لماذا تواصل الشركات وخاصة التكنولوجية عمليات تسريح العمالة؟
سرحت شركات قطاع التكنولوجيا حول العالم أكثر من 34 ألف موظف في الفترة بين الأول من يناير وحتى الثالث عشر من فبراير هذا العام، حسب بيانات الموقع الذي يتتبع الصناعة “Layoffs.fyi”، وذلك لتعديل حجم قوتها العاملة، ومن أجل الاستثمار في مجالات جديدة.
وفي يناير، أعلنت الشركات الأمريكية خططًا لخفض 82.307 ألف وظيفة، بارتفاع 136% عن ديسمبر، حسب بيانات “تشالنجر جراي أند كريسماس”، ومن بين أسباب عمليات خفض العمالة والتي استمر الإعلان عنها هذا الشهر تقليص النفقات مع التركيز في مجالات جديدة على رأسها الذكاء الاصطناعي، وبذلك تستمر موجة تسريح العمالة التي بدأت في عام 2022.
وعلى سبيل المثال، أعلنت “جوجل” التابعة لـ “ألفابت” تسريح مئات العاملين بفرق المساعدة الرقمية والهندسة كجزء من جهودها المستمرة لخفض التكاليف والتركيز على الذكاء الاصطناعي، وتخطط “أمازون” لخفض مئات الوظائف بقسم الرعاية الصحية، بعدما خفضت إجمالي 27 ألف وظيفة في 2022 و2023.
ومع استمرار عمليات تسريح العمالة هذا العام على الرغم من استقرار الفائدة وازدهار سوق العمل في قطاعات أخرى، فإن القوى العاملة في قطاع التكنولوجيا تشعر باليأس والارتباك.
عدد الوظائف التي سرحها قطاع التكنولوجيا حول العالم |
|
الفترة |
عدد الوظائف التي تم خفضها |
يناير – فبراير 2024 |
34.250 |
الربع الرابع 2023 |
22.753 |
الربع الثالث 2023 |
25.535 |
الربع الثاني 2023 |
46.420 |
الربع الأول 2023 |
167.534 |
وخارج قطاع التكنولوجيا، أعلنت في الأسابيع الأخيرة شركات منها “نايكي” و”باي بال” و”سيسكو سيستمز” و”يو بي إس” عن خطط تسريح للعمالة.
أسباب وأهداف
في العام الماضي، قامت الشركات بتحركات كبرى في مجال الكفاءة، وفي “ميتا” عرف مديرها التنفيذي “مارك زوكربيرج” 2023 بعام الكفاءة، مع خفض النفقات والتخلص من عدد كبير من الوظائف، كما أعادت الأرباح والإيرادات إلى مسار النمو.
وحققت الشركات الخمس الكبرى (مايكروسوفت وآبل وأمازون وجوجل وميتا) في العام المالي الأخير إيرادات إجمالية بقيمة 1.63 تريليون دولار، بارتفاع 81% عما كانت عليه قبل خمس سنوات.
ولكن تأتي التخفيضات المستمرة في الوظائف في الوقت الذي تتعرض فيه الشركات لضغوط من المستثمرين لتحسين نتائجها النهائية.
وأدت عمليات بيع أسهم قطاع التكنولوجيا في وول ستريت في 2022 إلى دفع الشركات لاستعادة ثقة المستثمرين من خلال التركيز على زيادة الأرباح وتسريح عشرات الآلاف من العمال الذين تم تعيينهم لمواجهة الطفرة في الإنفاق على التكنولوجيا الاستهلاكية خلال الوباء.
رؤية “زوكربيرج”
وذكر “زوكربيرج” في بودكاست “مورنينج بريو دايلي” مؤخرًا أن وجود عدد أقل من الموظفين يمكن أن يساعد الشركات على العمل بشكل أفضل.
ويرى أن سبب عدم تباطؤ عمليات تسريح العمالة في مجال التكنولوجيا أن الشركات أدركت أنه على الرغم من صعوبة الأمر إلا أن زيادة الكفاءة تساعد الشركات على العودة إلى المسار الصحيح.
وأضاف أن الشركات لا تزال تفكر بشأن الكفاءة، إذ ينظر الكثيرون في إعادة هيكلة أعمالهم والانتقال إلى نماذج أصغر حجمًا، ولا يعتقد أن الذكاء الاصطناعي يشكل جزءًا كبيرًا من المعادلة.
تحليلات
أرجع بعض الخبراء التخفيضات الأخيرة في الوظائف إلى أن الشركات تسعى لالتقاط أنفاسها بعد فترة استثنائية امتدت أربع سنوات بسبب الوباء وتداعياته.
ذكر “جريجوري داكو” كبير الاقتصاديين لدى “إي واي” أن السنوات الماضية اتسمت بعدم التطابق في العرض والطلب عندما يتعلق الأمر بالسلع والخدمات وحتى العمالة، على سبيل المثال شهدت شركات الطيران اختفاء الطلب ثم ارتفاعه بصورة كبيرة، ومنحت الشركات إجازة للعمال في بداية الوباء ثم سعت لشغل الوظائف، وتوقع أن تبحث الشركات عن التوازن هذا العام.
وأضاف حسبما نقلت “سي إن بي سي” قائلاً: نرى إعادة التوازن تحدث في أسواق العمل وفي أسواق رأس المال، وستستمر هذه العملية وستؤدي تدريجيًا إلى بيئة أكثر استدامة تتسم بانخفاض التضخم وأسعار الفائدة، وربما نمو أبطأ قليلاً.
كان بإمكان الشركات في السنوات الماضية تمرير ارتفاع التكاليف إلى العملاء، ولكن ذكر “داكو” أن قوة التسعير تضاءلت لدى الأعمال التجارية، لذا يبحث المسؤولون التنفيذيون عن طرق أخرى لإدارة ميزانياتهم أو جني المزيد من الأرباح.
وأشار “داكو” إلى أن تكلفة أغلب الأشياء سواء بالنسبة للسلع أو مدخلات الإنتاج أو المعدات أو حتى أسعار الفائدة أصبحت أعلى كثيرًا عما كانت عليه قبل الوباء.
ويرى “ديفيد سيلفرمان” محلل قطاع التجزئة لدى “فيتش ريتينجز” أن الشركات تشعر بثقل بعض الشيء من اعتدال نمو المبيعات وربما حتى انخفاضها، على سبيل المثال جاءت تخفيضات التكاليف في شركات “ليفي” و”هاسبرو” و”يو بي إس” في أعقاب تراجع المبيعات في الربع المالي الأخير.
وأشار إلى سعي الشركات لتمويل الاستثمارات في التقنيات الأحدث مثل البنية التحتية التي تدعم التجارة الإلكترونية، أو سلسلة التوريد المرنة أو الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي.
وقال “مارك زاندي” كبير الاقتصاديين لدى “موديز أناليتيكس”: هذه هي الطريقة التي يعمل بها النظام الرأسمالي الأمريكي، إنه لا يرحم عندما يتعلق الأمر بالسعي لتحقيق الربحية وجمع الثروة، إنه يعيد توجيه الموارد بسرعة كبيرة من مكان لآخر.