الاقتصادية

تعظيم الثروة خلال الأزمات .. كيف استفاد الأثرياء من الهبوط الأخير لأسواق الأسهم؟

محت الموجة البيعية الأخيرة للأسهم تريليونات الدولارات من سوق الأسهم العالمي، وتبخر معها قدر كبير من قيم الشركات وثروات المليارديرات وحتى المستثمرين الأفراد الأقل ثراءً.

وفقدت شركات “العظماء السبعة” نحو تريليون دولار من قيمتها السوقية خلال هبوط يوم الإثنين (5 أغسطس)، فيما تشير تقديرات “بلومبرج” إلى أن خسائر الأسهم العالمية بلغت 6.4 تريليون دولار في الثلاثة أسابيع المنتهية في ذلك اليوم.

وخسر أغنى الأشخاص في العالم مئات المليارات من ثرواتهم، لكن بدأ بعضهم تعويض خسائره سريعًا، مثل “جيف بيزوس” الذي فقد نحو 23 مليار دولار من ثروته خلال يومي الجمعة والإثنين (2 و5 أغسطس) لكنها ما زالت مرتفعة بنسبة 7% منذ بداية العام.

في حين تشير إصبع الاتهام إلى عمليات تصفية مراكز “الكاري تريد” في تأجيج الموجة البيعية ومشاعر الهلع، كانت ردود فعل الأغنياء وكبار المستثمرين أكثر حنكة، فرغم خسائرهم الفادحة وجدوا سبيلهم لخلق فرص لتعظيم – وليس فقط تعويض – الثروة .

كيف تفاعل الأثرياء؟

– بشكل عام، ابتعد بعض المستثمرين الأثرياء والمكاتب العائلية عن الأسهم قبل تقلبات السوق الأخيرة، لكن رأى الكثيرون منهم في انخفاض الأسعار فرصة لتعظيم الثروة وتجنب الضرائب.

– وفقًا لمسح حديث أجراه بنك “يو بي إس”، تتكون 35% من محافظ المكاتب العائلية من الأسهم الخاصة، يليها 28% فقط في الأسهم العامة، والباقي موزع بين فئات الأصول الأخرى بما في ذلك 10% للعقارات .

– وجد مسح أجرته شركة “ديلويت” أن حيازات المكاتب العائلية من الأسهم العامة انخفضت من 34% إلى 25% بين عامي 2021 و2023، في حين قفزت حصة الأسهم الخاصة من 22% إلى 30% .

– عندما هبطت الأسهم يوم الإثنين، وانخفض مؤشرا “إس آند بي 500″ و”ناسداك” بنحو 3% لكل منهما، لم يصاب المستثمرون الأثرياء بالذعر لكنهم لم يقفز جميعهم للشراء أيضًا، وكانت لديهم الكثير من الأسئلة.

– قال “شون أبجار”، الرئيس المشارك للاستشارات المتعلقة بالمحافظ والثروات في شركة “بي بي آر بارتنرز”، التي تقدم المشورة لفائقي الثراء: “كان السؤال الشائع من العملاء هو ’ماذا يحدث؟‘ وكان الأمر بدافع الفضول؛ لم يكن هناك دافع حقيقي للعمل”.

– إن العملاء الذين تقدم لهم “بي بي آر المشورة”، والذين تبلغ ثروات معظمهم مئات الملايين أو المليارات، لا يتفاعلون مع أحداث السوق قصيرة الأجل نظرًا لآفاقهم الاستثمارية الطويلة، وفقًا لـ “أبجار”.

– لكنهم أرادوا أن يتعلموا عن تحركات السوق، ومعاملات “الكاري تريد” المرتبطة بالين، والمخاوف المتزايدة من الركود، واحتمالات خفض أسعار الفائدة.

a7361c18 d8be 4ce1 ad0d 49bfffb17a9b Detafour

كيف استفاد هؤلاء؟

– صحيح أن الكثير من المليارديرات والمستثمرين الذين يتصدرون المشهد ينصحون دائمًا بعدم بيع الأسهم بدافع الخوف خلال الاضطرابات القوية، لكن في حالة السوق الأمريكي يكون البيع أحيانًا منفعة، خاصة للأثرياء.

– يمتلك الكثير من المستثمرين الأثرياء (المكاتب العائلية) ما يسمى بـ “حسابات مُدارة بشكل منفصل”، وهي حسابات استثمارية مستقلة مصممة لضم مجموعة معينة من الأصول أو الأسهم.

– هذه الحسابات تجعل من السهل بالنسبة للعملاء الأثرياء بيع الأسهم التي انخفضت قيمتها، لضمان تحقيق خسائر، لأنه في هذه الحالة يمكن استخدام هذه الخسائر لتعويض المكاسب الرأسمالية في الأسهم الأخرى الرابحة، في ممارسة تُعرف باسم “حصاد الخسائر الضريبية”.

– مع انخفاض بعض أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى بنسبة 15% أو أكثر خلال الشهر الماضي، باع المستثمرون الأثرياء أسهمهم بخسارة، ليحصلوا على “الفوائد الضريبية” ليتجنب الضرائب على الأسهم الرابحة، ومن ثم يعيدون شراء الأسهم مجددًا (بأسعار منخفضة على الأرجح).

– بموجب القواعد الحالية أيضًا، يمكن للأزواج تحويل ما يصل إلى 27.2 مليون دولار إلى الورثة وأفراد الأسرة، ويمكن للأفراد تحويل نحو 13.6 مليون دولار، دون خضوعها للضريبة، وتنفيذ ذلك خلال انخفاض السوق يعني قدرتهم على تحويل عدد أسهم أكبر.

هل تجنبوا الأسهم إذًا؟

– في الحقيقة، اتفق جميع الأثرياء تقريبًا على أن الانخفاض الأخير فرصة لتعظيم الثروة، لكنهم اختلفوا على الاستراتيجيات، ففي حين وجد البعض منهم أسبابه المنطقية للبيع، استغل آخرون الفرصة لتعظيم حيازاتهم.

– ذكرت تقارير أن مديري الاستثمار في “بلاك روك” و”يو بي إس” و”فونتوبل”، كانوا من بين أولئك الذين يبحثون عن الأسهم الرخيصة بعد عمليات البيع الأخيرة، حيث ركزوا على شراء أسهم شركات التكنولوجيا الكبيرة بعد انخفاضها الحاد.

b1eab8a3 81ff 4b1c 821d c4b7826929e0 Detafour

– قال “ستيفن ييو”، مدير الصناديق في “بلو ويل كابيتال، إنه نفذ عمليات شراء “انتهازية” لسهم “إنفيديا” بسعر 95 دولارًا عندما انخفض السوق يوم الإثنين، فيما يتداول السهم الآن حول 105 دولارات، أقل قليلًا من إغلاق الأول من أغسطس عند 109.21 دولار.

– رغم هبوط السوق الحاد في ذلك اليوم، نفذت صناديق التحوط أكبر عملية شراء لأسهم التكنولوجيا الأمريكية في يوم واحد منذ نحو 5 أشهر، وفقًا لبيانات “جولدمان ساكس”، وكانت شركات أشباه الموصلات والبرمجيات من بين الأسهم الأكثر طلبًا.

– قال معهد “بلاك روك” للاستثمار، إنه يبحث عن فرص في أسهم التكنولوجيا، وتحديدًا مجموعة “العظماء السبعة”، فيما ذكرت وحدة إدارة الثروات العالمية لدى “يو بي إس”، أن أساسيات أسهم التكنولوجيا تظل “راسخة” وأن عمليات البيع المكثفة وفرت فرصة لزيادة التعرض.

– سبيل آخر للمستثرين، كان التحوط عن طريق الاحتفاظ بالنقدية، حيث تحولوا بشكل كبير إلى صناديق أسواق المال في الأسبوع المنتهي في السابع من أغسطس، لكنه اتجاه من غير الواضح حتى الآن ما إذا كان سيستمر بعد هدوء الأسواق.

– وفقًا لبيانات بورصة لندن، ضخ المستثمرون نحو 47.5 مليار دولار في صناديق أسواق المال الأمريكية، في أكبر تدفق أسبوعي منذ أبريل، في حين سحبوا 7.4 مليار دولار من صناديق الأسهم، بعد سلسلة شراء استمرت ثلاثة أسابيع.

ماذا يقول بافت عن هذه الحالات؟

– انخفضت استثمارات الملياردير “وارن بافت” ليس فقط في أمريكا ولكن حتى في اليابان، حيث تراجعت قيمة استثماراته في الأسهم اليابانية بنحو 6.7 مليار دولار عند مرحلة ما من الموجة البيعية الأخيرة، قبل أن تتقلص لاحقًا.

– وفقًا لـ “بافت”، فإذا كنت مستثمرًا طويل الأجل، فإن الأمر لا يهم حقًا، وسيكون من الحكمة تجاهل الصعود والهبوط قصير الأجل في سوق الأسهم تمامًا، حيث قال في 2015: “إذا كنت 

2f761c1a b3fa 4034 b1bf 02d8dd765a74 Detafour

– ذكر حكيم أوماها آنذاك: “خطأ فادح أن تفكر في الأسهم باعتبارها شيئًا يتقلب صعودًا وهبوطًا وأنك يجب أن تنتبه إلى تلك التقلبات، ركز على الجائزة طويلة الأجل، فما يحدث في يوم أو أسبوع أو عام لا ينبغي أن يكون مصدر قلق كبير”.

– مع ذلك، فإن شركة “بيركشاير هاثاواي” التي يقودها “بافت”، باعت نصف حيازتها من أسهم “آبل” مقابل 76 مليار دولار في الربع الثاني، وارتفعت حيازتها من الكاش إلى أكثر من 276 مليار دولار، عند مستوى قياسي.

– أثار هذا الإعلان القلق، خاصة أنه جاء وسط الموجة البيعية، لكن هذه المبيعات جرت قبل الاضطراب الأخير بأشهر وتركزت على سهم واحد، هو المفضل لـ “بافت”، لذلك قد تكون محاولة لجني الأرباح والاستعداد لاقتناص الفرص ومكافأة المستثمرين.

فرصة تستدعي الحماس والحذر

– يقول “جو باورنفرويند” مدير المحفظة في “إيه في آي جلوبال تراست” للاستثمار، إن عمليات البيع المكثفة الأخيرة تشكل فرصة للشراء، مضيفًا: “يخبرنا التاريخ أنه رغم عدم الارتياح الذي قد تسببه مثل هذه البيئة، فإنها تقدم أيضًا فرصًا جذابة للغاية”.

– يضيف “باورنفريند”: “هذه الفرصة بأسعار لم يتخيلها سوى القليل قبل أيام، وفيما ندرك أننا لا نعرف على وجه التحديد ما هو قادم، فإننا نمضي قدمًا ببطء، مع مزيج متوازن من الحذر والإقناع”.

– فيما حذر “جان لوي ناكامورا”، كبير محللي الأسهم في “فونتوبل”، من أن المستثمرين المتشائمين الذين يخرجون من سوق الأسهم الآن يخاطرون بفقدان انتعاش محتمل.

fd2223c8 9262 4cfb 81f5 da8d4eb6d6e7 Detafour

– وفقًا لـ “ناكامورا”، فإنه إذا انخفضت أسعار الأصول الخطرة أكثر من ذلك بكثير، فقد يتدخل الاحتياطي الفيدرالي بخفض طارئ للفائدة ، وإذا حدث ذلك، فإن الانتعاش في الأسهم قد يكون قويًا للغاية مثلما كانت عمليات البيع الأخيرة.

– في أول 3 جلسات من أغسطس، انخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 6.1%، لكن الأدلة التاريخية تشير إلى أن انخفاض المؤشر من ذروته بنسبة 5%، عادة ما يتبعه ارتفاع قوي ويكافئ المستثمرين على مشترياتهم خلال هذا الهبوط لاحقًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى