تردد “بنك المغرب” في تحرير صرف الدرهم..التضخم يُعيق خطط التحرير
ما زالت قضية تحرير سعر صرف الدرهم المغربي تحتل مكانة مهمة، ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضًا على الصعيدين الداخلي والدولي، على الرغم من تأكيد عبد اللطيف الجواهري، محافظ بنك المغرب، أن صندوق النقد الدولي تراجع عن مطالبته بتحرير إضافي لسعر صرف الدرهم المغربي.
وفي هذا السياق، توقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” المقر في لندن زيادة ثقة البنك المركزي المغربي للانتقال نحو التعويم الكامل للعملة المحلية، وربطت هذه الخطوة بالظروف الملائمة مثل تحسن ميزان المدفوعات وانخفاض معدل التضخم. كما توقعت ارتفاع سعر صرف الدرهم أمام اليورو، ولكن هذه التوقعات لم تلقَ جدية كبيرة في المغرب.
وقد حذر إدريس الفينة، باحث في الاقتصاد ورئيس مركز المستقبل للتحليلات الاستراتيجية، من أن المغرب اختار التعويم التدريجي للدرهم ببطء، وذلك لأن البنك المركزي متحفظ في عملية التحرير.
وأكد أن تأخر التعويم الكامل للدرهم يتسبب في خسائر للاقتصاد المغربي، حيث إن التحرير سيساعد في تصحيح الاختلالات في مجال الاستهلاك، خاصة مع سجل عجز الميزان التجاري الذي بلغ العام الماضي 300 مليار درهم، و270 مليار درهم السنة السابقة.
وأضاف الفينة أن مستويات العجز هذه مرتفعة للغاية وتهدد الاقتصاد الوطني، والسبب يعود إلى استهلاكنا الزائد مقارنة بما ننتجه. وأشار إلى أن عملية التعويم ستعمل على تعقل عملية الاستهلاك، وستجعل الأسعار تعكس قيمتها الحقيقية، مشيرًا إلى أن الفائدة من العجز التجاري الكبير هي لمن يشتري المنتجات بأسعار لا تعكس تكلفتها الفعلية، وهذا غير صحي اقتصاديًا على المدى البعيد.
وأكد رشيد ساري، رئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، أن هناك رغبة لصندوق النقد الدولي في أن يتجه المغرب نحو التعويم الكامل، ولكن للمغرب سيادته في اتخاذ القرارات، مشيرًا إلى أهمية استقرار معدل التضخم لتحقيق هذا الهدف.
وختم ساري بالقول إن السيناريو الذي يقترحه النقد الدولي قد يخلق مشاكل حقيقية في الداخل، وأن هناك ثقة كبيرة في السياسة النقدية الوطنية.