تداعيات استيراد الحليب المجفف: تهديد للقطيع الحلوب وأضرار كبيرة للفلاحين
يعد قطاع إنتاج الحليب من الركائز الأساسية للاقتصاد الزراعي في المغرب، لكنه تعرض لاهتزازات كبيرة نتيجة موجة الجفاف التي ضربت البلاد على مدى السنوات الست الماضية.
وقد تجلت آثار هذه الأزمة بشكل ملحوظ في السنتين الأخيرتين من خلال انخفاض حاد في عدد إناث الأبقار المنتجة للحليب وكميات الحليب المُنتَجة، مما أثر بشكل كبير على توازن السوق الوطنية.
في مواجهة نقص الحليب في السوق، اتخذت الحكومة خطوات لدعم استيراد الحليب المجفف، بما في ذلك تعليق الرسوم الجمركية المفروضة عليه كجزء من مجموعة من الإجراءات الرامية إلى ضمان تلبية احتياجات المستهلكين.
وعلى الرغم من أن هذا التدبير قد ساهم في توفير الحليب للمستهلكين، إلا أنه أسفر عن تأثيرات سلبية على سلسلة إنتاج الحليب المحلي.
فقرار الحكومة لم يكن مصحوباً بإجراءات حمائية مناسبة، مثل تحديد سقف لكمية الحليب المجفف المستوردة، مما أدى إلى تدفق كبير لهذه المادة إلى السوق المحلية.
أدى هذا التدفق إلى تحول ملحوظ في سوق الحليب، حيث بدأت العديد من الوحدات الصناعية في الاعتماد على الحليب المجفف بسبب تكلفته المنخفضة التي تبلغ حوالي 2.20 درهم للتر، في حين أن الحليب الطبيعي كان يُشترى من الفلاحين بسعر يقارب 4.30 درهم للتر.
هذا الفارق الكبير في التكلفة دفع إلى استخدام واسع للحليب المجفف بدلاً من الحليب الطبيعي.
نتج عن هذا التحول هيمنة الحليب المجفف على السوق، مما أدى إلى تراكم كميات كبيرة من الحليب الطبيعي التي أصبحت غير قابلة للبيع.
ونتيجة لذلك، اضطر بعض المنتجين إلى استخدام الحليب الطبيعي كغذاء للحيوانات أو التخلص منه. في ظل هذه الظروف، قرر العديد من الفلاحين ذبح أبقارهم، نظراً لارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والعوائد المالية الأفضل من عملية الذبح مقارنة بالاستمرار في إنتاج الحليب، رغم الاستثمارات والدعم الحكومي المقدم لمربي الأبقار.
في هذا السياق، قام فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب بتوجيه سؤال كتابي إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، للاستفسار عن تداعيات استيراد الحليب المجفف على سلسلة إنتاج الحليب المحلي، والتدابير التي ستتخذها الوزارة لمعالجة الأضرار الاقتصادية التي تكبدها الفلاحون.
كما تساءل الفريق عن الخطط المستقبلية للحد من تأثير هذه السياسات على القطيع الوطني للأبقار الحلوب، فضلاً عن المخاوف المحتملة المتعلقة بالصحة العامة.
تتطلب هذه الأزمة تحركاً عاجلاً وفعالاً من قبل السلطات لضمان حماية الإنتاج المحلي وضمان استدامة قطاع الحليب في المغرب، الذي يعد من العناصر الأساسية للأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي في البلاد.