كيف غزت القيم المزيفة منصات التواصل الاجتماعي وأثرت على سلوك الشباب؟
في زمننا الحالي، تبرز ظاهرة التفاهة بشكل متزايد، حيث أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للكثيرين، وخاصة الشباب، عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “تيك توك”.
باتت هذه التفاهة نمطًا معتمدًا، فتسللت إلى عقول الناس وقلوبهم، متجاوزة القيم الإنسانية والأخلاقية التي كانت تشكل أساس المجتمعات السليمة.
كانت مواقع التواصل الاجتماعي تُستخدم في الأصل لتعزيز التفاعل الإيجابي، لكنها تحولت إلى ساحات عرض لمحتوى سطحي يفتقر إلى القيمة.
تتصدر هذه المنصات نماذج مبتذلة، تُظهر أعمالًا تثير السخرية بدلاً من تعزيز الفكر، وكأنها إنجازات جديرة بالاحتفال.
و يتم التضحية بالقيم النبيلة من أجل تحقيق الشهرة السريعة، ليحل محلها استعراضات من التفاهات التي تفتقر لأي مضمون ثقافي أو اجتماعي.
الأخطر من ذلك، أن هذا النوع من المحتوى يجد إقبالاً كبيرًا من الشباب، الذين يعيشون في عالم سريع لا يمنحهم الوقت للتفكير العميق أو البحث عن المعرفة.
و تقدم التفاهة لهم وجبات سريعة من المعلومات السطحية، مما يجعلهم يعيشون لحظات قصيرة من الانبهار السطحي، سرعان ما تتلاشى مع الأحلام الزائفة.
تبدو التفاهة وكأنها انتصرت، ليس لأنها أقوى من القيم الأخلاقية، بل لأنها وجدت طريقًا سهلاً إلى عقول الشباب الذين يعانون من ضياع البوصلة القيمية في عصر يتقدس فيه الاستهلاك السريع.
ولكن، انتصار التفاهة هو انتصار مؤقت، حيث تظل القيم الحقيقية هي التي تبني الإنسان وتمنحه معنى لحياته.
يبقى السؤال: هل يمكن وقف هذا المد الجارف للتفاهة؟ التحدي كبير، ولكن الحل لا يكمن في التنديد فقط، بل في تقديم بدائل حقيقية قادرة على جذب الشباب.
يجب إعادة الاعتبار للمحتوى الثقافي والمعرفي وتعزيز القيم الإنسانية من خلال منصات حديثة تخاطب عقولهم.
في الختام، رغم أن التفاهة قد تشتت القيم الإنسانية اليوم، إلا أنها لن تنتصر غدًا إذا تكاتفنا لنشر النور والمعرفة في وجه الظلام. يجب على كل فرد أن يكون حارسًا للقيم ومروجًا للأخلاق، وأن يسعى لإثراء الفكر الإنساني، وليس المساهمة في نشر التفاهة التي لا تحمل أي معنى.