الاقتصادية

صناعة السيارات الأوروبية بين المطرقة الأمريكية والمنافسة الصينية: تحديات جديدة في الأفق

مع اقتراب تولي دونالد ترامب منصبه في 20 يناير، تواجه صناعة السيارات الأوروبية أفقًا أكثر غموضًا بفعل تهديدات الرئيس الأمريكي القادم بفرض تعريفات جمركية جديدة.

هذه السياسة، التي تُعد أحد أبرز وعود ترامب الانتخابية، قد تؤجج حروبًا تجارية وتهدد اقتصادات تعتمد بشكل كبير على تصنيع السيارات.

تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع القادمة من دول مثل الصين وكندا والمكسيك، ما أثار مخاوف كبيرة لدى شركات صناعة السيارات الأوروبية التي تواجه بالفعل تراجعًا في المبيعات بأسواقها الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين.

تعد ألمانيا، أكبر مُصدر أوروبي للسيارات إلى الولايات المتحدة، من أكثر الدول تأثرًا بهذه السياسات. في حين أن شركات مثل فولكس فاجن وفولفو وستيلانتس، التي تضم علامات مثل فيات وكرايسلر وسيتروين، ستواجه تحديات متزايدة قد تنعكس على اقتصادات وسط وشرق أوروبا.

وفقًا لتقديرات اقتصادية، قد تخسر الشركات الأوروبية والأمريكية ما يصل إلى 17% من أرباحها السنوية إذا تم فرض التعريفات الجديدة، ما سيؤدي إلى تقلص الإنتاج وتسريح أعداد كبيرة من العمال.

و على الرغم من أن ترامب لم يحدد أوروبا مباشرة في إعلاناته الأولى بشأن التعريفات الجمركية، فإنه خلال حملته الانتخابية وجّه انتقادات لاذعة للاتحاد الأوروبي، متهمًا إياه بممارسات تجارية غير عادلة.

وقال ترامب في أكتوبر/تشرين الأول: “إنهم لا يأخذون سياراتنا ولا منتجاتنا الزراعية. سيتعين عليهم دفع ثمن باهظ”.

وبالفعل، تُعتبر السوق الأمريكية واحدة من أهم أسواق السيارات الأوروبية، حيث بلغت صادراتها إلى الولايات المتحدة 42.5 مليار دولار في عام 2023، بينما اقتصرت واردات السيارات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي على 7.8 مليار دولار.

ترامب أبدى أيضًا رغبته في جذب الشركات الأوروبية لإنشاء مصانع في الولايات المتحدة من خلال تقديم ضرائب وتكاليف طاقة منخفضة، إلا أن التعريفات المرتقبة قد تجعل هذه الخطوة أكثر تكلفة للشركات الأوروبية.

تواجه صناعة السيارات الأوروبية تحديًا مزدوجًا يتمثل في الضغوط الأمريكية والمنافسة الشرسة من الشركات الصينية في سوق السيارات الكهربائية.

فرض الاتحاد الأوروبي سابقًا رسومًا تصل إلى 35% على السيارات الكهربائية الصينية بدعوى “الدعم غير العادل”، ومع ذلك، لا تزال العلامات الأوروبية تفقد حصتها السوقية داخل الصين.

وفي صربيا، تواجه شركة فيات كرايسلر تراجعًا في الطلب على منتجاتها، بما في ذلك السيارات الكهربائية، وسط تأخيرات في الإنتاج وانخفاض الطلب العالمي.

توقع المعهد الاقتصادي الألماني أن تعريفات جمركية بنسبة 20% على السيارات الأوروبية قد تكلف الاقتصاد الألماني حوالي 192.5 مليار يورو خلال أربع سنوات، وهو ما سيؤثر بشكل غير مباشر على اقتصادات شرق ووسط أوروبا.

مع تصاعد التوترات التجارية، يبدو أن شركات السيارات الأوروبية ستواجه فترة صعبة من الضغوط الاقتصادية والمنافسة الدولية.

وبينما تحاول هذه الشركات التكيف مع الواقع الجديد، قد تكون العواقب أكثر تكلفة للمستهلكين في أوروبا والولايات المتحدة على حد سواء، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى