حرائق لوس أنجلوس: مأساة إنسانية وبيئية تحت أنظار إدارة ترامب

عاش أنطوني ميتشيل سنواته الأخيرة كأب وحيد يعنى بابنه المصاب بالشلل الدماغي، بعد فقدان زوجته قبل خمس سنوات. ولكن عندما اجتاحت حرائق الغابات لوس أنجلوس، كان ميتشيل عاجزًا عن الهروب بسبب إصابته في قدمه قبل أشهر، ليجد نفسه وابنه محاصرين وسط النيران.

لتكون هذه النهاية المأساوية جزءًا من حصيلة حرائق مستمرة أسفرت عن وفاة أكثر من 20 شخصًا، وما يزال هناك 16 شخصًا في عداد المفقودين، مع توقعات بارتفاع هذا الرقم في الأيام المقبلة.

في الوقت الذي كانت فيه العديد من الأسر تحاول النجاة من ألسنة اللهب، استغل البعض الوضع لتنفيذ عمليات نهب لمنازل المهجرين، حيث ألقت السلطات القبض على نحو 20 شخصًا لقيامهم بذلك، وفقًا لما صرح به المسؤولون في المقاطعة.

وتزامن اندلاع الحرائق مع الأجواء المشحونة التي تسبق حفل التنصيب الرسمي للرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، الذي يواجه انتقادات بسبب تصريحاته حول التغير المناخي.

حيث يصف ترامب ظاهرة الاحتباس الحراري بأنها “خدعة”، بينما يشير العلماء إلى أن هذه الحرائق، التي دمرت آلاف المنازل في لوس أنجلوس، هي نتيجة مباشرة لتغير المناخ.

لقد أدت الظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الجفاف الطويل وارتفاع درجات الحرارة، إلى زيادة انتشار الحرائق في كاليفورنيا.

كما يساهم التغير المناخي في خلق بيئة مثالية لهذه الكوارث الطبيعية، إذ أن جفاف النباتات يجعلها وقودًا سهلاً للنيران. وحينما تشتد الرياح، تصبح مكافحة هذه الحرائق أكثر صعوبة.

وفي ضوء هذه الكارثة البيئية، تثير بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية مخاوف السكان، حيث يعبر البعض عن قلقهم من أن الحكومة قد تركز مواردها على المناطق الأكثر ثراءً، متجاهلةً المناطق الفقيرة التي دُمرت بفعل الحرائق.

وقد تواصلت الجهود لمحاربة النيران التي استمرت لأكثر من أسبوع، وتعاونت السلطات المحلية مع سبع ولايات مجاورة وكندا لتقديم الدعم والإغاثة.

لكن مع استمرار التحديات، حذرت الأرصاد الجوية من أن الظروف لا تزال حرجة بسبب انخفاض الرطوبة وجفاف الغطاء النباتي.

وبجانب التأثير البيئي والإنساني، تسببت هذه الحرائق في خسائر اقتصادية ضخمة، حيث قدرت شركة أكوويذر الأضرار بحوالي 150 مليار دولار. وهذه الخسائر تشير إلى الحاجة الملحة لدعم حكومي كبير للمجتمعات المتضررة.

وفي حين أن التغير المناخي يُعتبر العامل الرئيس وراء تفاقم هذه الكوارث، إلا أن هناك أيضًا عوامل محلية ساهمت في شدتها، مثل خفض ميزانية إدارة الإطفاء في لوس أنجلوس.

هذه التخفيضات أثرت سلبًا على قدرة المدينة على التعامل مع الحرائق بشكل فعال.

ويعود النقاش حول تغير المناخ إلى الواجهة، حيث انتقد ترامب بقوة الاتفاقيات الدولية بشأن المناخ، مثل اتفاقية باريس، وأعطى الأولوية لتوسيع إنتاج الوقود الأحفوري.

و في الوقت نفسه، يطالب الخبراء بالتحرك العاجل لتخفيف آثار التغير المناخي الذي أصبح يهدد مستقبل العديد من المناطق.

حرائق لوس أنجلوس ليست مجرد كارثة محلية، بل هي تحذير للعالم بأسره بشأن الخطر المتزايد لتغير المناخ. وفي الوقت الذي تتسارع فيه الكوارث الطبيعية حول العالم، من أستراليا إلى غابات الأمازون، يبقى السؤال:

هل ستتخذ الإدارة الأمريكية الجديدة خطوات حاسمة للتصدي لهذا التحدي، أم ستظل تنكر حقيقة تغير المناخ؟

إن تحديات المستقبل قد تكون أكبر من أي وقت مضى، وهي مسؤولية تتطلب تعاونًا عالميًا وأفعالًا ملموسة.