الاقتصاديةالعملات

فى يناير 2024 ..الدولار الأمريكي ينتصر على الجميع!‏

انتهت تعاملات أول شهر فى العام الجديد عند تسوية الأسعار أمس الأربعاء ‏الموافق 31 يناير ،حيث تمكن الدولار الأمريكي من تحقيق بداية مذهلة لعام 2024 ‏،وتصدر القائمة الرابحة فى سوق صرف العملات الأجنبية ،وتزيل الين الياباني ‏تلك القائمة مقدمًا أسوأ أداء شهري منذ فبراير 2023.‏

تحققت تلك البداية النارية للدولار الأمريكي ،بفضل الضغط الشديد على ‏التوقعات الأكثر عدوانية حول قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار ‏الفائدة فى وقت مبكر هذا العام بداية من مارس.‏

أسفر هذا الضغط عن تحول تلك التوقعات من العدوانية إلى الاعتدال ثم إلى ‏التشاؤم عقب الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، وهو ما ‏زاد من عمليات شراء العملة الأمريكية كأفضل استثمار متاح.‏

تمثل هذا الضغط فى صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية القوية الأفضل من ‏التوقعات على مدار الشهر ،مع تعليقات أكثر تشددًا من صانعي السياسة النقدية ‏فى الولايات المتحدة.‏

وقبل استكمال الأسباب التي دعمت الدولار الأمريكي وضغطت بشدة على الين ‏الياباني ،نتعرف أولاً على أداء العملات الثمانية الكبرى فى سوق صرف العملات ‏الأجنبية على مدار شهر يناير 2024

 حقق الدولار الأمريكي ارتفاعاً بمستوي 10 نقطة على مؤشر ” أف اكس نيوز ‏تودي ” الشهري لقياس قوة العملات ،ثم الجنيه الإسترليني فى المركزي الثاني ‏بمستوي 8 نقطة ، ثم الدولار الكندي فى المركزي الثالث بمستوي 3 نقطة ، ‏وأحتل الين الياباني المركز الأخير بمستوي سالب 9 نقطة.‏

وبالنظر إلى تفاصيل أداء الدولار الأمريكي فى شهر يناير مقابل السبع عملات ‏الكبرى ،نجده قد اكتسح الين الياباني محققًا ارتفاعًا بنسبة 4.2% ،وسجل يوم ‏الجمعة 19 يناير أعلى مستوى فى شهرين عند 148.80 ينات.‏

وحقق ارتفاعًا بنسبة 3.75% مقابل نظيره الأسترالي وسجل يوم الأربعاء 17 يناير ‏أعلى مستوى فى شهرين عند 65.25 سنتًا ،وصعد بنسبة 3.2% مقابل نظيره ‏النيوزيلندي وسجل يوم الثلاثاء 23 يناير أعلى مستوى فى شهرين عند 60.62 ‏سنتًا.‏

وزاد بنسبة 2.4% مقابل الفرنك السويسري وسجل يوم الثلاثاء 23 يناير أعلى ‏مستوى فى ستة أسابيع عند 0.8728 ،وارتفع بنسبة 2.0% مقابل اليورو وسجل ‏يوم الأربعاء 31 يناير أعلى مستوى فى سبعة أسابيع عند 1.0795.‏

وأضاف 1.4% مقابل نظيره الكندي وسجل يوم الأربعاء 17 يناير أعلى مستوى ‏فى خمسة أسابيع عند 1.3742 ،وصعد بنسبة 0.35% مقابل الجنيه الإسترليني ‏يوم الأربعاء 17 يناير أعلى مستوى فى خمسة أسابيع عند 1.2597.‏

بيانات قوية

على مدار شهر يناير ،صدرت سلسلة من البيانات الاقتصادية القوية الأفضل من ‏التوقعات فى الولايات المتحدة ،عن سوق العمل ،وعن مستويات الإنفاق ‏الاستهلاكي ،وعن الناتج المحلي الإجمالي ،وعن الأنشطة الصناعية والخدمية ، ‏وعن قطاع الإسكان.‏

أوضحت تلك البيانات مدي المرونة التي يتمتع بها الاقتصاد الأمريكي ،وأنه ‏يتفاعل إيجابيًا مع أسعار الفائدة المرتفعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ،وأنه ‏يستطيع تحمل السياسة النقدية المشددة حتى يتم كبح التضخم والأسعار ‏المرتفعة فى البلاد.‏

كما أظهرت بيانات الشهر تسارع نسبي فى معدلات التضخم الرئيسية فى ‏الولايات المتحدة ،مع ارتفاع نفقات الاستهلاك الشخصي ،الأمر الذي زاد الشكوك ‏حول قرب انتهاء معركة مجلس الاحتياطي الفيدرالي مع التضخم.‏

الاحتياطي الفيدرالي

على مدار شهر يناير، صدر محضر اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي ‏الفيدرالي لشهر ديسمبر، ومع صدور العديد من التعليقات العدوانية من أعضاء ‏اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.‏

تفاصيل المحضر مع تعليقات صانعي السياسة النقدية ،عززت التوقعات حول ‏الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستواها الحالي لفترة أطول مما كان متوقعًا فى ‏السابق.‏

وشدد أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على إتباع‎ ‎‏”نهج حذر”‏‎ ‎حيال ‏قرارات سعر الفائدة فى المستقبل، وأكدوا مرة أخرى أن السياسة النقدية يجب أن ‏تظل مقيدة “لبعض الوقت” حتى يتحرك التضخم بشكل أكثر استدامة نحو الهدف ‏البالغ 2%.‏

وجاء اجتماع الاحتياطي الفيدرالي أيام 30-31 يناير هذا الأسبوع،ليعزز الفرضية ‏التي تشير إلى الاحتفاظ بأسعار الفائدة الأمريكية “مرتفعة” لأطول فترة ممكنة ‏هذا العام ،وأن البنك المركزي الأمريكي ليس مستعدًا لخفض أسعار الفائدة فى ‏مارس القادم.‏

وقال رئيس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” يوم الأربعاء :إنه لا يعتقد أنه من ‏المحتمل أن يقوم البنك المركزي بتخفيف السياسة النقدية في مارس. وأضاف ‏باول: إنه لا يتوقع أنه سيكون من المناسب خفض النطاق المستهدف حتى ‏يكتسب ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو المستهدف عند 2%.‏

الفائدة الأمريكية

عقب التطورات أعلاه ،تراجع تسعير العقود الآجلة لاحتمالات خفض أسعار ‏الفائدة ‏الأمريكية بنحو 25 نقطة أساس فى مارس القادم من 89% إلى 35% ، وتراجع ‏تسعير احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بنحو 25 نقطة أساس فى اجتماع ‏‏1 مايو من 98% إلى 94%.‏

ويسعر المتداولون أيضًا تخفيضات أسعار الفائدة الفيدرالية بحوالي 140 نقطة ‏أساس لعام 2024، بانخفاض عن الرهانات التي تزيد عن 160 نقطة أساس في ‏نهاية عام 2023، وفقًا لتطبيق احتمالية أسعار الفائدة التابع لشركة ل-إس-إي-جي.‏

‏ أراء وتحليلات

قال خبير إستراتيجيات العملات فى هاربر أستيت ماناجمنت ” هاميش بيبر”:قوة ‏الدولار الأمريكي التي نشهدها في بداية عام 2024 قد يكون لها علاقة أكبر ‏بالطلب على الملاذ الآمن حيث تكافح أسواق الأسهم وتزايد تقلبات السوق.‏

وأضاف بيبر : إنه من المرجح أن يحظى الدولار الأمريكي بدعم من أسعار الفائدة ‏الأمريكية المرتفعة، مقارنة ببقية العالم، حيث أن توقعات خفض أسعار الفائدة ‏من مجلس الاحتياطي الفيدرالي تثبت أنها عدوانية للغاية.‏

