انهيار أسعار الطماطم في المغرب: مزارعون يعانون من خسائر بسبب اختلالات العرض والطلب
شهدت أسعار الطماطم في أسواق الجملة بمدينة إنزكان تراجعًا حادًا، مما أثار قلقًا واسعًا بين المنتجين والمزارعين.
و في ظل إنتاج قياسي للمنتوج، تتراوح أسعار الطماطم حاليًا ما بين 20 و30 درهمًا للصندوق، ما يعكس اختلالات كبيرة في العرض والطلب.
هذا الانهيار السريع للأسعار جاء نتيجة لعدة عوامل، أبرزها التغيرات المناخية المفاجئة وارتفاع درجات الحرارة خلال شهري أكتوبر ونونبر 2024، مما أدى إلى نضج غلال الطماطم بشكل غير متوقع، ودفعها بكميات ضخمة إلى الأسواق في وقت واحد.
ووفقًا لمهنيين في القطاع، تسبب هذا الوضع في خسائر مالية جسيمة للفلاحين، حيث فاق العرض الطلب بشكل كبير.
وأسفر هذا عن تهاوي الأسعار لتصل إلى مستويات متدنية، حيث يباع الكيلوغرام الواحد من الطماطم بأسعار لا تتجاوز درهمًا إلى درهم ونصف في أسواق الجملة، وهو ما يهدد بتكبيد الفلاحين خسائر كبيرة، حيث لا تغطي هذه الأسعار حتى تكاليف الإنتاج.
وفي هذا السياق، أكد العديد من الفلاحين أن هذا الانهيار دفعهم إلى اتخاذ قرار بإلغاء زراعة الطماطم في ضيعاتهم للعام المقبل، وأشاروا إلى أن الوضع الحالي يهدد استدامة الإنتاج في المستقبل، مما يعكس حالة الكساد التي يمر بها القطاع الزراعي.
كما أضافوا أن هذا الوضع يجعل من الصعب الحفاظ على استقرار السوق الداخلي، مما يؤدي إلى تزايد أسعار الطماطم على مستوى البيع بالتقسيط للمستهلك، حيث لا يقل سعر الكيلوغرام الواحد عن 4 إلى 5 دراهم في الأسواق.
من جهة أخرى، أشار التقرير الصادر عن المديرية الجهوية للفلاحة لسوس ماسة إلى أن إنتاج الطماطم في جهة سوس ماسة من المتوقع أن يتجاوز 650 ألف طن من “الطماطم الكبرى” في الموسم الفلاحي الحالي.
كما أضافت المديرية أن البرنامج السنوي للمغروسات يشمل غرس أكثر من 7200 هكتار من الطماطم، منها 3900 هكتار من “الطماطم الكبرى”، التي ستمول السوق الداخلي وتدعم التصدير.
ولمواجهة هذا التحدي، خصصت الحكومة دعمًا ماليًا يصل إلى 7 مليون سنتيم لإنتاج الطماطم داخل البيوت المغطاة، و4 مليون سنتيم للهكتار الواحد من الطماطم المزروعة خارج البيوت المغطاة، وذلك بهدف الحفاظ على استقرار أسعار هذه المادة الحيوية في الأسواق الداخلية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل عام.
كما سبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن دعا إلى ضرورة إعادة تنظيم سلاسل التسويق وتقنين دور الوسطاء في القطاع الزراعي. وأكد المجلس في “نقطة يقظة” على أهمية تسريع إصلاح أسواق الجملة عبر إنشاء نظام إدارة مفتوح أمام المنافسة، يشترط احترام دفتر التحملات لضمان نزاهة التعاملات في هذه الأسواق.
ووفقًا للمجلس، فإن هذه التدابير من شأنها أن تساهم في تنظيم مسارات تسويق المنتجات الفلاحية وتقليل مضاربة الوسطاء، مما يساهم في الحد من الارتفاع غير المبرر للأسعار في الأسواق.
إن استمرار هذه التحديات يطرح ضرورة إيجاد حلول جذرية لضمان استقرار السوق الزراعي في المغرب، وتحقيق التوازن بين مصلحة الفلاحين والمستهلكين، مع تعزيز الشفافية والمنافسة في أسواق الجملة.