بعد تراجع المبيعات .. ما التحديات التي تواجهها أكبر سلسلة مقاهٍ على مستوى العالم؟
تواجه “ستاربكس” مرحلة عصيبة، فعلى الرغم من أنها لا تزال أكبر سلسلة مقاهٍ على مستوى العالم، إلا أن مبيعاتها العالمية تراجعت للربع الثاني على التوالي.
وفي الربع السنوي الأخير المنتهي في الثلاثين من يونيو انخفضت مبيعاتها العالمية 3%، مع تعرضها لضغوط متزايدة من حساسية الأسعار في الولايات المتحدة والمنافسة الشرسة في الصين، إلى جانب تأثير حملات مقاطعة منتجات الشركة بسبب الحرب بين حماس وإسرائيل.
وفي أمريكا الشمالية تراجع إجمالي المعاملات في المتاجر المفتوحة منذ عام واحد على الأقل 6%، وهو ما يرجع لارتفاع الأسعار، وتغير عادات المستهلكين فبدلاً من طلب القهوة الساخنة والاسترخاء لتناولها أثناء قراءة كتاب، أصبح العملاء يميلون لطلب المشروبات الباردة عبر خدمة الطلب من السيارة أو عبر الجوال، أي أن الأمر أصبح يشبه مطاعم الوجبات السريعة أكثر منه مقهى.
وبالفعل تغير نموذج “ستاربكس” بشكل جذري مقارنة مع بدايته كمقهى، إذ أصبح يشكل تطبيق الجوال وخدمات الطلبات من السيارات أكثر من 70% من المبيعات في حوالي 9500 متجر تديره الشركة بالولايات المتحدة، وتشكل المشروبات البادرة نسبة أعلى مقارنة بنظيرتها الساخنة.
وقال “لاكشمان ناراسيمهان” المدير التنفيذي للشركة للمستثمرين بعد إعلان نتائج أعمال الربع الثاني أن المشروبات الباردة أصبحت تشكل 76% من المبيعات حاليًا.
وأضاف: بيئة المستهلك الحالية “معقدة” ولكن تبذل الشركة قصارى جهدها ولدينا ثقة كاملة في الإمكانات طويلة الأمد لـ “ستاربكس” حول العالم، ولسنا راضين عن نتائج الأعمال.
تولى “ناراسيمهان” -المستشار السابق لشركة “ماكينزي” والذي أدار مؤخرًا مجموعة المنتجات الاستهلاكية البريطانية “ريكيت بنكيزر”- منصب المدير التنفيذي في أوائل 2023 خلفًا لـ “هوارد شولتز” الذي شغل هذا المنصب خلال ثلاث فترات، ولا يزال من بين أكبر مساهمي الشركة.
جهود ومعوقات
بالفعل أطلقت الشركة التي يقع مقرها في سياتل مجموعات جديدة من مشروبات الطاقة المثلجة والشاي الفقاعي، والتي أشاد بها “ناراسيمهان” باعتبارها واحدة من أنجح عمليات إطلاق المنتجات في تاريخ سلسلة متاجر القهوة.
وطرحت مؤخرًا قائمة تجمع بين مشروب ووجبة إفطار مقابل 5 أو 6 دولارات، وأوضحت أن تلك التجربة تؤتي ثمارها لأن الطلب تزايد على عدة عناصر.
لكن أوضح المدير التنفيذي الحالي أن الشركة لا تزال في المراحل المبكرة من استكشاف الشراكات الاستراتيجية لتعزيز موقفها التنافسي بشكل أكبر لتسريع النمو والابتكار للفوز على المدى الطويل في الصين.
ورغم تراجع المبيعات، إلا أن “ستاربكس” واصلت التوسع عالميًا، وأضافت صافي 526 متجرًا جديدًا ليصبح لديها 39.477 ألف موقع في 86 سوقًا.
وفي الصين، اتسعت الفجوة بين “ستاربكس” وقائدة السوق المحلية “لوكين كوفي” التي يقع مقرها في بكين إذ نمت مبيعاتها 35% على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة المنتهية في الثلاثين من يونيو لتصل إلى 8.4 مليار يوان (1.1 مليار دولار).
تحديات إضافية
تضغط الشركة الاستشارية النشطة “إليوت إنفسمنت مانجمنت” لإجراء تغييرات بالشركة بعد تراجع سهم “ستاربكس”، وستكون الطريقة التي سيتعامل بها “ناراسيمهان” بمثابة اختبار لما إذا كان قادرًا على إرضاء المستثمرين الآخرين الذين شهدوا اختفاء 30 مليار دولار من القيمة السوقية خلال فترة إدارته.
ويركز مديرو الشركة على إجراء محادثات مع نقابة الباريستا أو العاملين بالمقاهي الساعين لزيادة الأجور وتحسين ظروفهم.
إلى جانب أن “شولتز” -سادس أكبر المساهمين- يوجه انتقادات للشركة، إذ صرح في بودكاست “أكويرد” مؤخرًا: أعتقد أننا لسنا في أفضل حالاتنا حاليًا. مشيرًا إلى أنه لا يزال يعلم بالأمور الداخلية لـ “ستاربكس” أفضل من أي شخص آخر.
في منشور عبر “لينكد إن”، انتقد “شولتز” مسار الشركة وقدم بعض الاقتراحات للتحول من بينها أن يمضي كبار القادة بما في ذلك أعضاء مجلس الإدارة بعض الوقت مع العاملين بالمقاهي، وتبني الابتكار في مجال القهوة، وإصلاح استراتيجية طرح المنتجات.
وكتب أيضًا: أكدت على أن إصلاح الشركة يجب أن يبدأ من الداخل، تتطلب المتاجر تركيزًا جنونيًا على تجربة العملاء، الإجابة لا تكمن في البيانات ولكن في المتاجر.
لكن أضاف “شولتز” -البالغ من العمر 71 عامًا- في البودكاست: لقد أوضحت لـ “لاكشمان” أن ليس لدي رغبة أو نية للعودة للعمل كرئيس تنفيذي لـ “ستاربكس”.
ورغم ذلك إلا أن البعض يشكك في الأمر، وقال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين عن “شولتز”: ستاربكس هي طفلة، ولا يمكنه التخلي عن الأمر ويسلمه بالكامل لشخص آخر.