بنك المغرب يضع خطة لمكافحة رواج الأوراق النقدية بإطلاق “الدرهم الإلكتروني”
يسارع بنك المغرب للعمل على إيجاد حلاً فعالاً ونهائياً لمشكلة انتشار النقد الورقي “الكاش”، التي تسجل أرقاماً قياسية هذا العام، حيث بلغت 403.2 مليار درهم في أبريل الماضي .
و في خطوة هامة نحو تعزيز التحول الرقمي والحد من رواج الأوراق النقدية “الكاش”، كشفت مصادر أن بنك المغرب بصدد إطلاق “الدرهم الإلكتروني” كوسيلة جديدة للدفع الرقمي.
و تهدف هذه المبادرة إلى مكافحة الظاهرة التي تُشكل مخاطرًا اقتصادية جسيمة، بما في ذلك ارتفاع التضخم وعدم الاستقرار المالي.
و وفقاً لتقرير صادر عن البنك المركزي يشير إلى زيادة العمليات النقدية بمبلغ 3.2 مليار درهم خلال الشهرين الماضيين، و 9.8 مليار درهم منذ ديسمبر الماضي، و 31.4 مليار درهم مقارنة بأبريل من العام الماضي، مما يمثل زيادة بنسبة 8.5٪ على أساس سنوي.
و جاءت هذه الأرقام متزامنة مع كشف بنك المغرب عن استراتيجيته لمواجهة تفاقم انتشار “الكاش”، الذي يسبب خسائر مالية تقدر بما يصل إلى 7 مليارات درهم سنوياً للاقتصاد الوطني.
وأكد البنك المركزي، خلال جلسة نقاش على هامش معرض “جيتكس إفريقيا” في مراكش، على استعداده لتطبيق استراتيجية للحد من انتشار النقد الورقي وتعزيز الدفع الرقمي، من خلال إنشاء أنظمة دفع مبتكرة وتنافسية، وضمان التوازن بين الابتكار والتنظيم، ودمج النظام الوطني للدفع في البيئة الإقليمية.
وفيما يتعلق بذلك، أوضح المدير عام لبنك المغرب أنه على الرغم من التقدم في هذا المجال، يفضل معظم المغاربة الدفع نقداً، مشيراً إلى أن نسبة التفعيل عبر الهاتف المحمول لا تتجاوز 10٪، واستخدام البطاقات البنكية في المعاملات الرقمية لا يتجاوز 30٪، مع تأكيده على مزايا النقد في المرونة وتكلفة أقل مقارنة بالوسائل الرقمية.
و يبقى انتشار النقد الورقي “الكاش” خطراً قائماً يمكن أن يؤثر بشكل كبير على القطاع المالي والبنكي والاقتصاد الوطني، حيث تزيد زيادة الكمية المتداولة من مستويات التضخم، مما يقلل من القدرة الشرائية للمواطنين ويؤثر على استقرار الاقتصاد.
وقد أشار الخبير الاقتصادي عبد العزيز مراحي إلى أن تفاقم هذه المشكلة يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي، ويمكن أن يؤدي إلى انخفاض قيمة الأصول المالية وضغط على أسعار الفائدة.
لذلك، يرى الخبراء الإقتصاديون، أن العملات المشفرة توفر وسيلة فعالة للتحويلات المالية الإلكترونية دون الحاجة إلى النقود الورقية، مما يقلل من الاعتماد على النقد التقليدي ويعزز النظام المالي الرقمي، على الرغم من المخاطر المرتبطة بها.
ويؤكدون على أهمية التشريعات المستقبلية للعملات المشفرة، التي ستمكن من مكافحة الجريمة المالية وتعزيز الرقابة المالية.
و يُعدّ “الدرهم الإلكتروني” عملة رقمية رسمية صادرة عن بنك المغرب، تُمثل بديلاً رقميًا للدرهم المغربي. يمكن استخدامها لإجراء المعاملات المالية، مثل الدفع مقابل السلع والخدمات، وتحويل الأموال، ودفع الفواتير، دون الحاجة إلى استخدام الأوراق النقدية.
يمكن استخدام “الدرهم الإلكتروني” من خلال محفظة رقمية على الهاتف الذكي أو جهاز آخر. يمكن شحن المحفظة بالدرهم المغربي من خلال الحسابات المصرفية أو نقاط البيع المتخصصة.
و يُتيح “الدرهم الإلكتروني” إجراء المعاملات المالية بسهولة وسرعة أكبر من استخدام الأوراق النقدية.
وغالبًا ما تكون تكاليف المعاملات باستخدام “الدرهم الإلكتروني” أقل من تكاليف المعاملات باستخدام الأوراق النقدية أو البطاقات البنكية.
كما يُعدّ “الدرهم الإلكتروني” وسيلة آمنة لإجراء المعاملات المالية، حيث يتم تأمينه باستخدام تقنيات تشفير قوية , و يُمكن “الدرهم الإلكتروني” الأفراد غير المتعاملين مع البنوك من الوصول إلى الخدمات المالية بسهولة.
و يُساعد “الدرهم الإلكتروني” على مكافحة الفساد من خلال تقليل الاعتماد على الأوراق النقدية، التي تُستخدم غالبًا في المعاملات غير القانونية , و تُتيح تقنية “البلوكشين” المستخدمة في “الدرهم الإلكتروني” إمكانية تتبع المعاملات بسهولة، مما يُعزز الشفافية في النظام المالي.
يُمكن أن يُساهم “الدرهم الإلكتروني” في دعم النمو الاقتصادي من خلال تسهيل التجارة الإلكترونية وتعزيز الشمول المالي.
و يعمل بنك المغرب حاليًا على إعداد البنية التحتية اللازمة لإطلاق “الدرهم الإلكتروني”. ومن المتوقع أن يتم إطلاق العملة بشكل تدريجي خلال الأشهر القليلة المقبلة.
كما هناك حاجة إلى بذل جهود كبيرة لزيادة وعي الجمهور بـ “الدرهم الإلكتروني” وفوائده.
يُعدّ “الدرهم الإلكتروني” أداة قوية يمكن أن تُساهم في مكافحة رواج الأوراق النقدية وتعزيز التحول الرقمي في المغرب.