المغرب يستفيد من المنافسة بين الصين وأمريكا على سلاسل توريد المعادن الحيوية
كشف تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي (CSIS)، أن السياسات المتخذة من قبل عدة حكومات غربية، والهادفة إلى الحد من الهيمنة الصينية على سلاسل توريد المعادن الحيوية، لعبت لصالح المملكة المغربية، التي تربطها اتفاقيات للتجارة الحرة سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول.
وحسب المصدر ذاته فإن الصين عززت استثمارتها داخل المغرب، نظرا للموقع الجغرافي المثالي الذي يتمتع به، وما يربطه من علاقات تجارية قوية مع أمريكا ومختلف بلدان الاتحاد الأوروبي، ما سيسهل عملية تصدير المنتجات الصينية لهذه البلدان وتجاوز العوائق التي تم فرضها من أجل تقليص سلاسل التوريد من المعادن الصينية.
وأشار التقرير إلى أن العديد من الشركات الصينية اختارت الاستقرار في المغرب على غرار ما قامت به شركة Carbon One بعد اتفاقها مع SRG، علاوة على ذلك فقد أعلنت شركة الكيماويات في كوريا الجنوبية LG Chem، وشركة Youshan الصينية عن شراكة لبناء مصنع لتصنيع الكاثودات من الفوسفات الليثيوم الحديد (LFP) بالمغرب، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المصنع سنة 2026 وينتج ما يصل إلى 50,000 طن متري من كاثودات LFP.
وحسب التقرير فإن الاستراتيجية الصينية تقوم أساسا على قابلية الشركات الخاصة داخل مختلف الدول التي تربطها علاقات اقتصادية مع أمريكا، للتعامل مع الشركات الصينية في مختلف مراحل التوريد.
وأوضح التقرير أن اعتماد الصين على هذه الاستراتيجية يجعل من المغرب المستفيد الأكبر، خاصة وأن الأخير يتميز بقوة صناعية وبيئة سياسية واقتصادية مستقرة، ناهيك عن قربه الجغرافي من القارة العجوز، وما تربطه من اتفاقات متعلقة بالتجارة الحرة مع مختلف البلدان، علاوة على ذلك فالمملكة المغربية تتميز بانخفاض كلفة اليد العاملة مقارنة بباقي الدول مثل كوريا الجنوبية وكندا.
كما أن المغرب مستمر في استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية خاصة فيما يتعلق بالانتقال الطاقي، ما يجعل المملكة أكبر المستفيدين من المنافسة الشرسة بين الصين وأمريكا فيما يتعلق بسلسلة توريد المعادن الحيوية.
وحسب التقرير فإن كندا عملت فيما سبق على إصدار العديد من السياسات والتشريعات لحظر بعض الاستثمارات الصينية المرتبطة بقطاع المعادن، واستنادا لبعض الأسباب المتعلقة بالأمن الداخلي ووفقا لقانون الاستثمار الكندي أمرت أوتاوا عدد من الشركات الصينية بالتخلي عن حصصها في شركات تعدين الليثيوم الكندية.
من جانبها أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قانونا يهدف إلى تقليص التضخم “IRA” وهو تشريع غايته الحد من استعمال الكربون داخل الاقتصاد الأمريكي، مع إعادة تموضع سلاسل توريد المعادن الحيوية، والحد من الاعتماد على الصين، إذ تضمن القانون سلسلة من التدابير الاقتصادية المصممة لتحفيز الشركات الأمريكية على الاستثمار في تلك السلاسل داخل الحدود الأمريكية.
ويعتمد نجاح مثل هذه المبادرات حسب ما أورده التقرير على دعم القطاع الخاص لأولويات حكوماتهم المتمثلة في الانفصال عن الصين، إلا أن الأمر لحدود اللحظة لم ينجح خاصة وأن العديد من الشركات لم تخفي ترددها من الالتزام بالقوانين المفروضة، بحيث أن العديد من الشركات عملت على تغيير مقرها لتتمكن من التعامل مع الشركات الصينية.
و يكشف التقرير الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي عن حقيقة مهمة، وهي أن المنافسة بين الصين وأمريكا على سلاسل توريد المعادن الحيوية، قد أعطت دفعة قوية للمملكة المغربية.
وذلك لأن المغرب يتمتع بالعديد من المزايا التي تجعله وجهة جذابة للاستثمار في هذا المجال، ومن أبرز هذه المزايا:
الموقع الجغرافي المثالي الذي يربط المغرب بين أوروبا وإفريقيا، وقربه من الأسواق الرئيسية لاستهلاك المعادن الحيوية.
العلاقات الاقتصادية القوية التي تربط المغرب بالعديد من الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
البيئة السياسية والاستقرار الاقتصادي التي يتمتع بها المغرب.
انخفاض كلفة اليد العاملة.
وعليه، فإن المغرب من المرجح أن يواصل جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مجال المعادن الحيوية، خاصة في ظل استمرار المنافسة الشرسة بين الصين وأمريكا على هذه الموارد الاستراتيجية.
ولعل أبرز مثال على ذلك هو الاتفاقية التي تم توقيعها مؤخرا بين شركة LG Chem الكورية الجنوبية وشركة Youshan الصينية، والتي تهدف إلى بناء مصنع لتصنيع الكاثودات من الفوسفات الليثيوم الحديد (LFP) بالمغرب.
وهذا المصنع من المتوقع أن يبدأ تشغيله سنة 2026 وسينتج ما يصل إلى 50,00