خطة الخروج: هل يستطيع المغرب تجاوز فخ الدخل المتوسط؟
يُظهر التحليل الاقتصادي الذي أعده ألكسندر كاتب أن المغرب، بعد انتقاله من خانة الاقتصاد المنخفض الدخل إلى فئة الاقتصاد المتوسط الدخل، بحاجة ماسة إلى التركيز على التحول الهيكلي لضمان التنمية المستدامة وخلق فرص عمل ملائمة.
وفي تحليل نشره “معهد كارينغي للسلام”، أشار كاتب إلى أن البلاد تواجه مجموعة من التحديات المعقدة التي تستدعي استجابة شاملة، تتمحور حول أهمية خلق المزيد من فرص العمل، لا سيما للنساء والشباب، وتقليص الفجوات الاجتماعية والمجالية.
وأكد الكاتب على ضرورة ضخ استثمارات كبيرة في رأس المال البشري والابتكار، مشددًا على أهمية تعزيز بيئة أعمال تنافسية.
كما دعا إلى إنشاء مساحة مالية إضافية لدعم المشاريع التنموية، والتكيف مع المشهد الجيوسياسي المتقلب الذي يتسم بالتوترات والصراعات.
وأشار ألكسندر كاتب إلى أن الحكومات المغربية المتعاقبة، على مدى العقدين والنصف الماضيين، قامت بتنفيذ أجندة تحديث شاملة استندت إلى رؤية طويلة المدى.
وقد تمكنت المملكة من الاستفادة من بنية تحتية متطورة مثل ميناء طنجة المتوسط، الذي ساهم في إدخال البلاد بنجاح إلى سلاسل القيمة العالمية، مما أدى إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتطوير صناعة تصديرية.
كما شهد المغرب نموًا اقتصاديًا ملحوظًا في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، مدعومًا بالاستثمارات العامة في البنية التحتية. فقد تم توسيع شبكة الطرق السريعة بشكل كبير، حيث زادت من 1800 كيلومتر إلى توقعات تصل إلى 3000 كيلومتر بحلول عام 2030.
ومن بين العلامات البارزة في هذا الإطار تطوير الميناء العميق طنجة المتوسط في عام 2007 وتوسعته في عام 2019، مما جعله أكبر ميناء حاويات في البحر الأبيض المتوسط.
علاوة على ذلك، كانت المملكة رائدة في تقديم السكك الحديدية عالية السرعة في إفريقيا، مما حسّن وسائل النقل في البلاد.
ومع ذلك، اعتبارًا من عام 2006، واجهت المملكة سلسلة من التحديات الخارجية، بما في ذلك انتهاء اتفاقية متعددة الألياف مع الاتحاد الأوروبي، والأزمة المالية العالمية في 2008، وأزمة ديون منطقة اليورو في 2010-2011، التي أثرت على شركائها التجاريين والاستثماريين الرئيسيين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة.
استجابةً لهذه التحديات، أطلقت الرباط استراتيجية صناعية مدفوعة بالتصدير، التي توجت بخطة التسريع الصناعي 2014-2020، والتي استندت إلى أفكار من مختبر النمو بجامعة هارفارد، واستفادت من بنية المغرب التحتية، خاصة طنجة المتوسط، لتسهيل إدخال البلاد في سلاسل القيمة العالمية التي تركز على التكنولوجيا، لا سيما في مجالات صناعة السيارات والطيران.
على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال الطاقات المتجددة تشكل أقل من 20% من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، وثلث استهلاك الطاقة الأولية، الذي يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، يجب على الحكومة المغربية تحديد أهداف جديدة للطاقة المتجددة تشمل قطاعات السكن والنقل.
في ظل التوترات المتزايدة بين الدول الغربية وغير الغربية، حافظ المغرب على موقف محايد وركز جهوده على تعزيز العلاقات الاقتصادية.
ورغم الروابط التاريخية القوية مع الولايات المتحدة، فإن موقف المملكة في القضايا الدبلوماسية العالمية، مثل غزو العراق والحرب بين روسيا وأوكرانيا، يتماشى مع توجهات الجنوب العالمي.
رغم نجاح استراتيجية المغرب المعتمدة على التصدير، فإن تباطؤ النمو في العقد الماضي أعاد تسليط الضوء على التحديات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة.
كما أن المغرب معرض لخطر الوقوع في فخ الدخل المتوسط، وهو وضع حرج بين الدول منخفضة الدخل والدول مرتفعة الدخل. وقد بدأت الرباط في معالجة هذه القضايا من خلال نموذج تنموي جديد، لكن لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
ويبقى أمام المغرب طريق طويل لتحقيق تحول اقتصادي مستدام وشامل. من خلال التركيز على الاستثمار في رأس المال البشري، وتحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، يمكن للمملكة تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية في شمال إفريقيا.