بوينج: من أيقونة الصناعة إلى مواجهة الأزمات المالية والتشغيلية
تعتبر شركة “بوينج” رمزًا للصناعة الأمريكية وقوة في مجال الطيران لفترة طويلة، لكنها واجهت في السنوات الأخيرة سلسلة من الأزمات والعقبات والتحقيقات التي أثرت سلبًا على سمعتها وأدت إلى تآكل ثقة عملائها.
أصبحت الشركة على حافة الانهيار، حيث أصبحت فكرة بيع بعض الأصول لتعزيز وضعها المالي أو حتى الإفلاس خيارًا ممكنًا.
ولم تكن “بوينج” مجرد ضحية للمنافسة الأجنبية، بل كانت نتيجة لأخطائها واستراتيجياتها التي فضلت الأداء المالي على التميز الهندسي.
إذ اعتقدت أن تحسين محرك طائرتها الأكثر مبيعًا، “737”، سيكون أقل تكلفة وأسرع من إعادة تصميمها بالكامل، وهو ما أدى إلى حوادث قاتلة وخلل في الجودة نتيجة الاستعانة بمصادر خارجية ومغادرة العمال الماهرين أثناء الجائحة.
تحت قيادة المدير التنفيذي “كيلي أورتبرج”، تم تحديد تآكل الثقة وزيادة الديون كمشاكل رئيسية تواجهها “بوينج”، حيث أوضح أن تحويل مسار الشركة سيستغرق بعض الوقت، لكنه ما زال لديه أمل في استعادة عظمتها.
ومع وجود طلبات كبيرة متراكمة، اعتبر “أورتبرج” أنه من الضروري معالجة المشاكل الحالية بشكل شامل.
تضاعفت خسائر الشركة في الربع الثالث من العام لتصل إلى نحو 6 مليارات دولار، في ظل إضراب شامل لأكثر من 30 ألف موظف، مما أدى إلى توقف إنتاج طائرات “737 ماكس” و”767″ و”777″، مما زاد من الضغط على مواردها المحدودة.
رغم عرض زيادة الأجور بنسبة 35% على مدار أربع سنوات، إلا أن اتحاد عمال الماكينات والطيران الدولي أعلن أن 64% من أعضائه صوتوا ضد الصفقة.
الإضراب تسبب أيضًا في تأخير تسليم الطائرات، مما أثر سلبًا على شركات الطيران وأدى إلى نقص محتمل في الرحلات الداخلية.
ووفقًا لوكالة “ستاندرد أند بورز”، فإن الإضراب يكلف “بوينج” مليار دولار شهريًا، مما يعيق قدرتها على تحقيق إيرادات من تسليم الطائرات.
بدأت مشاكل “بوينج” عندما واجهت خسائر مستمرة منذ أواخر 2018 بعد الحوادث المميتة لطائرات “737 ماكس”، مما أدى إلى توقفها لمدة 20 شهرًا.
تعقدت الأمور أكثر عندما واجهت تحقيقات فدرالية نتيجة لحوادث أخرى، مما زاد من الفجوة بينها وبين منافستها “إيرباص”.
مقارنة بين بوينج وإيرباص |
||
النقطة |
بوينج |
إيرباص |
تسليمات الطائرات التجارية في سبتمبر 2024 |
33 |
50 |
إجمالي تسليمات العام الحالي حتى الآن |
291 |
497 |
إجمالي الطلبات لسبتمبر 2024 |
65 |
235 |
إجمالي الطلبات للعام الحالي حتى الآن |
315 |
667 |
تراجعت القيمة السوقية لـ “بوينج” بشكل كبير في السنوات الخمس الماضية، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي ككل، حيث تساهم الشركة بما يقارب 79 مليار دولار سنويًا وتدعم 1.6 مليون وظيفة. الخسائر التي يتكبدها العمال والموردون تؤثر أيضًا على الاقتصاد المحلي.
رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها “بوينج”، يبقى الأمل في التعافي ممكنًا. أكدت إدارة الشركة على ضرورة تحسين ثقافة العمل والتعاون في المصانع. لكن أي تسوية للإضراب والتوصل إلى اتفاق لن تكون سوى البداية لاستعادة الثقة وتحقيق الاستقرار.
“بوينج” في الوقت الحالي تبحث في خيارات مثل بيع الأصول وتخفيض عدد الموظفين، كما تأمل في جمع ما يصل إلى 25 مليار دولار من خلال الاقتراض وبيع الأسهم. مع ذلك، تواجه الشركة خطر تدهور تصنيفها الائتماني إلى مستوى “الخردة”، مما قد يزيد من مشكلاتها المالية.
إذا اضطرت “بوينج” للإعلان عن الإفلاس، فإن ذلك قد يمثل فرصة للتخلص من بعض الديون، مما يتيح لها الاستمرار في السوق. في النهاية، فإن بقاء “بوينج” و”إيرباص” كالشركتين الرئيسيتين في تصنيع الطائرات يظل أمرًا حيويًا لصناعة الطيران العالمية.