الاقتصادية

كيف تتأثر خريطة التجارة العالمية مع تخلي الدول عن العولمة؟

من المتوقع أن تتخلف التجارة العالمية في السلع عن نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر المقبلة، لتعكس اتجاهًا دام 20 عامًا، مع إعادة التوازن إلى سلاسل التوريد وتعزيز الدول المجاورة علاقاتها التجارية الإقليمية.

وبينما يتكيف الاقتصاد العالمي مع الضغوط والاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية المستمرة، تتم إعادة رسم الطرق المألوفة التي حددت خريطة التجارة العالمية، في تحول جوهري بعيدًا عن اتجاه العولمة التي تقودها التجارة والتي تمتع بها العالم في أغلب السنوات منذ نهاية الحرب الباردة.

وبحسب دراسة نشرتها “بوسطن كونسلتينج جروب” الإثنين، من المتوقع أن تنمو التجارة العالمية في السلع بمعدل 2.8% سنويًا، في المتوسط، حتى عام 2032، مقارنة بمعدل نمو يقدر بنحو 3.1% للناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال نفس الفترة.

13de012e 4598 4bc1 aa13 9e1355869b93 Detafour

ويسلط البحث الضوء على خمس ديناميكيات تجارية عالمية ناشئة ستميز العالم خلال العقد القادم:

– التجارة الصينية: يعد الانخفاض المتوقع في التجارة بين الولايات المتحدة والصين أحد أهم التطورات في خريطة التجارة العالمية الجديدة، حيث من المتوقع أن تنخفض القيمة التجارية لعام 2032 بمقدار 197 مليار دولار عن مستواها في عام 2022، بينما تستمر تجارة الصين مع الاتحاد الأوروبي في النمو، ولكن بوتيرة أبطأ من المتوسط العالمي.

– التجارة في أمريكا الشمالية: وسوف تستفيد الولايات المتحدة وكندا والمكسيك من اتفاقية التبادل التجاري بينها، حيث من المتوقع أن تنمو التجارة الأمريكية مع جيرانها بمقدار 466 مليار دولار خلال العقد المقبل.

– تجارة دول الآسيان: تعد دول جنوب شرق آسيا من بين أكبر الفائزين في النظام التجاري العالمي الجديد، حيث من المتوقع أن تنمو التجارة المجمعة لدول الـ”آسيان” بمقدار 1.2 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة بسبب ظهورها كوجهة رئيسية للشركات التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الصين في التصنيع والتوريد، ما يجعلها منصة للصادرات العالمية.

– الهند: من المتوقع أن تحقق الهند نمواً تجارياً سنوياً متوسطه 6.3%، أي أكثر من ضعف المتوسط العالمي، مستفيدة من هيكل منخفض التكلفة، وقوى عاملة ذات قدرات متزايدة، وتحسين الخدمات اللوجستية، ليبرز دورها كسوق محلية رئيسية ووجهة للتصنيع العالمي.

– التجارة الروسية: من المرجح أن تنمو تجارة روسيا مع الصين والهند بمقدار 134 مليار دولار و26 مليار دولار على التوالي بحلول عام 2032، مستفيدة من تحالف دول الـ”بريكس”، بينما من المتوقع انخفاض تجارتها مع الاتحاد الأوروبي بمقدار 222 مليار دولار.

الجغرافيا السياسية تقود إعادة رسم خريطة التجارة العالمية

قال “مارك جيلبرت”، المدير الإداري والمؤلف المشارك للدراسة: “مع اقتراب العديد من الانتخابات العالمية وتصويت ما يقرب من نصف سكان العالم، ستكون إحدى العواقب المترتبة على ذلك تعزيز التجمعات التجارية الإقليمية، وخاصة في أمريكا الشمالية، والاتحاد الأوروبي، ورابطة دول جنوب شرق آسيا”.

وأشارت الدراسة إلى أنه بينما تُعَد الصين اليوم الدولة الرائدة على مستوى العالم في تصدير السلع المصنعة، ولكن دورها يتراجع نسبياً من حيث القدرة التنافسية كما تعاني من تباطؤ الاقتصاد المحلي، ومع قيام الشركات غير الصينية بإعادة تقييم سلسلة التوريد الخاصة بها نتيجة لذلك، فإن التجارة بين الصين والغرب ستتحول إلى مكان آخر.

وستكون دول رابطة دول جنوب شرق آسيا والهند من أبرز المستفيدين من انخفاض التركيز في الصين، ونتيجة لهذا فإن حجم التبادل التجاري بين دول الـ”آسيان” مع الصين سوف ينمو بمعدل يبلغ 616 مليار دولار خلال العقد المقبل، كما يرتفع مع الولايات المتحدة واليابان بما يتجاوز 200 مليار دولار.

واختتمت الدراسة بأنه لكي تظل الشركات قادرة على المنافسة، ينبغي لها أن تعمل على تعزيز عملية صنع القرار الجيوسياسي للمساعدة في تحمل اضطرابات سلسلة التوريد، وتعزيز قدرتها على الاستجابة لتقلبات الأسعار والتضخم، وزيادة قدراتها في مجال إدارة المخاطر والأمن السيبراني.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى