توقعات بقاء العجز المالي الأمريكي مرتفعاً رغم وعود ترامب بتخفيض الضرائب والإنفاق
من المتوقع أن تشهد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية تغييرات محدودة في العجز المالي، بالرغم من وعود الحملة الانتخابية بتخفيض الضرائب وبرامج الإنفاق، وفقًا لما أشار إليه الخبراء الاستراتيجيون في بنك يو بي إس.
وفي مذكرة صدرت عن الفريق الذي يقوده جيسون دراهو، جاء أن العجز المرتفع بالفعل سيجبر الحكومة على إيجاد حلول وسط بشأن التخفيضات الضريبية والإنفاق، مع توقعات بأن تكون التخفيضات الضريبية على الشركات غير مرجحة في ظل غياب زيادة كبيرة في الإيرادات من الرسوم الجمركية.
ويبلغ العجز الحكومي الأمريكي حاليًا نحو 7.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يتجاوز الدين العام نسبة 120% من الناتج المحلي.
وفي هذا السياق، يؤكد بنك يو بي إس أن الأزمة الديونية ليست وشيكة بفضل وضع الدولار الأمريكي كعملة احتياطية والأسواق المالية العميقة، ولكن الحكومة الأمريكية لا تمتلك القدرة على الاقتراض بلا حدود.
يعتقد الخبراء أن استقرار نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي يتطلب اتخاذ تدابير إصلاحية مثل تعديل الاستحقاقات أو اللجوء إلى القمع المالي أو زيادة الضرائب.
وبالنسبة للكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، رغم الأغلبية الضئيلة في كل من مجلسي الشيوخ والنواب والرئاسة، قد يواجه تحديات في تنفيذ سياسات مالية توسعية بسبب المعارضات الداخلية من بعض الأعضاء والصلابة المالية داخل الحزب.
وأشار بنك يو بي إس إلى أن “العجز المرتفع” يعد عائقًا كبيرًا أمام تطبيق السياسات المالية المتساهلة. فعلى سبيل المثال، تقدّر التكلفة الإضافية لسياسات ترامب المقترحة المتعلقة بالضرائب والإنفاق بحوالي تريليون دولار على مدار 10 سنوات، مع إمكانية زيادتها إلى 15 تريليون دولار في سيناريو أكثر عدوانية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، أشار الخبراء إلى أن الكونجرس قد يكون حذرًا في الموافقة على إجراءات تزيد العجز أكثر من ذلك، خاصة وأن بعض أعضاء الإدارة قد تحدثوا عن ضرورة خفض العجز إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
من جهة أخرى، تمثل أسعار الفائدة تحديًا آخر، حيث أدت الزيادة في الفائدة إلى ارتفاع تكاليف خدمة الدين الحكومي لتتجاوز مستويات الإنفاق الدفاعي.
ومع ذلك، يتوقع بنك يو بي إس انخفاضًا طفيفًا في تكاليف الاقتراض، رغم المخاطر الناجمة عن التضخم وضغوط السياسات التجارية والتغييرات في حيازات الخزانة لدى الاحتياطي الفيدرالي.
ويرجح البنك أن يتبع الجمهوريون سياسات مالية من خلال المصالحة، وهي عملية تتيح تعديل الميزانية بأغلبية بسيطة في مجلس الشيوخ. قد تتضمن هذه السياسات مبادرات تتعلق بأمن الحدود ومحاولات تمديد حزمة الضرائب لعام 2017.
من ناحية أخرى، إذا تم تمديد التخفيضات الضريبية على الدخل الشخصي لعشر سنوات، فإن التكلفة ستصل إلى 4 تريليون دولار، وهو عبء يرى بنك يو بي إس أنه يمكن تخفيفه من خلال تقليص مدة التمديد إلى خمس سنوات، مما يقلل التكلفة إلى 1.3 تريليون دولار.
على الرغم من الجهود المبذولة لتعويض التدابير المالية، فإن فرض الرسوم الجمركية من غير المرجح أن يسد الفجوة المالية. ويشير البنك إلى أن فرض تعريفة بنسبة 10% قد يدر 2 تريليون دولار فقط على مدى 10 سنوات، لكن من المحتمل أن يضعف هذا النشاط الاقتصادي المحلي والعالمي.
وفيما يتعلق بتقليص الإنفاق أو تحسين الكفاءة، يرى بنك يو بي إس أن مثل هذه التدابير ستكون محدودة الفعالية، مشيرًا إلى أن الفوائد ستكون ضئيلة.
ومع بداية ولاية ترامب الثانية، يسلط بنك يو بي إس الضوء على القلق المتزايد بشأن الصحة المالية الأمريكية. إذ يتجاوز الدين الحكومي 120% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تستهلك تكاليف الفائدة 13% من الإيرادات الحكومية، وهو ما يعكس أعلى نسبة بين الدول المتقدمة. لذا، يعتبر استمرار العجز على هذا النحو أمرًا غير مستدام.
وفي الختام، يعتقد بنك يو بي إس أن المخاطر المباشرة المتعلقة بأزمة ديون حكومية منخفضة، ولكن استمرار الاختلالات المالية قد يقيد قدرة الحكومة على الاستجابة للأزمات الاقتصادية المستقبلية.
و لتحقيق استدامة مالية على المدى الطويل، من المحتمل أن تتطلب الأمر مزيجًا من النمو المرتفع، وخفض معدلات الفائدة، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تشمل تعديل الاستحقاقات، وزيادة الضرائب، وتطبيق سياسات القمع المالي.