تساؤلات حول دقة احتساب البطالة في إحصاء 2024 بالمغرب
مع اقتراب موعد إحصاء السكان والسكنى لعام 2024، تتجه الأنظار نحو النتائج المرتقبة التي ستساعد في فهم التركيبة السكانية للمغرب.
هذه المعطيات ستكون ذات أهمية كبيرة لصناع القرار والمراقبين، إذ ستساهم في رسم صورة دقيقة عن المؤشرات السوسيو-اقتصادية في البلاد، لاسيما معدل البطالة، الذي يعد عنصراً أساسياً في توجيه السياسات العامة.
إلا أن هناك تساؤلات تطرح حول دقة طريقة احتساب هذا المؤشر، حيث يعتمد الإحصاء على معايير قد لا تعكس المعدل الحقيقي للبطالة في المغرب، مما يثير القلق بشأن موثوقية الأرقام المستخلصة.
تصنيف السكان إلى ثلاث فئات
سوف يقسم الإحصاء السكان إلى ثلاث فئات رئيسية:
الساكنة غير النشيطة: تشمل التلاميذ، الطلبة، ربات البيوت، المتقاعدين، المعاقين، المرضى، والمسنين، أي أولئك الذين لا يشاركون في سوق العمل، ويشمل ذلك الذين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل.
الساكنة النشيطة العاطلة: تتضمن الأشخاص البالغين من العمر 15 سنة فما فوق، والذين لا يملكون نشاطًا مهنيًا ويبحثون بنشاط عن عمل، وهو التعريف المتماشي مع المعايير الدولية.
الساكنة النشيطة المشتغلة: تضم الأفراد الذين يبلغون من العمر 7 سنوات فما فوق، ويشاركون في إنتاج السلع والخدمات حتى لو عملوا لمدة ساعة واحدة فقط خلال الأسبوع السابق للإحصاء. تشمل هذه الفئة جميع أنواع العمل بما في ذلك العمل المؤقت والموسمي، طالما كان هناك تعويض مالي.
و تواجه طريقة احتساب فئة المشتغلين انتقادات واسعة. وفقًا لتعريف المندوبية السامية للتخطيط، يعتبر أي شخص عمل حتى لساعة واحدة خلال الأسبوع المرجعي “مشتغلاً نشيطًا”، حتى وإن لم يعمل طيلة العام.
ويشمل ذلك الأشخاص العاملين في وظائف موسمية، مثل جني المحاصيل الزراعية أو العمل السياحي الموسمي، والذين لا يتم تصنيفهم ضمن فئة العاطلين رغم عدم عملهم سوى لفترات قصيرة.
ويشمل التعريف أيضًا الأفراد الذين يساعدون أسرهم دون مقابل مادي، مثل الأطفال الذين يساعدون في أعمال العائلة.
قال رشيد ساري، المحلل الاقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إن طريقة احتساب البطالة في المغرب “غير دقيقة”، لأنها تعتمد على فترات مرجعية قصيرة مثل العمل الموسمي الذي لا يتجاوز الشهرين.
وشدد على ضرورة أن يتم احتساب فترة العمل ضمن الفئة النشيطة لستة أشهر على الأقل.
وصرح ساري أن الاعتماد على مهن موسمية كمؤشر للبطالة ليس مناسبًا، مؤكدًا على أهمية استخدام معايير تأخذ بعين الاعتبار قوانين العمل وطبيعة سوق العمل المغربي.
كما دعا ساري إلى التركيز على قياس حجم القطاع غير المهيكل، الذي يشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصاد، حيث يعمل عدد كبير من المغاربة دون تسجيلهم رسميًا.
وأكد على أهمية اعتماد مقاربات متعددة لتحديد توجهات سوق العمل، مثل تقييم نسب الشباب العاملين بعقود محددة وغير محددة الأجل، وبيانات من الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات “أنابيك”.
و أعرب ساري عن تفاؤله بأن يكون إحصاء 2024 “استثنائيًا وغير تقليدي”، مستفيدًا من التطورات التكنولوجية الكبيرة التي شهدتها السنوات الأخيرة في مجال تحليل البيانات.
وأكد أن هذه الإحصاءات توفر فرصة غير قابلة للتكرار لتقديم معلومات دقيقة وموثوقة تعزز من فعالية السياسات العامة وتساعد في معالجة تحديات سوق العمل في المغرب بشكل أفضل.