الولايات المتحدة والناتو يحدّان من اعتماد أوروبا على الغاز الروسي
منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، اتجهت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى البحث عن مصادر بديلة للغاز في محاولة لتقليص اعتماد أوروبا على الإمدادات الروسية.
وقد تجددت هذه الاستراتيجية بشكل ملحوظ مع بداية ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية في يناير، مما عزز الجهود الأمريكية للحد من النفوذ الروسي في القارة الأوروبية ودعم أهداف واشنطن في الشرق الأوسط.
هذه التحركات تأتي في إطار أوسع لعرقلة استراتيجية الصين الرامية إلى استبدال الهيمنة الأمريكية العالمية بنفوذ صيني متزايد.
أحد العوامل الأساسية وراء أهمية تقليص صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا هو اعتماد القارة الطويل على هذه الإمدادات، وهو ما سمح لروسيا بالتحكم في العديد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، من خلال ربطها باحتياجات الطاقة.
هذا النفوذ ساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تعزيز طموحاته الجيوسياسية، التي بدأت منذ عام 2008 مع محاولاته لإحياء الإمبراطورية السوفييتية، وتفاقمت في عام 2014 بعد ضم شبه جزيرة القرم.
استفاد بوتين من دور الغاز والنفط الروسيين في بناء نفوذ اقتصادي وسياسي واسع على دول الاتحاد الأوروبي. ومن خلال هذه الموارد، تمكن من تعزيز روابطه مع دول الاتحاد السوفيتي السابق، وكبح جماح التدخل الأوروبي في سياسته الخارجية.
و في المقابل، فشل الغرب في اتخاذ إجراءات مؤثرة بعد غزو روسيا لجورجيا في 2008، أو ضم القرم في 2014.
ومع الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا في عام 2022، الذي لم يحقق أهدافه كما كان يتصور بوتين، توسعت الفرص أمام الولايات المتحدة لتحديد خطوط حمراء أمام روسيا في أوروبا.
أحد هذه الخطوط كان تقليص تمويل الحرب الروسية عبر صادرات الغاز والنفط إلى القارة. لقد نجحت واشنطن وحلفاؤها في إقناع ألمانيا بأن استمرار الاعتماد على الغاز الروسي ليس في مصلحتها، مما دفعها إلى البحث عن مصادر بديلة، أبرزها الغاز الطبيعي المسال، خاصة من قطر والولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي اتجهت فيه الأنظار إلى الغاز الطبيعي المسال كمصدر رئيسي للطاقة البديلة في السوق العالمية، بدأت دول مثل مصر وإسرائيل في تطوير احتياطيات الغاز الخاصة بها في شرق البحر الأبيض المتوسط.
كانت مصر في موقع مثالي لتصبح مركزًا إقليميًا رئيسيًا لتصدير الغاز الطبيعي المسال، بفضل احتياطياتها الكبيرة التي تقدر بحوالي 1.8 تريليون متر مكعب من الغاز، فضلاً عن موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يتيح لها التحكم في قناة السويس، التي تعتبر نقطة عبور حيوية للطاقة.
بالإضافة إلى مصر، تركز الأنظار الآن على قبرص، التي تواصل استكشاف موارد الغاز البحري في منطقتها الاقتصادية الخالصة. وتقدر احتياطيات الغاز الحالية في قبرص بحوالي 0.45 تريليون متر مكعب، ومن المتوقع أن تشهد مزيدًا من الاكتشافات.
شركات الطاقة الغربية الكبرى مثل إكسون موبيل، وشيفرون، وتوتال إنرجيز، وإيني تعمل على تطوير هذه المشاريع، حيث تمثل قبرص فرصة كبيرة في تعزيز إمدادات الغاز البديلة لأوروبا.