كيف تفوقت تشارلز شواب على أكبر بنوك وول ستريت وأصبحت نداً لـ بلاك روك؟
عند الحديث عن نفوذ الأموال في الأسواق عادة ما يُشار إلى كبار مديري الأصول حول العالم أمثال “بلاك روك” و”فانجارد” و”فيديليتي مانجمنت”، وذلك بسبب ما تمتلكه هذه الشركات من أموال خاضعة لتصرفها، والتي تتخطى حتى نطاق قدرات الحكومات.
فعلى سبيل المثال، تمتلك هذه الشركات الثلاث – الأمريكية – أصولًا تقدر بقيمة 10.65 تريليون و8.70 تريليون و3.88 تريليون دولار لكل منها على الترتيب، ومعًا تتحكم في أصول إجمالية بأكثر من 23 تريليون دولار.
لكنها ليست اللاعب الوحيد، حيث تؤثر البنوك الرئيسية في الأسواق بفضل قدرتها على توفير أو امتصاص السيولة، علاوة على دورها الاستشاري وفي إدارة الثروات، وبالطبع تستمد البنوك قوتها من الأصول التي تمتلكها والتي يمكن إقراضها أو استثمارها.
وتمتلك أكبر 6 بنوك أمريكية نحو 15 تريليون دولار من الأصول (يمتلك أكبرهم “جيه بي مورجان” أكثر من 4 تريليونات دولار وحده)، ما يجعل مديري الأصول والمصارف الأمريكية قوى بالغة التأثير في الاقتصاد والأسواق والنظام المالي.
ثم هناك الشركات مثل “تشارلز شواب”، والتي بدأت مشوارها قبل عقود كشركة وساطة مالية تقليدية، لكن أعمالها نمت بشكل مذهل في السنوات الماضية لتنافس أكبر مديري الأصول في العالم على الرغم من أنها لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام وتسليط الأضواء.
ما أهمية شواب وحجم أعمالها؟
– في حين تصنف “تشارلز شواب” كشركة خدمات مالية تلعب دور الوسيط بشكل أساسي، فإنها تعمل كبنك أيضًا، ومدير للأصول، أي أنها لا تنافس “بلاك روك” و”فانجارد” فقط، ولكن تنافس أيضًا مؤسسات أمثال “جيه بي مورجان” و”بنك أوف أمريكا”.
– عبر سلسلة من الشركات التابعة، تقدم “تشارلز شواب”، خدمات إدارة الثروة، ووساطة الأوراق المالية، والخدمات المصرفية، وإدارة الأصول، والاستشارات المالية للمستثمرين، والتخطيط المالي، وخطط التقاعد، وهي من أكبر مقدمي خدمات الصناديق المالية والمشتركة والمتداولة، ولديها قائمة طويلة من الخدمات والمنتجات الاستثمارية.
– لدى الشركة 35.6 مليون حساب وساطة نشط، و1.9 مليون حساب بنكي، و5.4 مليون حساب تقاعد، وتأتي في المرتبة 11 بين أكبر البنوك الأمريكية بأصول تقارب 470 مليار دولار، وتشرف وحدتها لإدارة الأصول على أكثر من 1.2 تريليون دولار.
– إجمالًا، بلغ حجم أصول العملاء لدى الشركة (في مختلف الوحدات) 9.57 تريليون دولار بنهاية شهر يوليو عام 2024، وهو رقم مذهل للغاية، ليس فقط لضخامته ولكن للفترة القصيرة التي استغرقتها “شواب” لجمعه، ما أكسبها سطوة كبيرة في عالم إدارة المال.
كيف أصبحت شواب بهذه القوة؟
– معظم شركات إدارة الأصول والوساطة المالية والبنوك السالف ذكرها، تقدم خدمات متنوعة تتراوح بين السمسرة في البورصة وإدارة الثروات وحتى الخدمات المصرفية، لكن المثير في الأمر أن “تشارلز شواب” لم تحظ بالشهرة ذاتها مثل “بلاك روك” و”جيه بي مورجان” رغم تطورها السريع.
كيف تطورت أصول بعض أكبر اللاعبين في عالم المال
(آخر 10 سنوات وحتى أحدث بيانات في 2024)
السنة |
بلاك روك (تريليون دولار) |
جيه بي مورجان (تريليون دولار) |
تشارلز شواب (تريليون دولار) |
2014 |
4.65 |
2.60 |
2.46 |
2015 |
4.65 |
2.35 |
2.51 |
2016 |
5.15 |
2.49 |
2.78 |
2017 |
6.29 |
2.53 |
3.36 |
2018 |
5.98 |
2.62 |
3.25 |
2019 |
7.43 |
2.69 |
4.04 |
2020 |
8.68 |
3.38 |
6.69 |
2021 |
10.01 |
3.74 |
8.14 |
2022 |
8.59 |
3.67 |
7.05 |
2023 |
10.01 |
3.86 |
8.52 |
2024 |
10.65 |
4.10 |
9.57 |
– هذا يمثل نمواً نسبته 129% لأصول “بلاك روك” منذ عام 2014، وبنسبة 58% لأصول “جيه بي مورجان”، وبنسبة 289% لأصول “تشارلز شواب”، مع العلم أن هذه الفترة الطويلة شهدت صفقات استحواذ وتغيرات في أسعار الفائدة، وهي عوامل تؤثر بشكل متفاوت على تدفقات الأصول.
