بعد موافقة النرويج.. ما السبب وراء تزايد الاهتمام بالتعدين في أعماق البحار؟ وما تداعياته؟
أصبحت النرويج أول دولة في العالم تسمح بالتعدين في أعماق البحار على نطاق تجاري – وهو ما يعني استخراج الموارد المعدنية الصلبة من قاع البحر على أعماق تزيد عن 200 متر وهو أمر مثير للجدل – بعد تصويت برلماني، مما أثار احتجاجات غاضبة من نشطاء البيئة.
وذلك بعدما صوت برلمان الدولة الواقعة في شمال أوروبا هذا الأسبوع بأغلبية 80 صوتًا مقابل 20 من المشرعين لصالح السماح بالتنقيب عن المعادن في مياهها، ولكن لم يحدد المسؤولون بعد جدولاً زمنيًا لبدء الاستكشاف، وسيعمل مشروع القانون الذي تم إقراره على تسريع عملية البحث عن المعادن الثمينة.
مما يمهد الطريق أمام الشركات للتقدم بطلب للحصول على المعادن المهمة في مياهها الوطنية بالقرب من أرخبيل سفالبارد، وتشير التقديرات إلى أن المنطقة – التي تعد جزءًا من جرف قاع البحر الممتد في البلاد – أكبر من مساحة المملكة المتحدة، إذ تبلغ حوالي 280 ألف كيلومتر مربع.
ولكن أوضحت الحكومة النرويجية أنها تتوخى الحذر ولن تبدأ في إصدار التراخيص إلا بعد إجراء المزيد من الدراسات البيئية.
وتهدف تلك الخطوة التي اتخذتها النرويج – التي جعلتها احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز واحدة من أغنى دول العالم – إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
ما السبب وراء تزايد الاهتمام بذلك التعدين؟
– تفتح تلك الخطوة المياه النرويجية أمام المعدات الثقيلة لاستخراج المعادن بما في ذلك المغنيسيوم والنيوبيوم والكوبالت التي تشهد طلبًا متزايدًا لتغذية شهية العالم للمنتجات التقنية مثل الجوالات الذكية والسيارات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية.
– أدى السباق نحو خفض الانبعاثات الكربونية من أجل مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري إلى تزايد الطلب على النحاس والكوبالت والنيكل وغيرها من المواد اللازمة لتحول الطاقة.
– وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول عام 2040 سيكون احتياج العالم لكثير من هذه المعادن ضعف ما هو عليه الآن، فمثلاً من المتوقع زيادة الطلب على النحاس من 25 مليون طن في 2020 إلى 50 مليونًا بحلول 2050.
– على الرغم من توافر هذه المعادن على سطح الأرض فإنها تتركز في عدد قليل من الدول مما يزيد من مخاطر العرض، وللتوضيح تواجه جمهورية الكونغو الديمقراطية – التي تضم بعضًا من أكبر احتياطيات الكوبالت – صراعات في أجزاء من البلاد.
الآثار البيئية
– يرى مؤيدو قرار النرويج أن الوصول إلى المعادن من قاع المحيط أمر ضروري لتسهيل عملية التحول العالمي بعيدًا عن الوقود الأحفوري، بينما يشير المنتقدون إلى أن تلك الخطوة مدمرة للغاية.
– كما أن المؤيدين يرون أن التوسع الهائل في التعدين على سطح الأرض من شأنه أن يسبب المزيد من الخراب البيئي، وأن التعدين في قاع البحر أقل تدميرًا.
– يُحذر العلماء من صعوبة التنبؤ بالتأثير البيئي الكامل لها، كما حذروا من ضرر واسع النطاق وشديد وغير قابل للإصلاح للأنظمة البيئية للمحيطات العالمية المهددة بالفعل بأزمات المناخ والتنوع البيولوجي في حال استمر التعدين في أعماق البحار.
– وأوضحت “مؤسسة العدالة البيئية” – وهي منظمة دولية غير حكومية- أن أي فوائد محتملة من التعدين في أعماق البحار لا تفوق المخاطر البيئية والاقتصادية.
– ذكر “مارتن ويبيلر” المسؤول لدى المنظمة أنه يمكن تلبية الطلب على المعادن المهمة بصورة كبيرة عن طريق زيادة كفاءة المعادن التي تم استخراجها بالفعل، بما يشمل إعادة تدوير النفايات الإلكترونية مثل الجوالات القديمة والبطاريات الأكثر تقدمًا، مضيفًا: لماذا يجب علينا توسيع نطاق التعدين المدمر ليشمل أحد أكثر النظم البيئية أهمية على وجه الأرض.
انتقادات
– وافق البرلمان النرويجي على التعدين التجاري عن المعادن رغم وقوف جماعات الضغط المعنية بالبيئة وصيد الأسماك ضد هذه الخطوة.
– تضع موافقة النرويج على التعدين في أعماق البحار البلاد على خلاف مع المملكة المتحدة والمفوضية الأوروبية التي ضغطت من أجل التوقف مؤقتًا لأسباب بيئية.
– ووصفت منظمة السلام الأخضر ذلك التصويت بأنه يوم مخز بالنسبة للنرويج.