سياسات ترامب للهجرة: بين التشدد والتداعيات الاقتصادية
تواجه الولايات المتحدة جدلاً واسعاً بشأن سياسات الهجرة التي تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بتطبيقها، والتي تتضمن عمليات ترحيل جماعية.
ورغم وعوده بالتصدي للهجرة غير النظامية، يحذر خبراء الاقتصاد من أن تنفيذ هذه السياسات قد يُلحق أضراراً كبيرة بالاقتصاد الأميركي، خاصة في قطاعات تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة، مثل الزراعة والبناء.
تشير تقديرات إلى أن حوالي 11 مليون مهاجر يقيمون بصورة غير نظامية في الولايات المتحدة، معظمهم من المكسيك، فيما يعمل نحو 8.3 ملايين منهم، وفق مركز بيو للأبحاث.
وتظهر أرقام المجلس الأميركي للهجرة أن قطاعات الزراعة والبناء قد تفقد نحو 12.5% من عمالها، بينما يواجه قطاع الضيافة نقصاً بنسبة 7%، مع تأثر مهن محددة بشكل خاص، مثل الدهانين وعمال التنظيف.
توقع تقرير صادر عن معهد بروكينغز أن تؤدي عمليات الترحيل إلى خفض النمو الاقتصادي بمقدار 0.4 نقطة مئوية بحلول عام 2025.
ومن المتوقع أن ينخفض عدد المهاجرين المقيمين في الولايات المتحدة بحوالي 3.2 ملايين شخص بحلول نهاية ولاية ترامب الثانية، مما سيؤثر على الإنتاج والاستهلاك، مع تراجع الإنفاق في الفئات الديموغرافية المتأثرة.
و في حال تنفيذ عمليات ترحيل شاملة لجميع العمال المهاجرين غير النظاميين، وهو سيناريو يستبعده معظم المحللين، قد يتراجع النمو الاقتصادي بنسبة تصل إلى 7.4% بحلول عام 2028، وفق معهد بيترسون.
وسيؤدي ذلك إلى تضخم مرتفع، حيث يُضطر أصحاب العمل إلى زيادة الأجور لاجتذاب عمال أميركيين.
و يشير المحللون إلى أن الصعوبات القانونية واللوجستية قد تُعيق تنفيذ سياسات ترامب بأقصى صورها، مما قد يحد من تأثيرها على الاقتصاد.
وتشير توقعات غولدمان ساكس إلى أن سياسات الهجرة المشددة قد تخفض صافي الهجرة إلى 750 ألف شخص سنوياً، وهو أقل من المعدل السنوي ما قبل جائحة كوفيد-19.
بينما يرى بعض الاقتصاديين أن تأثير السياسات على التضخم قد يكون طفيفاً، إلا أن الأستاذة بجامعة كولومبيا إيلورا مخرجي حذرت من أن تطبيق هذه السياسات قد يؤدي إلى تأثيرات اقتصادية “مدمرة”، خصوصاً في ظل الاعتماد الكبير على العمالة المهاجرة في قطاعات أساسية.
تظل سياسات الهجرة في عهد ترامب محط جدل، وسط تخوفات من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية. وفي حين أن تنفيذ وعود الترحيل الجماعي يبدو صعباً، فإن أي تشديد على الهجرة قد يفرض تحديات اقتصادية جديدة، مع تأثير مباشر على العمالة والإنتاج.