الين الياباني

توضح الصورة أعلاه الأداء السلبي للين الياباني فى شهر يناير 2024 أمام ‏العملات السبع الكبرى فى سوق صرف العملات الأجنبية ،والسبب الرئيسي فى ‏تلك الخسائر الفادحة هو البنك المركزي الياباني المتشائم ،وانحسار التوقعات ‏حول خروج البنك المبكر من سياسة أسعار الفائدة السلبية.‏

وسجل الين الياباني أسوأ أداء شهري منذ فبراير 2023 مقابل الدولار الأمريكي ، ‏بسبب تصاعد المخاوف حيال استمرار الفجوة الكبيرة فى أسعار الفائدة بين ‏اليابان والولايات المتحدة لفترة أطول مما كان متوقعًا فى السابق.‏

تمسك بنك اليابان بموقفه المتشائم ،والذي يتعارض مع السياسات النقدية ‏المتشددة التي اتخذها أقرانه على مستوى العالم خاصة مجلس الاحتياطي ‏الفيدرالي ،أدى إلى اتساع فجوة أسعار الفائدة بين اليابان والولايات المتحدة إلى ‏‏560 نقطة أساس.‏

تلك الفجوة التي جعلت عائدات اليابان المنخفضة من العملة هدفًا سهلاً للبائعين ‏على المكشوف وتمويل الصفقات ،الأمر الذي أدي إلى استمرار ضعف الين ‏،والذي فقد أكثر من 28% منذ أن بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي فى رفع أسعار ‏الفائدة بسرعة لمكافحة التضخم المرتفع فى مارس 2022.‏

البنك المركزي الياباني

تماشيًا مع التوقعات ،قرر البنك المركزي الياباني يوم 23 يناير المنصرم ،عدم إجراء ‏أي تغييرات على أدوات السياسة النقدية التيسيرية فائقة السهولة ، والإبقاء على ‏أسعار الفائدة دون تغيير عند المستوي القياسي سالب 0.1%.‏

وقال البنك المركزي الياباني:أن فرص تحقيق معدل تضخم مستدام بنسبة 2% ‏تتزايد تدريجيًا ، واستمرار التحفيز النقدي بهدف التكيف مع التطورات ،وأي ‏خطوات تيسيرية إضافية ممكنة إذا لزم الأمر.‏

ويتوقع مجلس إدارة بنك اليابان المركزي تراجع متوسط نمو الناتج المحلي ‏الإجمالي الحقيقي إلى معدل 1.8% للعام المالي 2023 من معدل 2.0% توقعات ‏أكتوبر الماضي.‏

وبالنسبة للتضخم ،أبقي بنك اليابان على توقعات مؤشر أسعار المستهلك ‏الأساسي للعام المالي 2023 عند 2.8% طبقًا للتوقعات السابقة فى أكتوبر ‏الماضي ،وخفض توقعات التضخم للعام المالي 2024 إلى 2.4% من 2.8% ،ورفع ‏توقعات التضخم للعام المالي 2025 إلى 1.8% من 1.7%.‏

الفائدة اليابانية

بيانات أسعار المستهلكين والأجور الصادرة فى يناير فى طوكيو ،توضح انحسار ‏الضغوط التضخمية على صانعي السياسة النقدية اليابانية ،وهو ما دفع بنك ‏اليابان إلى الإبقاء على توقعات التضخم لعام 2023 دون تغيير ،وخفض توقعات ‏التضخم على مدار هذا العام.‏

تلك التطورات أدت إلى زيادة اقتناع الأسواق أن أسعار الفائدة اليابانية ستستمر ‏فى المنطقة السلبية لأطول فترة ممكنة هذا العام ،وقد تستمر كذلك إلى العام ‏المقبل إذا استمر الضغوط التضخمية فى الانحسار.‏

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى