الأخباراقتصاد المغرب

تقرير المرصد المغربي للحماية الاجتماعية يكشف عن اختلالات تهدد استدامة الإصلاحات الاجتماعية

كشف تقرير حديث صادر عن المرصد المغربي للحماية الاجتماعية عن وجود ست اختلالات رئيسية في سياسات الحماية الاجتماعية بالمغرب، مما يعرض العديد من الأسر المحتاجة للإقصاء ويحمل الطبقة المتوسطة العبء الأكبر للإصلاحات الاجتماعية.

في حين أن الطبقات المستفيدة اقتصاديًا تتمتع بامتيازات خاصة، فإن التقرير يحذر من أن هذه الاختلالات تهدد استدامة وفعالية هذا الورش الاجتماعي الهام.

و من التحديات التمويلية إلى قضايا الاستهداف والتضخم، يسلط التقرير الضوء على القضايا التي يجب معالجتها لضمان استدامة برامج الحماية الاجتماعية في المملكة.

1. الاختلال الأول: “المعيارية والملاءمة”

أشار التقرير إلى أن نظام الحماية الاجتماعية في المغرب يعاني من نقص في المعايير والملاءمة، حيث يقتصر القانون الإطار على تعزيز برامج كانت قائمة مسبقًا دون تطوير آليات جديدة تواكب التحديات الحالية.

كما لفت التقرير إلى التمييز الواضح ضد النساء في برامج الحماية الاجتماعية، مما يعمق الإقصاء الاجتماعي لبعض الفئات الهشة.

وذكر التقرير أن تصور الحماية الاجتماعية لا يشمل ضمان الحد الأدنى من الدخل للأشخاص غير القادرين على العمل، بل يقتصر على دعم العاطلين عن العمل الذين يتوفرون على عقود عمل رسمية، مما يستبعد العاملين في القطاع غير المنظم، الذي يمثل نسبة كبيرة من السوق.

2. الاختلال الثاني: “الحكامة والمشاركة”

ركز التقرير على ضعف بنية الحكامة في نظام الحماية الاجتماعية، مشيرًا إلى وجود منظومة قانونية غير منسجمة، بالإضافة إلى غياب فعلي للمشاركة المجتمعية في اتخاذ القرارات المتعلقة بتنفيذ السياسات الاجتماعية.

وأوضح أن غياب الشفافية والمساءلة يحد من فعالية هذه السياسات في تحقيق أهدافها.

3. الاختلال الثالث: “الاستهداف والشمول”

لفت التقرير إلى أن نظام الاستهداف في الحماية الاجتماعية يعتمد على تدابير بيروقراطية معقدة، مما يؤدي إلى تقليص عدد المستفيدين. وأكد أن نظام “العتبة” المستخدم في تحديد الأهلية يتسبب في حرمان العديد من الأسر الفقيرة، خاصة في المناطق الهامشية والقروية، من الحصول على الدعم الاجتماعي.

على سبيل المثال، تم استبعاد الأسر التي تمتلك أجهزة إلكترونية أو هواتف ذكية، رغم أن دخلها الشهري لا يتعدى 1000 درهم، بسبب ارتفاع مؤشر “العتبة”.

وأعرب التقرير عن قلقه بشأن استمرار ضعف مواكبة وتحيين السجل الاجتماعي الموحد، مما قد يفضي إلى تحويله من أداة فعالة في استهداف الفئات المحتاجة إلى أداة إضافية للإقصاء.

4. الاختلال الرابع: “التمويل والاستدامة”

حذر التقرير من التحديات التمويلية التي قد تعيق استدامة برامج الحماية الاجتماعية في المغرب. في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية والضغوط المالية التي تواجهها المملكة، يبقى تأمين الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ هذه البرامج أمرًا معقدًا.

وأكد التقرير على ضرورة التزام جميع المتدخلين في قطاع الحماية الاجتماعية لضمان استمرار التمويل والحفاظ على استدامة هذه البرامج.

5. الاختلال الخامس: “الأثر والتضخم”

ركز التقرير على تأثير التضخم على فعالية برامج الحماية الاجتماعية، حيث أشار إلى أن الأسر المغربية تتحمل أكثر من نصف كلفة التغطية الصحية الأساسية. كما أضاف أن التضخم يزيد من تكلفة الحياة اليومية، مما يعوق قدرة الأسر المتوسطة والفقيرة على تحمل التكاليف المتزايدة لهذه البرامج.

6. الاختلال السادس: “الضغوط من مؤسسات التمويل الدولية”

أوضح التقرير أن الإصلاحات التي تشترطها مؤسسات التمويل الدولية، مثل البنك الدولي، قد تؤدي إلى تفكيك تدريجي لصندوق المقاصة، مما يرفع الدعم عن المواد والخدمات الأساسية.

هذا الإصلاح قد يفاقم معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة، ويؤدي إلى تعميق الفجوات الاجتماعية في البلاد. في الوقت نفسه، قد تستفيد الطبقات الاقتصادية المستفيدة من امتيازات اقتصادية في قطاعات حيوية مثل الصحة (المصحات الخاصة، شركات الأدوية)، والتأمين، مما يعزز التفاوتات الاجتماعية.

تداعيات الاختلالات على الطبقة المتوسطة

حذر التقرير من أن الطبقة المتوسطة ستكون الأكثر تأثرًا بهذه الاختلالات، حيث ستتحمل العبء الأكبر للإصلاحات الاجتماعية على حساب قدرتها الشرائية. في المقابل، ستستفيد الطبقات المستفيدة اقتصاديًا من امتيازات تدعم مصالحها، ما يعزز الفجوات الاقتصادية والاجتماعية.

يُظهر تقرير المرصد المغربي للحماية الاجتماعية أن الإصلاحات الحالية في الحماية الاجتماعية تعاني من اختلالات بنيوية تؤثر على فاعليتها وجودتها.

وبينما تسعى الحكومة لتعزيز هذه البرامج، يتطلب الأمر إصلاحات جذرية لضمان استهداف عادل وفعال للفئات المحتاجة، وضمان استدامة تمويل هذه السياسات على المدى الطويل.

ومن أجل تحقيق تقدم حقيقي، يجب العمل على إصلاح منظومة الاستهداف والمشاركة وتطوير آليات التمويل لتلبية احتياجات الطبقات المتوسطة والفقيرة بشكل عادل.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى