دائماً ما كانت ولاية ديلاوير الصغيرة هي الموطن الأكثر شعبية للشركات الأميركية، حيث تأسس نحو 70% من الشركات المدرجة على قائمة “فورتشن 500″. غير أن عدداً من كبار رجال الأعمال بدأ يتحدى سلطة الولاية على الشركات، وفي مقدمتهم إيلون ماسك. ففي العام الماضي، نقل اثنتين من الشركات الست التي يسيطر عليها –إكس كورب” (X Corp) و”بورينغ كومباني” (Boring Company)- من ديلاوير إلى ولاية نيفادا، حيث أسس شركته “إكس إيه آي” (xAI) في البداية. والآن، نقل شركتين أخريين من ديلاوير، هما “نيورالينك” (Neuralink) إلى نيفادا و”سبيس إكس” (SpaceX) إلى تكساس، حيث يأمل أيضاً في نقل شركته “تسلا”.
1- لماذا ديلاوير الاختيار الشائع للتأسيس؟
كانت ما تعرف بـ”الولاية الأولى”، لكونها أول ولاية أميركية صادقت على الدستور عام 1787، الوجهة المفضلة للشركات التي تسعى إلى التأسيس، وذلك منذ فترة طويلة، بسبب مجموعة متطورة من قوانين حوكمة الشركات والأحكام الصادرة عن محاكم الولاية على مدى 125 عاماً، والتي توفر حماية قوية لأعضاء مجلس الإدارة والمديرين التنفيذيين. ويُعرف قضاة محكمة الإنصاف في الولاية بأنهم خبراء في قانون الأعمال ويمكنهم البت بالقضايا سريعاً. وتشهد ديلاوير التقاضي في معظم نزاعات الاندماج والاستحواذ رفيعة المستوى دون هيئة محلفين. بل إن الشركات الأجنبية تأتي إلى الولاية لحل النزاعات فيما بينها.
2- ما هي مشكلة ماسك مع ولاية ديلاوير؟
واجه الملياردير انتكاستين قانونيتين في ديلاوير. ففي أواخر يناير، أبطل أحد قضاة الولاية حزمة مكافآت ماسك في “تسلا” والبالغة 55.8 مليار دولار -وهي الأكبر في تاريخ الشركات الأميركية- بعد أن ادعى أحد المستثمرين أنها معيبة بسبب تضارب المصالح والإفصاحات المضللة من قبل شركة السيارات الكهربائية.
وبعد ذلك، قال ماسك إنه سيستدعي المساهمين للتصويت على نقل “تسلا” إلى تكساس. وفي 2022، وجه قاضي محكمة الإنصاف نفسه ضربة لماسك في أحكام سابقة للمحاكمة في ما يتعلق بجهوده للتراجع عن عرضه البالغ 44 مليار دولار لشراء شركة “تويتر”، والتي تُعرف الآن باسم “إكس”. وفي النهاية تخلى عن هذا المسعى. وبعد الانتكاسة التي تعرض لها راتبه، نشر ماسك على “إكس” يقول “لا تؤسس شركتك في ولاية ديلاوير أبداً”.
3-لماذا نيفادا؟
توفر قوانين الشركات في الولاية المزيد من الحماية المديرين التنفيذيين من دعاوى المستثمرين. وبالإضافة إلى ذلك، ليس لدى الولاية ضريبة دخل على الشركات أو ضريبة امتياز للشركات. تريد شركات أخرى، منها موقع السفر “تريب أدفايزور” (TripAdvisor)، أن تحذو حذو “إكس” في الانتقال إلى نيفادا، لكن بعض المساهمين في الشركة رفعوا دعوى قضائية لمنع هذه الخطوة، قائلين إن المالك غريغ مافي يريد الذهاب إلى ولاية ستضر قوانينها، التي تخفض الالتزامات عن الشركات، بالمستثمرين. القضاء يلغي دعم أجور لماسك بـ55 مليار دولار يهدد بتراجع ثروته الأكبر في العالم.
4- لماذا تكساس؟
تجتذب الولاية الرؤساء التنفيذيين وشركاتهم منذ سنوات من خلال الترويج لإجراءاتها التنظيمية البسيطة وضرائبها المنخفضة. فولاية تكساس لا تفرض ضرائب على الدخل أو أرباح رأس المال للأفراد. بالإضافة إلى ذلك، يملك ماسك بالفعل وجوداً قوياً هناك. فالمقر الرئيسي لشركة “تسلا” يقع في أوستن منذ 2021، ولدى “سبيس إكس” مرافق اختبار وتصنيع وإنتاج في جميع أنحاء الولاية. وقد تكون سياسات “ولاية النجم الوحيد”، حسبما تُعرف، أيضاً جذابةً بالنسبة إلى ماسك. ومنع المشرعون في ولاية تكساس في الآونة الأخيرة الجامعات العامة من الاحتفاظ بمكاتب للتنوع والمساواة والشمول، متطرقين إلى موضوع انتقده الملياردير كثيراً.
5-هل هناك مخاطر للانتقال إلى تكساس؟
على عكس ديلاوير، لا يوجد في تكساس محاكم تجارية بها قضاة على دراية جيدة بقانون الأعمال. ويأمل زعماء الولاية تغيير ذلك. وفي العام الماضي، تحركوا لإنشاء مثل هذه المحاكم في مدن تكساس الكبرى، في محاولة لتبسيط إجراءات نزاعات الشركات. ولن تُفتتح هذه المحاكم قبل سبتمبر، ولم يتحدد بعد الكثير عن كيفية عملها. وتجد الولاية صعوبة في الاستعانة بقضاة يتمتعون بخبرة 10 سنوات أو أكثر في الدعاوى التجارية المدنية المعقدة بسبب رفضها زيادة أجور القضاة. وسيكون الراتب المبدئي للقاضي في المحاكم التجارية 140 ألف دولار سنوياً. وبالمقارنة، يبدأ راتب قاضي ديلاوير بـ185 ألفاً تقريباً.
