المغرب يُراهن على بذور مقاومة للجفاف لمواجهة الجفاف
تشق “سنابل قمح” طريقها وسط حقل اختبار في قرية مرشوش المغربية، لتُبشر بأملٍ جديدٍ لمستقبلٍ زراعيٍ أكثر إشراقًا في بلدٍ يُعاني من الجفاف المتكرر وتغيرات مناخية قاسية.
و يُشكل هذا الحقل، الذي يمتد على مساحة 120 هكتارًا، جزءًا من مشروعٍ ضخمٍ ينفذه المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) لتطوير بذور مقاومة للجفاف للمحاصيل الحبوب.
وتُقدم حقول القمح والشعير الخضراء، بسنابلها الناضجة، صورةً مُتباينةً تمامًا عن الواقع الزراعي الحالي في المغرب، حيث يُهدد الجفاف المتواصل منذ ست سنوات بمحاصيل حبوب ضعيفة.
و يُشير بنك المغرب إلى أن المساحة المزروعة بالحبوب في المملكة قد تقلصت بشكلٍ كبيرٍ من 3.7 مليون هكتار العام الماضي إلى 2.5 مليون هكتار هذا العام، وذلك بسبب الجفاف.
وتُتوقع أن تؤدي قلة الأمطار إلى انخفاض محصول الحبوب إلى 25 مليون قنطار فقط، مقابل 55.1 مليون قنطار في العام الماضي.
يُؤكد العالم الإثيوبي وولتاو تاديسي ديغو، المشرف على مشروع “إيكاردا” في المغرب، على ضرورة اعتماد بذور مقاومة للجفاف على نطاقٍ واسعٍ لمواجهة هذه التحديات.
ويُشير إلى الفارق الواضح في الجودة بين حقل الاختبار وبقية الحقول، حيث تتميز هذه البذور بقدرتها على النمو بدون الحاجة إلى كميات كبيرة من المياه، وتحقيق إنتاجية عالية تصل إلى أربعة أطنان من القمح في الهكتار، بينما يبلغ المتوسط في معظم الأحوال طنًا واحدًا فقط.
و تعتمد هذه النتائج المُبهرة على مزيجٍ من العوامل، تشمل استخدام أنواع بذور مقاومة للجفاف، وتطبيق ممارسات زراعية فعالة، إضافةً إلى استخدام الري بشكلٍ استثنائي.
وتُشير إحصائيات “إيكاردا” إلى أنّه تمّ تطوير أكثر من 300 سلالة واعدة من بذور القمح المُقاومة للجفاف، يتم توزيعها سنويًا لبرامج متعددة عبر العالم.
كما يتم اختبار السلالات المحلية لثلاث سنوات على الأقل قبل التسويق، وقد حصلت أكثر من 70 صنفًا من بذور القمح على مصادقة السلطات المختصة في عدة بلدان خلال العقد الماضي.
على الرغم من النتائج المُبشرة، إلا أنّه لا يزال من الصعب على المزارعين المغاربة الوصول إلى هذه البذور، وذلك بسبب غياب منظومة فعالة للتسويق، وفقًا لخبراء “إيكاردا”.
ففي العام الماضي، تم ترخيص ستة أصناف جديدة من بذور القمح والشعير المُقاومة للجفاف في المغرب، لكنّ نقص المعلومات حولها وصعوبة الحصول عليها يُعيقان انتشارها على نطاقٍ واسع.
و تُقدم بذور القمح والشعير المُقاومة للجفاف أملًا حقيقيًا لمستقبلٍ زراعيٍ أفضل في المغرب، خاصةً في ظلّ تزايد التقلبات المناخية.
ولكنْ لا تزال هناك حاجةٌ ماسّةٌ إلى بذل المزيد من الجهود لتسهيل حصول المزارعين على هذه البذور، وتطوير منظومة تسويقية فعّالة تُساهم في نشرها على نطاقٍ واسعٍ .