في خضم موجة بيعية عالمية .. هل هناك فرصة للشراء في سوق الأسهم؟
تشهد أسواق الأسهم العالمية موجة بيعية حاليًا، دفعت بالعديد من المؤشرات الرئيسية للهبوط بوتيرة حادة عقب تقرير الوظائف الشهري الأمريكي الأخير الذي جاء أضعف من المتوقع وهو ما عزز مخاوف حدوث ركود خاصة مع تأخير الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة.
ويرى البعض أن ذلك التراجع هو فرصة لشراء الأسهم بسعر أقل وبالتالي الربح عند انتهاء الموجة البيعية وعودة الأسواق للصعود.
وعبر “روبرت كيوساكي” مؤلف كتاب “الأب الغني والأب الفقيرة” عن وجهة نظره قائلًا: الانهيار يمثل فرصة رابحة للمستثمرين لشراء الأصول بأسعار أقل، ونصح بالنظر لذلك التراجع باعتباره فرصة لتحقيق الثراء.
وأضاف في منشور عبر منصة “إكس”: علمني الأب الغني أن انهيار الأسواق هو الوقت الذي يصبح فيه الأثرياء أكثر ثراءً، عن طريق شراء الأصول بأسعار زهيدة.
هل ينبغي شراء الأسهم عند انخفاضها؟
عبارة “اشتر الأسهم عند الانخفاض” تعني شراء الأسهم أثناء هبوط الأسواق من أجل اقتناص بعض الصفقات، لكن هل هذه استراتيجية جيدة؟ أم ينبغي بيع الأسهم عند الانخفاض؟
يلجأ كثير من المستثمرين دائمًا إلى لعبة التخمين، ولكن يخسر في العادة من يتطلعون لإجراء صفقات قصيرة الأجل في السوق في النهاية، لذلك يمكن تحقيق الأرباح والاستفادة من استراتيجية شراء الأسهم عند الهبوط في حال اتباع قاعدة واحدة وهي الاستثمار طويل الأجل.
لأن الشراء في وقت التراجع من أجل التحرك قصير الأجل بمثابة محاولة للتفوق على السوق والتنبؤ بالمعنويات، وعلى الرغم من أن ذلك قد ينجح في بعض الأحيان، فإن دراسة تلو الأخرى تظهر عكس ذلك.
كما أن محاولة التفوق على أداء السوق من خلال التداول المستمر هي لعبة خاسرة بالنسبة لمعظم الناس بمرور الوقت.
وهناك طريقة شائعة تنجح عادة لشراء الأسهم عند انخفاضها، وهي الاستفادة من الهبوط لإضافة المزيد من المراكز في الأسهم التي يرى المستثمر أنها مهيأة للنجاح على المدى الطويل.
وتعد تلك الاستراتيجية مفيدة للمستثمرين لأنها تسمح لهم بشراء شركات رائعة بسعر مخفض، كما ذكر المستثمر الناجح “وارن بافت” ذات مرة: الفرص تأتي بشكل غير متكرر، عندما تمطر ذهبًا، ضع الدلو.
وجهة نظر داعمة
يرى “توم لي” رئيس قسم الأبحاث لدى شركة “فاندستارت” أن الوقت مناسب للمستثمرين لشراء الأسهم مع انخفاضها، لأن السوق تظهر عددا من العلامات على وجود المزيد من الارتفاع.
وأوضح المحلل المتفائل للغاية أن عمليات البيع الحالية للأسهم بقيادة قطاع التكنولوجيا هي في الواقع فرصة للشراء، وجاءت تلك التصريحات بعد تراجع مؤشر “ناسداك” في الأسبوع الماضي بما يقرب من 5% خلال يومين فقط بسبب تقارير نتائج الأعمال المخيبة للآمال وتقلبات في قطاع الرقائق.
مشيرًا إلى أن عمليات البيع ربما كانت مدفوعة بتراكم عوامل مثل حالة عدم اليقين المتعلقة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية والتوترات الجيوسياسية المستمرة، والمخاوف بشأن الركود.
ورغم ذلك يرى “مارك نيوتن” رئيس الاستراتيجة لدى “فاندستارت” أن علامات تشير إلى أن عمليات البيع قد تكون محدودة في النهاية.
