تجار القرب في مواجهة التحديات..الرقمنة والتكتلات كحلول لمنافسة المتاجر الكبرى بالمغرب
مع تزايد انتشار سلاسل المتاجر العصرية في المغرب ودخول لاعبين جدد إلى السوق، يثير هذا الوضع قلق العديد من المهنيين بشأن تأثيره على تجار القرب (مول الحانوت).
فقد باتت هذه المتاجر الكبرى تقدم عروضًا وأسعارًا تنافسية تجذب عددًا كبيرًا من الزبائن، مما يهدد “الدور التاريخي” لتجار القرب كمزودين رئيسيين للأسر المغربية بالسلع.
لمواجهة هذه التحديات، تعتمد وزارة التجارة والصناعة على رقمنة خدمات تجار القرب كحل رئيسي. وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أشار إلى أن الوزارة تعمل على وضع مخطط لتطوير التجارة الداخلية عبر رقمنة تجارة القرب، بما في ذلك تدريب التجار على أساسيات التجارة الإلكترونية وتزويدهم بمعدات تكنولوجيا المعلومات ووسائل الدفع عبر الهاتف المحمول.
في تعليق حول الموضوع، اعتبر الطيب آيت أباه، عضو سابق في غرفة التجارة وفاعل مهني بمدينة تمارة، أن الرقمنة وحدها قد لا تكون كافية لمواجهة المنافسة القوية التي تفرضها المتاجر الكبرى. وأكد أن الحل يكمن في الاستثمار في مشاريع تعزز القدرة الشرائية لتجار القرب، بحيث تمكنهم من التنافس مع المتاجر الكبرى.
واقترح آيت أباه إنشاء “مركز للشراء المشترك”، يجمع تجار القرب في تكتل يسمح لهم بشراء السلع بشكل جماعي، مما سيمكنهم من شراء كميات كبيرة بأسعار منخفضة، على غرار ما تفعله المتاجر الكبرى. وأكد أن هذا التكتل هو الحل الوحيد لضمان بقاء هذه الفئة من التجار.
وأوضح أن العلامات التجارية الكبيرة التي تدخل السوق المغربية تتمتع بقوة شرائية تفوق قدرة التاجر الصغير الذي يعمل بشكل منفرد، حيث يمكنها شراء السلع بكميات ضخمة بأسعار أقل وتقديمها للمستهلكين بأسعار منخفضة.
وفي ظل الظروف الحالية، أشار آيت أباه إلى أن تجار القرب يواجهون خطر “الانقراض”، منتقدًا غياب حلول جدية من الحكومات المتعاقبة لدعمهم رغم الوعود السابقة. وأضاف أن تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وحاجتهم إلى خدمات “الكريدي” التي يوفرها تجار القرب يساهمان في استمرار هؤلاء التجار، لكن تحسن القدرة الشرائية في المستقبل قد يدفع الزبائن نحو المتاجر الكبرى التي تقدم “تجربة استهلاكية” متميزة.
وأشار إلى أن “تجربة الاستهلاك” التي توفرها المتاجر الكبرى تمنح المستهلك شعورًا بالكرامة والتميز، وهو ما يفتقر إليه التعامل مع تجار القرب.