بين اختلاف الأجيال: كيف تعزز التواصل الفعّال في بيئة العمل؟
– هل سبق لك أن حضرت اجتماعًا وشعرت بأن ثمة فجوة هائلة في التواصل بينك وبين الحاضرين، وكأنهم يتحدثون لغة مختلفة، رغم أنكم جميعًا تتحدثون اللغة العربية؟
– قد تبدي تعليقًا ما، ولكن يتم فهمه بشكل مختلف تمامًا عما قصدته، ثم ما يلبث أن يتفاقم سوء الفهم هذا، ويؤدي إلى نشوب خلافات غير مرغوب فيها.
– ليس من الضروري أن تنتهي الأمور إلى هذا الصدام، إليك نصيحة بسيطة: حاول أن ترى هذا الصدام على أنه مجرد اختلاف في وجهات النظر، ناتج عن اختلاف الأجيال، واعتبره مجرد انعكاس لاختلاف القيم التي تربينا عليها.
أهم الفروق بين هذه الأجيال وقيمها |
|
جيل طفرة المواليد (من مواليد 1946-1964) |
– نشأ جيل طفرة المواليد في أعقاب الحرب العالمية الثانية في أجواء من الازدهار الاقتصادي والتغيّر الاجتماعي المتسارع، حيث تكوّنت شخصياتهم على قيم الاستقرار والانضباط في شتى مناحي الحياة. – وهم يفضلون عادةً التواصل المباشر والرسمي، وقد اكتسبوا مرونة كبيرة في مواجهة تحديات الحياة، مما يجعلهم حذرين في التعبير عن مشاعرهم بعمق، ويميلون إلى الحفاظ على مسافة اجتماعية معينة. |
الجيل إكس المستقل (من مواليد 1965-1980) |
– نشأ هذا الجيل في ظل تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة، مما جعلهم يقدرون الاستقلالية والتوازن بين متطلبات الحياة العملية والشخصية. – وهم يتميزون بحذرهم تجاه السلطة، ورغبتهم في بناء علاقات قائمة على الثقة المتبادلة. – كما أنهم يجمعون بين خبرة العالم التقليدي وبراعتهم في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة. |
جيل الألفية اليقظ (من مواليد 1981-1996): |
– يتميز جيل الألفية، الذي نشأ في عصر التكنولوجيا الرقمية، بوعيه العالي بالأحداث العالمية والتحديات المعاصرة. – وهم يؤمنون بقوة التعاون والعمل الجماعي، ويسعون إلى تحقيق أهداف ذات قيمة. – ويعتبرون الشفافية والصدق من أهم سمات القيادة الفعّالة، ويسعون إلى بناء علاقات قائمة على الثقة المتبادلة. – كما أنهم يهتمون بالصحة النفسية، ويسعون إلى إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم. |
جيل زد الأصيل (من مواليد 1997-2012) |
– نشأ هذا الجيل في عالم تسوده التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، وهم يتميزون بشغفهم بالأصالة والمواجهة المباشرة، ويهتمون بصحتهم النفسية بشكل كبير. – كما يعتبرون أنفسهم مواطنين عالميين يسعون إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ويرون النجاح الحقيقي في إحداث تغيير إيجابي في العالم. |
تصورات كل جيل
– تتشابك الأجيال وتتفاعل، فكل جيل يرث من سابقه تجاربٍ وأفكاراً، ويضيف إليها لمسته الخاصة، فجيل طفرة المواليد، مثلاً، ورث تفاؤلاً من عصر ما بعد الحرب، بينما يشكك جيل إكس في بعض هذه المبادئ، ليمهد الطريق أمام جيل الألفية وجيل زد اللذيّن حملتهما ثقافة العولمة والتكنولوجيا إلى آفاق جديدة من الوعي.
– على سبيل المثال، قد يشعر أفراد الجيل إكس بالإحباط حيال التوقعات المستمرة من جيل الألفية بالحصول على ملاحظات فورية ودائمة، حيث يرون في ذلك تقويضاً لمبدأ الاكتفاء الذاتي الذي يقدّرونَه.
– من جهة أخرى، قد يفسر أفراد جيل الألفية استقلال جيل إكس وتفضيله للعمل المنفرد على أنه عزلة أو عدم رغبة في التفاعل الاجتماعي.
– في بيئة عمل تجمع بين أجيال مختلفة، قد تتراكم المفاهيم النمطية دون أن نشعر، مثلاً، قد يرى أحد العاملين من جيل طفرة المواليد أن رسائل البريد الإلكتروني المختصرة من زميل له من جيل زد هو تقليل من شأنه، بينما يعتبره زميله من جيل زد أسلوباً حديثاً للتواصل، وكلاهما على صواب، فكل منهما ينطلق من منظور مختلف تشكّله تجاربه الخاصة.
رأب الصدع
– نحن جميعًا ننظر إلى العالم من خلال عدسات مختلفة، تشكّلت بفعل تجاربنا وبيئتنا، ويُعد هذا التنوع في وجهات النظر ثراء في حد ذاته، فكل فرد يحمل معه كنوزًا من المعرفة والخبرات.
– لذا، علينا أن نستمع باهتمام إلى آراء الآخرين، حتى وإن اختلفنا معها، وأن نحتفي بهذا الاختلاف دون إصدار أحكام، فالتنّوع هو أساس التقدم والإبداع، وهو ما يجعلنا نتعلم وننمو.
التعاطف الفعّال
– حاول أن تستكشف الأسباب التي تدفع أفراد الأجيال المختلفة إلى اختلاف ردة فعلها تجاه المواقف، فمثلاً، قد يعبر جيل زد عن مشاكله النفسية بصراحة، في حين نشأ جيل طفرة المواليد في بيئة اجتماعية كانت تحجم عن طرح مثل هذه القضايا.
تكييف التواصل
– في حين يفضل جيل طفرة المواليد التواصل المباشر عبر المكالمات الهاتفية أو الاجتماعات المباشرة، يميل جيل الألفية والجيل زد نحو التواصل غير المتزامن عبر الرسائل النصية أو تطبيقات العمل الإلكترونية والبريد الإلكتروني.
– تتطلب هذه الفروق في أنماط التواصل مرونة في بيئة العمل، حيث يمكن أن تساهم الأساليب المتنوعة في التواصل، التي تجمع بين الاتصال المباشر وغير المباشر، في سدّ الفجوة بين الأجيال المختلفة.
– ينجذب جيل الألفية والجيل زد إلى التواصل التفاعلي المستمر، حيث يشعرون بالرضا عند تلقي الملاحظات وتقديمها، فهم يرون في ذلك فرصة للمساهمة الفعالة والتقدير المتبادل.
-على النقيض من ذلك، قد يفضل جيل زد وجيل طفرة المواليد الملاحظات الرسمية والمحددة. لذا، من الضروري تهيئة بيئة عمل تشجع على تبادل الملاحظات البناءة بانتظام، بما يضمن مشاركة الجميع وتطورهم المهني.
تبني رؤية مشتركة للنجاح
– يكمن النجاح الحقيقي في تحقيق التكامل بين أهدافنا الفردية وقيمنا المشتركة كفريق، فكل جيل يجلب معه مجموعة فريدة من القيم والمعتقدات.
– قد يركز جيل طفرة المواليد على التقاعد والإرث، بينما يركز جيل إكس على تحقيق التوازن بين العمل والحياة، ويركز جيل الألفية على العمل الهادف، ويركز جيل زد على التأثير الاجتماعي.
– لنستلهم من هذه القيم ونبني عليها رؤية مشتركة للنجاح، وعلينا أن نسأل أنفسنا عن القيم التي نؤمن بها كفريق، وكيف يمكننا ترجمة هذه القيم إلى أفعال ملموسة.
ابن جسورًا وليس حواجز
– من خلال فهم واحترام التجارب المختلفة التي شكّلت جيل طفرة المواليد وجيل إكس وجيل الألفية وجيل زد، يمكننا بناء الجسور بدلاً من الحواجز.
– وبدلاً من التركيز على الفجوات بين الأجيال، علينا أن نحتفي بهذا التنوع، وأن نعمل على خلق بيئة عمل شاملة، حيث يشعر الجميع بأنهم جزء لا يتجزأ من الفريق، وأنهم يساهمون في تحقيق النجاح.