب |
|
الاسم |
|
قيمة الثروة (بالمليار دولار) |
|
الجنسية |
1 |
|
إيلون ماسك |
|
270.5 |
|
أمريكي |
2 |
|
لاري إليسون |
|
208.0 |
|
أمريكي |
3 |
|
جيف بيزوس |
|
204.3 |
|
أمريكي |
4 |
|
مارك زوكربيرج |
|
198.0 |
|
أمريكي |
5 |
|
برنارد أرنو |
|
195.5 |
|
فرنسي |
6 |
|
وارن بافيت |
|
144.9 |
|
أمريكي |
7 |
|
لاري بيج |
|
137.9 |
|
أمريكي |
8 |
|
أمانسيو أورتيجا |
|
133.0 |
|
إسباني |
9 |
|
سيرجي برين |
|
132.0 |
|
أمريكي |
10 |
|
ستيف بالمر |
|
125.5 |
|
أمريكي |
وتستأثر الولايات المتحدة بنسبة كبيرة من أثرياء العالم، إذ تضم الآن رقماً قياسياً يبلغ 813 مليارديراً تبلغ ثروتهم مجتمعة 5.7 تريليون دولار.
وبحسب بيانات فوربس فإن هناك 2781 مليارديراً على هذا الكوكب خلال عام 2024، بزيادة 141 على العام الماضي، وأكثر بـ26 ثرياً من الرقم القياسي المسجل في عام 2021.
وبلغت ثرواتهم 14.2 تريليون دولار في المجموع، بزيادة تريليوني دولار على عام 2023، و1.1 تريليون دولار فوق الرقم القياسي السابق، الذي تم تسجيله أيضاً في عام 2021.
وتأتي الصين في المرتبة الثانية، حيث يبلغ عدد المليارديرات فيها 473 مليارديراً (بما في ذلك هونج كونج) بقيمة 1.7 تريليون دولار، رغم ضعف الإنفاق الاستهلاكي وانهيار سوق العقارات الذي ساعد في محو نحو 300 مليار دولار من الثروة.
وتحتل الهند، التي لديها 200 ملياردير (وهو رقم قياسي أيضاً)، المرتبة الثالثة.