الاقتصادية

سياسات وسطاء الرهن العقاري تفاقم أعباء الأسر البريطانية

أظهرت دراسة حديثة أجراها بنك إنجلترا أن سياسات وسطاء الرهن العقاري في بريطانيا لعبت دورًا رئيسيًا في زيادة تعرض أصحاب المنازل لتأثيرات ارتفاع أسعار الفائدة، حيث شجع هؤلاء الوسطاء المقترضين على اختيار عقود قصيرة الأجل بأسعار فائدة ثابتة.

خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، شهد الاعتماد على وسطاء الرهن العقاري ارتفاعًا ملحوظًا، تزامن مع تفضيل العديد من الأسر البريطانية قروضًا قصيرة الأجل بفوائد ثابتة.

وفقًا للدراسة، اتجه الوسطاء إلى دفع العملاء نحو هذه الخيارات، ما أدى إلى تحقيقهم لرسوم إضافية عند إعادة تمويل القروض عند انتهاء العقود قصيرة الأجل.

هذا النهج أثقل كاهل أصحاب المنازل، خاصة في ظل زيادة أسعار الفائدة خلال عامي 2022 و2023 لكبح التضخم، مما أدى إلى ارتفاع الأعباء المالية للأسر التي اعتمدت على هذه القروض.

على عكس الولايات المتحدة، حيث يتم تثبيت معدلات الفائدة العقارية على مدى عقود طويلة، يفضل المقترضون البريطانيون تثبيت معدلات الفائدة لفترات قصيرة تتراوح بين عامين وخمسة أعوام.

وفي صيف 2023، قفز متوسط معدل الفائدة على القروض الثابتة قصيرة الأجل إلى حوالي 7%، قبل أن يتراجع إلى 5.5% لاحقًا.

الدراسة، التي أعدها ماركوس بوكمان وبيتر إكليس، أشارت إلى أن “اختيار القروض قصيرة الأجل ذات المعدلات الثابتة يعرض الأسر لمخاطر أكبر مرتبطة بتغير أسعار الفائدة”، مؤكدين أن هذا التحول يعجل من تأثير السياسة النقدية على الأسر البريطانية.

بين عامي 2013 و2020، ارتفعت نسبة الرهون العقارية التي تم بيعها عبر الوسطاء من 57% إلى 81% للمشترين لأول مرة، مدفوعة بالقوانين التي تتطلب الاستعانة بمستشار مالي مؤهل.

ووفقًا للبيانات، فإن المناطق التي شهدت زيادة بنسبة 10 نقاط مئوية في الوساطة سجلت ارتفاعًا بنسبة تصل إلى نقطتين مئويتين في اختيار القروض قصيرة الأجل.

وأكد الباحثان أن “الوسطاء يدفعون الأسر نحو خيارات الرهون قصيرة الأجل ذات الفائدة الثابتة لتحقيق مكاسب مالية إضافية”.

تُعد الرهون العقارية قناة رئيسية لتطبيق السياسة النقدية في بريطانيا، حيث تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي وتشجيع الادخار، ما يسهم في خفض الطلب الاقتصادي.

مع ذلك، أشار بنك إنجلترا في دراسة منفصلة إلى مرونة سوق الرهن العقاري، حيث تمكن بعض المقترضين من تقليل أعبائهم المالية عبر تمديد آجال قروضهم أو الاستفادة من حقوق الملكية في ممتلكاتهم، خاصة مع ارتفاع أسعار العقارات.

يُظهر البحث أن سياسات وسطاء الرهن العقاري لم تكن محايدة، بل ساهمت في تعزيز هشاشة الأسر البريطانية أمام صدمات مالية مفاجئة، خصوصًا مع التقلبات في أسعار الفائدة.

وفي الوقت ذاته، فإن السوق أظهرت بعض المرونة، مما منح المقترضين خيارات لتخفيف الأعباء المالية على المدى الطويل.

مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، يبقى التحدي الأكبر للمقترضين في بريطانيا هو البحث عن حلول أكثر استدامة لتقليل الأعباء المالية، سواء عبر اعتماد قروض طويلة الأجل أو زيادة الوعي بتأثيرات العقود قصيرة الأجل.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى