اقتصاد المغرب

المغرب يعزز موقعه في تحول الطاقة العالمية عبر دعم الزراعة الشمسية والهيدروجين الأخضر

في تقريرها السنوي حول “حالة الطاقة المتجددة في العالم 2025″، وضعت شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين (REN21) المغرب ضمن أبرز الدول التي اتخذت خطوات ملموسة لتعزيز الطاقة المستدامة خلال عام 2024، إلى جانب كل من إيطاليا والبرتغال.

وسلط التقرير الضوء على إطلاق المغرب لبرنامج دعم مخصص لاقتناء أنظمة الضخ بالطاقة الشمسية لفائدة الفلاحين، بهدف تعميم استخدام الطاقات المتجددة في عمليات الري وتحديث الممارسات الزراعية بشكل أكثر استدامة.

ويُعد هذا البرنامج أحد أبرز مبادرات إدماج الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي عالمياً خلال نفس الفترة.

كما أشار التقرير إلى أن المغرب من بين أربع دول، إلى جانب الهند وتشيلي وسلطنة عمان، بادرت باتخاذ إجراءات لتخصيص الأراضي الضرورية لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، في وقت سجل فيه العالم تراجعاً بنسبة 42% في الاستثمارات الموجهة لهذا القطاع بسبب الشكوك المحيطة بمدى جاهزية التكنولوجيا وتكلفتها المرتفعة.

ويمثل هذا التوجه جزءاً من حزمة سياسات تحفيزية أوسع تشمل مبادرات عالمية مبتكرة مثل مشاريع “الزراعة الشمسية” (Agrivoltaics)، التي تجمع بين إنتاج الغذاء والطاقة على المساحات الزراعية نفسها.

فعلى سبيل المثال، خصصت إيطاليا ميزانية تقارب 1.84 مليار دولار لدعم هذا النوع من المشاريع، بينما دعمت المملكة المتحدة اقتناء معدات زراعية مزودة بأنظمة طاقة شمسية ضمن إطار “صندوق الاستثمار الزراعي”.

على صعيد أوسع، أظهر التقرير أن عام 2024 شهد أكبر نمو سنوي في القدرة المركبة لمصادر الطاقة المتجددة على الإطلاق، بزيادة بلغت 740 جيجاواط، أي ما يمثل أكثر من 80% من إجمالي النمو في قطاع الكهرباء، وكانت الطاقة الشمسية الكهروضوئية المحرك الرئيسي لهذا النمو.

ورغم أهمية هذا الإنجاز، لا يزال بعيداً عن بلوغ الهدف العالمي المتمثل في مضاعفة قدرة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030، كما أُقر خلال مؤتمر الأطراف في قمّة المناخ “COP28”.

إلا أن التقرير نبّه إلى بطء وتفاوت وتيرة الانتقال الطاقي عالمياً، حيث اتخذت بعض الدول المتقدمة خطوات تراجعية نتيجة ضغوط اقتصادية وجيوسياسية.

فقد قامت المملكة المتحدة، على سبيل المثال، بإلغاء خطتها لحظر بيع الغلايات الغازية بحلول 2035، بينما ألغت نيوزيلندا حظر التنقيب البحري عن الوقود الأحفوري، في حين انسحبت الولايات المتحدة من تشريع كان من شأنه تسهيل الاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة على أراضٍ فدرالية.

وعلى الرغم من التقدم الملحوظ في عدة دول، لا تزال السياسات الشاملة لتحول الطاقة نادرة. فقط خمس دول تبنّت استراتيجيات تغطي جميع قطاعات الاستخدام النهائي للطاقة (النقل، الصناعة، المباني، الزراعة)، وهو ما يعكس غياب الرؤية المتكاملة في كثير من السياقات الوطنية.

وتطرّق التقرير إلى توسع مفهوم “الأمن الطاقي”، ليشمل إلى جانب تأمين الموارد، جوانب حيوية مثل القدرة على مواجهة الكوارث الطبيعية، والحماية من الهجمات السيبرانية، وضمان التحكم المحلي في البنى التحتية والتكنولوجيا المرتبطة بالطاقة.

أما على صعيد التمويل، فقد بلغت الاستثمارات العالمية في مشاريع الطاقة المتجددة نحو 728 مليار دولار خلال عام 2024.

إلا أن هذه الاستثمارات تركزت بشكل كبير في أسواق محدودة، تشمل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في حين استمرت الدول ذات الدخل المنخفض في مواجهة فجوة تمويلية حادة نتيجة ارتفاع تكاليف رأس المال، التي غالباً ما تتجاوز ضعف مثيلاتها في الدول المتقدمة.

وبينما تسجّل القدرات الإنتاجية للطاقة المتجددة أرقاماً غير مسبوقة، يظل مسار الانتقال الطاقي مهدداً بسبب غياب الاستقرار السياسي، وارتفاع النزعة الحمائية، وتزايد الحواجز التجارية.

وفي هذا السياق، دعا التقرير إلى اعتماد إصلاحات هيكلية طويلة الأمد تشمل التخطيط الاستراتيجي للطاقة، وتحديث الشبكات، وتوسيع قدرات التخزين، والعمل على تحول عادل وشامل نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب يُعد عضواً حكومياً في شبكة REN21، إلى جانب دول مثل ألمانيا، الهند، كوريا الجنوبية، إسبانيا، الولايات المتحدة، أستراليا، جنوب إفريقيا، الإمارات والبرازيل، ما يعكس مكانته المتقدمة في جهود الانتقال إلى طاقة نظيفة ومستدامة.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى