شركات النفط الأوروبية تعيد ترتيب أولوياتها بين الطاقة التقليدية والمتجددة

خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت كبرى شركات النفط والغاز الأوروبية تحولات جذرية في استراتيجياتها المتعلقة بإمدادات الطاقة، إذ انتقلت بين الطموح في التحول نحو الطاقة النظيفة والعودة إلى جذورها التقليدية.

في عامي 2019 و2020، أعلنت شركات كبرى مثل شل وبي بي وإكوينور عن خطط طموحة للتحول إلى الطاقة المتجددة وتقليل إنتاج النفط والغاز بحلول نهاية العقد. جاءت هذه الاستراتيجيات وسط تصاعد الضغوط البيئية والمناخية، لكنها تعرضت لتحديات كبيرة بعد عامين فقط.

تسببت صدمات سوق الطاقة الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى جانب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، في إعادة تقييم هذه الاستراتيجيات. عانت الاستثمارات في الطاقة المتجددة من عوائد منخفضة وتكاليف مرتفعة، مما جعل العديد من المشاريع غير مجدية اقتصاديًا.

شركات مثل شل وبي بي تكبدت خسائر بملايين الدولارات في مشاريعها المتجددة، بينما شهد قطاع النفط والغاز التقليدي أرباحًا غير مسبوقة، ما دفع هذه الشركات للعودة إلى التركيز على أعمالها الأساسية.

على الرغم من أن الشركات لم تتخلَ تمامًا عن مشاريع الطاقة النظيفة، إلا أنها قلصت استثماراتها وركزت على المشاريع الأكثر ربحية.

شل: أوقفت بناء مصنع للوقود الحيوي في روتردام وخفضت خططها في مشاريع الطاقة المنزلية، مع تأكيد رئيسها التنفيذي وائل صوان على أهمية النفط والغاز في التحول طويل الأمد للطاقة.

بي بي: ألغت هدف خفض إنتاج النفط والغاز بحلول نهاية العقد وتدرس بيع حصة في قطاع طاقة الرياح البحرية.

إكوينور: أعادت تقييم مشاريعها في الطاقة المتجددة لكنها استمرت في الرهان على طاقة الرياح البحرية، كما يظهر في استحواذها الأخير على حصة في أورستيد.

استثناء فرنسي: توتال إنيرجيز

و تُعد شركة توتال إنيرجيز استثناءً بين نظيراتها الأوروبية، حيث استمرت في توسيع استثماراتها في الطاقة المتجددة من خلال شراكات واستحواذات عالمية، مما يبرز اختلافًا في استراتيجياتها عن بقية المجموعة.

بينما تؤكد الشركات الكبرى على أهمية التحول للطاقة النظيفة، فإنها تتبنى نهجًا أكثر واقعية. صرح المديرون التنفيذيون في شل وبي بي وإكوينور أن التحول في مجال الطاقة سيكون “رحلة طويلة الأمد” تتطلب الجمع بين أشكال متعددة من الطاقة وسط تحديات اقتصادية وجيوسياسية.

يتوقع المحللون أن تواصل هذه الشركات استراتيجياتها الانتقائية، مع التركيز على تحقيق أرباح مستدامة من مشاريعها التقليدية والمتجددة على حد سواء.