المغرب يخطو نحو مستقبل مستدام بمناقصة لدراسة جدوى أول محطة للطاقة الريحية البحرية
يمر المغرب بفترة حيوية في تطوير قطاع الطاقة، حيث يركز على تعزيز استقلاليته وتنويع مصادر الطاقة. وفي إطار هذا الجهد، تم الإعلان مؤخرًا عن طرح مناقصة من البنك الأوروبي للاستثمار لدعم إعداد دراسة جدوى لأول محطة للطاقة الريحية البحرية في البلاد، مما يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق هذه الأهداف.
تُعبر هذه المناقصة، التي تبلغ قيمتها مليوني يورو، عن الاهتمام المتزايد بالطاقة المتجددة في المغرب، وبخاصة الطاقة الريحية البحرية التي تُعتبر مستقبل الطاقة النظيفة.
وبفضل موقعه الجغرافي وموارده الطبيعية، يتمتع المغرب بإمكانات كبيرة في هذا المجال، مما يجعله وجهة جاذبة للاستثمارات في الطاقة المتجددة.
يُعد هذا المشروع تتويجًا للجهود المستمرة التي تبذلها المملكة المغربية لتحقيق أهدافها في مجال الطاقات المتجددة.
فقد أصبح المغرب رائدًا في الطاقة الشمسية في إفريقيا، والآن يسعى لتوسيع استثماراته في الطاقة الريحية البحرية لتعزيز موقعه في هذا القطاع.
عبد الصمد ملاوي، الأستاذ الجامعي والخبير الدولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، يسلط الضوء على الإمكانات الهائلة التي يمتلكها المغرب في هذا المجال، مشيرًا إلى أن البلاد تسعى بجدية لتحقيق أهدافها في إنتاج الطاقة النظيفة مستفيدة من مواردها الطبيعية الغنية، مثل الطاقة الشمسية والريحية.
ويُشير ملاوي إلى إمكانية المغرب في تحقيق هدف إنتاج 52% من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2030 من خلال الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.
كما أوضح أن المغرب لديه قدرة طاقية ريحية تقدر بـ 200 جيجاوات في مياهه، حيث بلغت القدرة المركبة للطاقة الريحية حوالي 1430 ميجاوات بحلول عام 2023، مع هدف الوصول إلى 4200 ميجاوات بحلول عام 2030.
وفيما يخص الاستثمارات في الطاقة الريحية البحرية، يُعتبر افتتاح محطة طرفاية في عام 2014 علامة بارزة، حيث تنتج حوالي 300 ميجاوات من الطاقة.
وهناك أيضًا محطة صغيرة في الصويرة قدرتها 60 ميجاوات، ومشروع آخر في تازة بقدرة كهربائية تقدر بـ 87 ميجاوات.
وبين 2018 و2022، استثمر المغرب حوالي ملياري دولار في الطاقة الريحية، مما يعكس التزام الحكومة بتعزيز مصادر الطاقة المتجددة، حيث تمثل الطاقة الريحية حاليًا 12% من إجمالي الطاقة بالمغرب.
ملاوي أشار إلى أن سرعة الرياح على السواحل المغربية تتراوح بين 7 و11 مترًا في الثانية، مما يجعلها مثالية لتوليد الكهرباء. وأكد على ضرورة استغلال هذه الإمكانيات لتحقيق الأهداف الوطنية للطاقة النظيفة، مشددًا على أن المغرب يعتزم تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنحو 45.5% بحلول عام 2030.
وعن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لاستثمارات الطاقة المتجددة، أوضح ملاوي أن قطاع الطاقة الريحية البحرية يمكن أن يوفر نحو 5000 فرصة عمل، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. وأكد أن الطاقات المتجددة ليست مجرد خيار بيئي، بل استثمار في مستقبل الأجيال القادمة.
ودعا ملاوي إلى تكاتف الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الأهداف الوطنية في مجال الطاقة المتجددة، مؤكدًا على أن الابتكار والبحث العلمي هما المفتاح لضمان مستقبل مستدام في هذا المجال.
المغرب يهدف إلى تركيب 4.2 جيغاواط من طاقة الرياح بين عامي 2018 و2030، وقد حقق بالفعل أكثر من 1.2 جيغاواط من هذا الهدف. كما تسعى المملكة لأن تمثل مصادر الطاقة المتجددة 52% من القدرة الفعلية للبلاد بحلول عام 2030، من خلال استثمارات في محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.