– في نهاية الربع الثاني من العام الجاري، سجلت “تشارلز شواب” أرباحًا قدرها 1.21 مليار دولار ارتفاعًا من 1.17 مليارًا قبل عام، وذلك من إيرادات قدرها 4.69 مليار دولار.
– في أحدث دليل على النمو السريع للأعمال، قالت الشركة مؤخرًا إن قاعدة عملائها نمت بنسبة 5% على أساس سنوي، لتضيف 327 ألف عميل في يوليو وحده، وسجلت الأصول الصافية المتدفقة إليها 29 مليار دولار خلال الشهر، وهو أكثر من ضعف الرقم قبل عام.
كيف تطور حجم أعمال “تشارلز شواب”
(آخر 10 سنوات وحتى أحدث بيانات في 2024)
السنة |
الإيرادات (مليار دولار) |
الأرباح (مليار دولار) |
القيمة السوقية (مليار دولار) |
2014 |
6.05 |
2.11 |
39.57 |
2015 |
6.36 |
2.27 |
43.47 |
2016 |
7.47 |
2.99 |
52.32 |
2017 |
8.61 |
3.65 |
68.86 |
2018 |
10.13 |
4.56 |
55.33 |
2019 |
10.72 |
4.84 |
61.14 |
2020 |
11.69 |
4.30 |
99.66 |
2021 |
18.52 |
7.71 |
158.99 |
2022 |
20.76 |
9.38 |
155.42 |
2023 |
18.83 |
6.37 |
125.39 |
2024* |
18.49 |
6.12 |
119.91 |
– تعد “شواب” الآن خامس أكبر جهة مصدرة لصناديق الاستثمار المتداولة في البورصة في الولايات المتحدة، حيث تضاعفت مجموعتها التي تبلغ قيمتها قرابة 350 مليار دولار منذ عام 2019.
– تمتلك وحدة إدارة الأصول التابعة للشركة “تشارلز شواب إنفستمنت مانجمنت إنك”، محفظة واسعة من الأصول (1.2 تريليون دولار)، في مجموعة من صناديق الاستثمار المتداولة والمشتركة والحسابات المُدارة بشكل منفصل، وتتوقع أن تتجاوز أصولها تريليوني دولار خلال الخمس سنوات المقبلة.
– فيما يتعلق بالأسهم، تمتلك الوحدة آلاف المراكز في قطاعات متنوعة من بينها، الطاقة والصناعة والمواد الاستهلاكية والبنوك والتكنولوجيا، وتمتلك إجمالًا محفظة تقدر بنحو 525 مليار دولار.
أبرز استثمارات الأسهم الفردية لوحدة شواب لإدارة الأصول
الشركة |
عدد الأسهم (مليون) |
قيمتها الإجمالية (مليار دولار) |
آبل |
89.0 |
20.0 |
مايكروسوفت |
46.6 |
19.6 |
إنفيديا |
144.0 |
17.7 |
أمازون |
55.3 |
9.8 |
ميتا |
13.7 |
7.4 |
ألفابت “أ” |
36.7 |
5.9 |
برودكوم |
30.1 |
5.0 |
هوم ديبوت |
13.6 |
4.9 |
بيركشاير هاثاواي “ب” |
10.4 |
4.6 |
خلف الستار
– يقف وراء هذه الشركة التي تفجرت قدراتها الكامنة في السنوات القليلة الماضية ونجحت في وضع نفسها بين أكبر مديري الأصول في العالم، الملياردير العصامي “تشارلز روبرت شواب”، الذي أسس الشركة بمبلغ 100 ألف دولار اقترضها من أحد أقاربه.
– يمتلك “شواب” والذي يشتهر أيضًا باسم “تشاك” ثروة تقدر بنحو 10 مليارات دولار، وأسس الشركة في البداية عام 1971 كمقدم تقليدي لخدمات الوساطة المالية، لكنه أصبح رائدًا في المجال بفضل استراتيجياته للرسوم المخفضة والأوامر السريعة.
– ظل “شواب” رئيسًا تنفيذيًا للشركة حتى عام 2008، وما زال يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة، وهو أيضًا رئيس مجلس إدارة بنك “تشارلز شواب”، ويتولى مهام إشرافية على الكثير من المؤسسات والوحدات التابعة لمجموعته، وشغل منصب رئيس المجلس الاستشاري بشأن الثقافة المالية للرئيس “جورج دبليو بوش”.
– “شواب” البالغ من العمر 87 عامًا مؤلف العديد من كتب الاستثمار الأكثر مبيعًا، بما في ذلك كتاب “كيف تكون سمسارك الخاص”، و”دليل تشارلز شواب للاستقلال المالي”، و”من المفيد التحدث”، و”أنت في الخمسين – ماذا الآن؟”، وغيرها من المؤلفات.
– الآن ينظر بعض المعلقين إلى “تشارلز شواب” باعتبارها واحدة من رواد صناعة الوساطة المالية لما أسهمت به في سبعينيات القرن الماضي، ثم نموذجاً يحتذى به في إدارة الأصول مؤخرًا، حتى أن بعض التقارير قالت إن مصرف “جولدمان ساكس” يحاول أن يصبح مثلها.