غياب خطط فعالة من ترامب وهاريس لمواجهة عبء الديون الأمريكية المتزايد
لا تتضمن خطط كل من “دونالد ترامب” و”كامالا هاريس” رؤية واضحة للتقليل من عبء الديون الثقيلة التي تعاني منها الولايات المتحدة، رغم الحديث المتكرر من الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس حول ضرورة كبح جماح الدين الوطني الذي بلغ 35.7 تريليون دولار.
تستمر الحكومة الفيدرالية في إنفاق أموال تتجاوز إيراداتها، مما يؤدي إلى ارتفاع الدين، ويعبر العديد من الخبراء، بما في ذلك “جيروم باول” رئيس الاحتياطي الفيدرالي، عن قلقهم من أن البلاد تسير في مسار مالي غير مستدام.
أظهرت دراسة من المؤسسة البحثية “لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة غير الحزبية” (سي آر إف بي) أن خطط المرشحين ستعزز من مستويات الدين، حيث من المتوقع أن تضيف مقترحات ترامب أكثر من ضعف الدين الذي قد تضيفه هاريس.
حيث دعا ترامب إلى تمديد تخفيضات الضرائب التي أقرها في عام 2017، والتي من المتوقع أن تنتهي في عام 2025، ومن المحتمل أن تساهم هذه التخفيضات في إضافة أكثر من 5 تريليونات دولار إلى الدين الوطني خلال العقد المقبل.
أما خطته لإنهاء فرض الضرائب على أجور العمل الإضافي ومزايا الضمان الاجتماعي والإكراميات فقد تقدر بنحو 3.6 تريليون دولار، بينما ستصل تكاليف ترحيل المهاجرين غير المسجلين إلى حوالي 350 مليار دولار.
في المقابل، ستضيف “هاريس” حوالي 3 تريليونات دولار إلى الدين من خلال تمديد تخفيضات الضرائب للأفراد ذوي الدخل المنخفض، و1.35 تريليون دولار نتيجة التوسع في الائتمانات الضريبية، و200 مليار دولار بسبب إنهاء ضرائب الدخل على الإكراميات.
وفي تعليقها على التحليل، قالت “مايا ماكجينيس” رئيسة “سي آر إف بي” لصحيفة “واشنطن بوست”: “على الرغم من أن وضعنا المالي غير صحي، إلا أن مقترحات المرشحين قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة”.
من جهتها، اعترضت حملة ترامب على هذا التحليل، حيث ذكر “بريان هيوز” كبير مستشاري الحملة أن التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب قد أسست لنمو اقتصادي قوي، مما زاد من إيرادات الحكومة الفيدرالية. وأكد على أن خطة ترامب ستعمل على كبح الإنفاق وتقليل أعباء الفائدة.
من جانبها، أبدت حملة هاريس اعتراضها على التحليل، مؤكدة أن ميزانياتها ستسهم في تقليل العجز.
على الرغم من ادعاءات ترامب بأن التعريفات الجمركية الجديدة على الواردات ستوفر إيرادات كافية لتعويض التخفيضات الضريبية، إلا أن الدراسة لا تدعم هذا التوجه.
ويرى العديد من الخبراء الاقتصاديين أن تلك التعريفات قد تؤدي إلى زيادة الأسعار للمستهلكين الأمريكيين.
تتوقع الدراسة أن تصل الرسوم الجمركية إلى 20% على الواردات السنوية التي تقدر بـ 3 تريليونات دولار، مما قد يوفر إيرادات تصل إلى 2.7 تريليون دولار، ولكنها ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار وخفض الناتج الاقتصادي.
في السيناريو الأكثر واقعية، يُتوقع أن تحقق هاريس إيرادات بقيمة 900 مليار دولار من زيادة معدل ضريبة الشركات، بالإضافة إلى 900 مليار دولار أخرى من الضرائب الإضافية.
وبالنظر إلى التأثير المتوقع من السياسات المقترحة، يُحتمل أن يرتفع الدين الفيدرالي بمقدار 7.5 تريليون دولار بحلول عام 2035 إذا فاز ترامب، بينما قد يزيد بمقدار 3.5 تريليون دولار إذا تولت هاريس الرئاسة.
لقد كانت الولايات المتحدة قادرة على الاقتراض بتكاليف منخفضة لفترة طويلة، لكن حذر بعض المحللين من أن ذلك قد يتغير في المستقبل.
تشير البيانات إلى أن نسبة الدين الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي تعتبر من أعلى المعدلات بين الاقتصادات الكبرى، حيث تبلغ 120%.
نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي في بعض الاقتصادات |
|
الدولة |
نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي |
إيطاليا |
%139.2 |
الولايات المتحدة |
%123.3 |
إسبانيا |
%106.3 |
المملكة المتحدة |
%104.3 |
كندا |
%104.7 |
الصين |
%88.6 |
ألمانيا |
%63.7 |
أستراليا |
%49.6 |
مع سعيهم لاقتناص أصوات الناخبين، قدم ترامب وهاريس مجموعة من الوعود، بعضها مدعوم بخطط واضحة والبعض الآخر يُعتبر غامضًا.
ومع ذلك، فإن كليهما أغفل معالجة الدين المتزايد، مما يثير القلق بشأن العجز الذي قد يصل إلى مستويات أعلى مما كان عليه خلال الحرب العالمية الثانية.
كما كتب “برايان ريدل” الخبير الاقتصادي بمعهد “مانهاتن” في مقال حديث: “مع زيادة الدين الحكومي بسرعة، يتراجع اهتمام السياسيين والناخبين، وهو أمر يثير الدهشة”.
وفي الوقت الذي كانت فيه مناقشات السياسة الاقتصادية تركز بشكل أكبر على العجز في الثمانينيات والتسعينيات، يأمل “مارك جولدوين” من “سي آر إف بي” أن يلتفت الناخبون قريبًا إلى التأثير السلبي المتزايد للديون على حياتهم اليومية، خاصة مع أزمة التضخم التي شهدتها البلاد مؤخرًا.