بعد الضربات الأمريكية.. كيف أصبحت توترات البحر الأحمر محور الأحداث في الأسواق العالمية؟
تزايدت حدة الاضطرابات الجيوسياسية العالمية مع بداية العام الجاري، وتركزت بؤرة التوترات في الشرق الأوسط بدلًا من أوروبا، وأصبحت مخاطر البحر الأحمر تهدد بعودة الضغوط التضخمية في كافة الصناعات وعبر جميع الاقتصادات العالمية.
وفي سوق النفط، يترقب المستثمرون هذه التطورات عن كثب، لا سيما بعد الهجمات التي نفذتها القوات المشتركة بقيادة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن صباح الجمعة، بسبب تهديدهم المستمر لحركة الشحن الدولية في البحر الأحمر.
ردود فعل الأسواق
– في صباح الجمعة، قفزت أسعار النفط بنحو 4% ليتجاوز سعر خام ليتجاوز 80 دولارًا للبرميل للمرة الأولى هذا العام على خلفية التصعيد الأخير، والذي يخشى المستثمرون أن يؤثر على الإمدادات العالمية.
– عند مرحلة ما من التعاملات، ارتفعت أسعار الذهب أيضًا بنحو 2% أو بمقدار 48 دولارًا تقريبًا لتتجه العقود نحو تسجيل أعلى إغلاق منذ منتصف ديسمبر، مع إقبال المستثمرين على حيازة الأصول الآمنة.
– كشفت بيانات مجموعة لندن للبورصات وشركة “كبلر” أيضًا عن تغيير عدد من ناقلات النفط الخام والوقود لمسارها صباح الجمعة، لتجنب البحر الأحمر ومنطقة باب المندب خوفًا من التصعيد، خاصة بعد تحذير القوات الدولية للسفن.
– في الوقت نفسه، تعطلت منشآت صناعية في أوروبا بسبب تأخر تسليم قطع الغيار والسلع الأولية للإنتاج، بما في ذلك مصانع لشركتي “فولفو” و”تسلا”.
المخاطر الجيوسياسية تعود للواجهة
– في هجمات صباح الجمعة، أسقطت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة 21 طائرة بدون طيار وصواريخ استهدفت السفن التجارية، فضلًا عن شن غارات جوية مكثفة ضد أهداف عسكرية للمتمردين الحوثيين في اليمن.
– لكن البحر الأحمر ليس البؤرة الوحيدة الآن، حيث إن إغلاق حقل الشرارة النفطي الذي تبلغ طاقته 300 ألف برميل يوميًا (وهو الأكبر في ليبيا)، يمكن أن يؤدي أيضًا إلى سحب ما يقرب من 130 ألف برميل يوميًا أخرى من السوق.
– تشهد أيضًا الإكوادور، الدولة المنتجة للنفط، حرباً شاملة مع العصابات التي اقتحمت محطة تلفزيون وحاولت السيطرة عليها هذا الأسبوع خلال بث نشرة إخبارية، ما دفع الحكومة إلى تعبئة الجيش وإغلاق المدارس والمتاجر، فيما تنفذ قوات الأمن دوريات في الشوارع.
– لكن حتى هذه التطورات، بما في ذلك، الحرب المستمرة في أوكرانيا، لم تسترعِ انتباه المستثمرين مثلما تفعل الأحداث في الشرق الأوسط الآن، وتحديدًا في منطقة البحر الأحمر وباب المندب الحيوية لحركة الشحن الدولية.
ما التداعيات المحتملة للتصعيد الأخير؟
– يعد البحر الأحمر ممرًا ملاحيًا حيويًا للتجارة العالمية، حيث تعبر من خلاله 15% من التجارة العالمية المنقولة بحرًا، ويشمل ذلك 8% من الحبوب العالمية، و12% من النفط المنقول بحراً، و8% من الغاز الطبيعي المسال في العالم.
– وضعت حكومة المملكة المتحدة سيناريوهات تشير إلى أن المزيد من الاضطراب قد يؤثر على الاقتصاد، حيث توقعت وزارة الخزانة ارتفاع أسعار النفط الخام بأكثر من 10 دولارات للبرميل وزيادة بنسبة 25% في الغاز الطبيعي.
– يهدد ارتفاع أسعار الطاقة بإثارة المزيد من الضغوط التضخمية في الوقت الذي بدأت فيه في التباطؤ، بالتزامن مع تزايد تكلفة شحن الحاويات على السفن، خاصة أن بعض الشركات بدأت في نقل هذه التكلفة إلى المستهلكين.
– تجدد الضغوط التضخمية قد يعني عرقلة جهود صناع السياسة النقدية حول العالم لإنهاء دورات التشديد وبدء سلسلة من خفض الفائدة، وهو ما قد يثير اضطرابات في الأسواق المالية التي تعلق آمالًا عريضة على هذا التحول.