حرب الأنابيب: من سينتصر في سباق الغاز بين المغرب والجزائر؟
أشارت صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أن القارة الإفريقية، التي تزخر بالموارد البترولية، أصبحت ساحة لمنافسة شديدة بين مشروعين عملاقين يستهدفان تزويد أوروبا بالطاقة: الأول تقوده الجزائر والثاني يقوده المغرب.
وقد زادت المنافسة حدة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، حيث يسعى كل طرف إلى تقديم بديل إفريقي للغاز الروسي.
وفي تحليل اقتصادي، أوضحت الصحيفة أن هذه المنافسة باتت تبرز بشكل ملحوظ على الساحة الدبلوماسية الإفريقية، نتيجة التوترات المستمرة بين المغرب والجزائر.
واعتبرت “لوموند” أن الوضع الراهن معقد للغاية، حيث تقتصر الجهود على مراحل التخطيط والتسويق، دون تحقيق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وأكدت الصحيفة أن المشروع الأقدم هو الذي تقوده الجزائر، والذي أُطلق في عام 2001 من خلال اتفاقية مبدئية مع نيجيريا، حيث لعب الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة وأولوسيغون أوباسانجو دورًا رئيسيًا في هذا المشروع.
وتُقدَّر تكلفة المشروع بين 10 و20 مليار دولار، حيث يمتد الأنبوب على مسافة تقارب 4200 كيلومتر، مع توقعات بتوفير نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
في المقابل، سعى المغرب بعد 15 عامًا من التهميش للعودة بقوة إلى الساحة الإفريقية، مؤكدًا أهدافه عبر انضمامه إلى الاتحاد الإفريقي في عام 2017.
وفي عام 2016، اقترح الملك محمد السادس مشروع “خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب”، الذي يمتد لحوالي 5600 كيلومتر تحت البحر بتكلفة تُقدَّر بنحو 25 مليار دولار، ومن المتوقع أن يُزود المشروع أوروبا بـ18 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
ووفقًا لخبير الطاقة فرانسيس بيرين، يُعتبر مشروع المغرب أكثر تعقيدًا، حيث يمر عبر أكثر من عشر دول، لكنه يتمتع بديناميكية أكبر في التعاون الإفريقي.
وأعرب وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة عن حماسه خلال الإعلان عن المشروع، مشيرًا إلى أنه يمثل “أكبر مشروع بنية تحتية في إفريقيا”.
مع ذلك، يتعين على المغرب التفاوض مع موريتانيا لاستقطاب دعمها، حيث تسعى كل من الجزائر والمغرب لتعزيز علاقاتهما مع هذا البلد. ومع تصاعد النقاشات، يدرك الجميع أن وجود مشروعين متزامنين أمر غير ممكن، مما يجعل فرص نجاح أي منهما محل شك.
وحذرت الصحيفة من أن إمكانيات نيجيريا في توفير الغاز قد تكون مبالغًا فيها، نظرًا للتحديات المستمرة في منطقة دلتا النيجر وسوء الحوكمة. كما أشارت إلى أن السوق الأوروبية تتجه نحو تقليص اعتمادها على الغاز، في ظل جهود التحول نحو الطاقة النظيفة والحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وبناءً على ذلك، أعرب دبلوماسيون عن قلقهم بشأن مستقبل هذه المشاريع، مشيرين إلى أن الطلب على الغاز قد ينخفض في المستقبل القريب، مما يُعقد من فرص نجاح مشروعات الطاقة الجديدة.