دراسات جيولوجية متقدمة تكشف أسرار قاع مضيق جبل طارق تمهيداً لإنشاء نفق
أعلنت الحكومة الإسبانية مؤخرًا عن طرح مناقصة لاستئجار أربعة أجهزة قياس زلازل مع خيار الشراء، في خطوة تستهدف دراسة قاع مضيق جبل طارق، وذلك في إطار مشروع بناء نفق يربط إسبانيا بالمغرب.
و يأتي هذا المشروع في وقت يكتسب فيه التعاون بين البلدين زخماً جديداً، خاصة مع استعداداتهما المشتركة لتنظيم “مونديال 2030” بجانب البرتغال.
وذكرت تقارير إعلامية إيبيرية أن الجمعية الإسبانية لدراسات الاتصالات الثابتة عبر مضيق جبل طارق (SECEGSA) التابعة لوزارة النقل والتنقل المستدام، هي الجهة التي أطلقت المناقصة لاستئجار أجهزة قياس الزلازل عبر منصة التعاقد الدولية.
وتنوي الحكومة الإسبانية استخدام هذه الأجهزة في الحملة البحثية الزلزالية المسماة “Capitán de Navío Manuel Catalán Morollón”، التي من المقرر أن تبدأ مباشرة بعد تسليم الأجهزة من المعهد الملكي والمرصد البحري في سان فرناندو، وستستمر هذه الحملة لمدة ستة أشهر.
كما أفادت التقارير بأن هذه الحملة تتطلب استيفاء مجموعة من الشروط الفنية من قبل الأجهزة، وسيتم إجراء اختبار قبول مسبق لها.
وقد بلغت قيمة عقد استئجار الأجهزة حوالي 488 ألف يورو شاملة الضرائب.
تعود جذور هذا المشروع إلى عام 1980، حينما وقعت إسبانيا والمغرب اتفاقية بشأن مشروع الربط الثابت بين أوروبا وإفريقيا، مما أدى إلى إنشاء شركتين وطنيتين لدراسة جدوى المشروع، هما “SECEGSA” في إسبانيا و”SNED” في المغرب.
منذ ذلك الحين، نفذ البلدان العديد من الدراسات لفهم التحديات الجيولوجية والأوقيانوغرافية والزلازلية المتعلقة بالموقع، بما في ذلك عمليات حفر عميقة واختبارات يوتقنية في مناطق قرب طنجة وطريفة.
وفي عام 2014، تم نشر ثلاثة أجهزة قياس زلازل بالتعاون مع البحرية الإسبانية، وفقًا لما ورد في الوصف الفني للمناقصة الحالية.
نتيجة لهذه الدراسات، تم تقييم خيارات متعددة للجسور والأنفاق لربط ضفتي المضيق، حيث تم اختيار نفق يمتد بين بونتا بالوما قرب طريفة وطنجة، بطول 38.5 كيلومتر، منها 27.7 كيلومتر تحت الماء، مع نفقين مخصصين للسكك الحديدية.
استعاد المشروع زخمه السياسي في أعقاب اجتماع رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز والملك محمد السادس في أبريل 2022، والذي شهد دعم مدريد لمخطط الحكم الذاتي المغربي لإنهاء نزاع الصحراء.
وفي فبراير 2023، خلال اجتماع رفيع المستوى في الرباط، أعلنت وزيرة النقل الإسبانية راكيل سانشيز عن تعزيز الدراسات المتعلقة بمشروع الربط القاري، واصفة إياه بالمشروع الاستراتيجي.
في أبريل من نفس العام، تم إعادة تنشيط المشروع من خلال اجتماع للجنة المشتركة الإسبانية المغربية، مع التأكيد على أن الأمر لا يزال في إطار الدراسات، وأن تنفيذ المشروع يتطلب توقيع اتفاقيات جديدة بين البلدين.
وأشارت التقارير الإسبانية إلى أن التنظيم المشترك لكأس العالم 2030 قد أعاد إحياء الاهتمام بالمشروع، حيث سلطت “SECEGSA” الضوء على موقعها الإلكتروني على أن إنشاء “الرابط الثابت” سيؤدي إلى تنمية اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة للمناطق المجاورة في الأندلس وشمال المغرب، مما يعزز من نمو شبكات النقل بين إسبانيا والمغرب ويوفر فرصًا جديدة للتعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب العربي.