علامات تشير لمحدودية عمليات البيع في النهاية |
||
العلامة |
|
التوضيح |
محفزات مستقبلية للأسهم |
|
من المتوقع تقديم مسؤولي البنك المركزي المزيد من التوجيهات المستقبلية بشأن الفائدة في الأسابيع التالية لاجتماعه الأخير الذي انتهى الأربعاء الماضي بتثبيت الفائدة دون تغيير. ويرى “لي” أن هذا قد يحول الأسواق في اتجاه أكثر إيجابية في حال ألمح المسؤولون إلى خفض قادم قريبًا للفائدة. وفي الحادي عشر من غشت ، ستصدر قراءة التضخم في أمريكا لشهر يوليو، والتي قد تعزز تباطؤ التضخم وتؤكد توقعات خفض الفائدة قريبًا وهو ما يدعم الأسهم، ويخفف من مخاوف ارتكاب الفيدرالي خطأ بتأخير قرار الفائدة. |
خفض الفائدة يمثل نقطة تحول |
|
خفض الفائدة سيمثل نقطة تحول في السوق، لأنه سيخفف من تكاليف الاقتراض بالنسبة لعدد من القطاعات. وأشار “لي” إلى أن أنواع معينة من الديون مثل الرهن العقاري بمعدل فائدة قابل للتعديل وقروض السيارات يتم تمويلها بمعدلات فائدة قصيرة المدى وهو ما يعني تأثر تلك القطاعات بشكل جيد بخفض الفائدة. وبشكل عام تتوقع الأسواق حاليًا خفض الفائدة في سبتمبر، ويرى كل من “جيه بي مورجان” و”سيتي جروب” خفضها 0.5%، بينما يتوق “جولدمان ساكس” الخفض بمقدار 0.25% فقط. |
أسهم الشركات الصغيرة |
|
يرى “لي” أن أسهم الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة ترسل إشارات صعودية. ففي يوليو، وصل مؤشر “راسل 2000” – للشركات الصغيرة – أعلى مستوى في ثلاثين شهرًا، وهو أمر حدث 9 مرات فقط على مدار الخمس والأربعين عامًا الماضية. وفي كل مرة كان المؤشر يرتفع أعلى في الأشهر الثلاثة التالية. |
رأي آخر وإشارة بيعية
لكن “بيل جروس” الملقب بـ “ملك السندات” له رأي آخر، إذ كتب المؤسس المشارك لـ “بيمكو” في منشور عبر منصة “إكس” الجمعة: على المستثمرين التوقف عن الحديث عن الشراء عند الانخفاض والبدء في السؤال عن البيع عند تعافي الأسهم.
كما أظهرت نتائج أعمال “بيركشاير هاثاواي” – التي يديرها الملياردير “بافت” – الصادرة السبت أن المجموعة الاستثمارية باعت أسهمًا بقيمة صافية 75.5 مليار دولار في الأشهر الثلاثة المنتهية في يونيو مما ساعد في تعزيز سيولتها النقدية إلى المستوى القياسي 276.94 مليار دولار.
كما خفضت حصتها في “آبل” إلى النصف تقريبًا، وذلك قبل عمليات البيع الأخيرة التي شهدتها السوق، ولم يكن خفض الحصة مفاجئًا ولكن حجم الخفض كان غير متوقع.
وذكرت المحللة “كاثي سيفيرت” لدى “سي إي آر إيه ريسيرش” لوكالة “أسوشيتيد برس”: بيع “بيركشاير” لأسهم “آبل” يبدو أشبه بإدارة محفظة مسؤولة، وأضافت: هذه شركة تستعد لمناخ اقتصادي أضعف.
وفي مثال آخر خارج حدود وول ستريت، حذر “كلفن تاي” كبير مسؤولي الاستثمار الإقليمي لدى “يو بي إس جلوبال ويلث مانجمنت” من الانضمام لسوق الأسهم اليابانية في الوقت الحالي وشبه الأمر بمحاولة الإمساك بسكين ساقطة لأنه لا يزال هناك الكثير من الضغوط على الأسهم اليابانية.
وبين وجهات نظر داعمة تعتمد على مؤشرات على استعداد الأسهم للتعافي وبالتالي تؤيد قرار الشراء مع انخفاض الأسهم بهدف تحقيق مكاسب مستقبلية، وبين تعليقات وإشارات توحي بالبيع مع ضعف المناخ الاقتصادي وعدم اليقين السياسي، يبقى القرار دائمًا للمستثمر في تقييم وضعه وتحديد الاستراتيجيات المناسبة له.