المغرب يتوسط صراع الهيمنة بين الولايات المتحدة والصين على سلاسل التوريد
تشهد الساحة الدولية صراعًا محتدمًا بين الولايات المتحدة والصين للهيمنة على سلاسل التوريد، مما يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي.
في خضم هذا الصراع، تبرز المملكة المغربية كأحد بلدان القارة الإفريقية التي تعد حلقة وصل بين العملاقين الاقتصاديين، مستفيدة من موقعها الجغرافي واتفاقيات التجارة الحرة التي تربطها بالعديد من الدول.
ويرى خبراء أن المغرب يمثل وجهة جذابة داخل القارة السمراء لتعزيز الاستثمارات الصينية، بفضل موقعه الاستراتيجي على مفترق طرق التجارة العالمية وعلاقاته التجارية القوية مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، يواجه المغرب بعض التحديات التي تتطلب تطوير بنيته التحتية وتعزيز قدراته اللوجستية لضمان استيعاب الاستثمارات المتزايدة.
كما يجب على المملكة الحفاظ على توازن علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة، والاستفادة من التنافس بينهما دون الانحياز لأي طرف.
إدريس الفينة، خبير ومحلل اقتصادي، أكد في تصريح لـ “العمق” أن الصين والولايات المتحدة الأمريكية تتربعان على عرش الدول المصدرة لرؤوس الأموال باستثمارات خارجية تتجاوز 150 مليار دولار.
وأوضح أن جميع البلدان تتهافت على استثمارات هاتين الدولتين، مشيرًا إلى أن الصين تبحث عن موطئ قدم في إفريقيا، والمغرب يعتبر من بين الدول القابلة لجذب هذه الاستثمارات نظرًا لموقعه الجغرافي والإمكانات التي يوفرها الاقتصاد المغربي وموقعه الجيوسياسي.
وأشار الفينة إلى أن الاستثمارات الأمريكية بالمغرب تظل متواضعة رغم اتفاقية التبادل الحر المبرمة بين البلدين، مرجعًا ذلك إلى التحديات اللغوية والفوارق التكنولوجية، بالإضافة إلى مدى انفتاح الاقتصاد المغربي على نظيره الأمريكي.
وأضاف أن الصين تظهر رغبة أكبر في الاستثمار داخل المغرب، مما يستوجب التحضير الجيد من قبل المغرب لاحتضان هذه الاستثمارات سواء في مجال العقار أو التسهيلات أو اليد العاملة.
وأكد الفينة أن المغرب يمتلك يد عاملة قوية، مشيرًا إلى أن الاستثمارات الصينية يمكن أن توفر العديد من فرص العمل، خاصة في المجال التكنولوجي والبحث العلمي.
واستبعد أن تكون هناك منافسة بين البلدين داخل إفريقيا، مؤكدًا أن مجالات اشتغال الطرفين متكاملة بالنسبة للمغرب.
وضرب مثالًا بالاستثمار الصيني في بناء مصنع لصناعة البطاريات الكهربائية، وهو أمر لا يمكن للولايات المتحدة القيام به لأنه مجال داخلي بالنسبة لها.
وأوضح الفينة أن الصين تضع هذه التكنولوجيا المتقدمة في يد المغرب بالنظر للاتفاقيات التي تجمعه مع العديد من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، مما يسهل عملية التسويق والتصدير.
وختم الفينة بالقول إن الاستثمارات الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تستهدف السوق الداخلية ولا تبحث عن غزو السوق الأوروبية أو الإفريقية، مما يجعل استثماراتها في المغرب محدودة وليست ذات بعد استراتيجي كما هو الحال بالنسبة للاستثمارات الصينية.
وحسب المعطيات المتوفرة، فقد ارتفعت الاستثمارات الأمريكية في المغرب بشكل ملحوظ من 436 مليون درهم عام 2020 إلى 692 مليون درهم في 2021، ثم قفزت بشكل كبير لتصل إلى 7409 ملايين درهم (أي 7.4 مليارات درهم) في عام 2022. كما بلغت الاستثمارات الصينية في المغرب أكثر من 3 مليارات درهم.
جدير بالذكر أن حكومة عزيز أخنوش وقعت اتفاقية استثمارية استراتيجية مع مجموعة “غوشن هاي تيك” الصينية-الأوروبية الرائدة في مجال التنقل الكهربائي، لإقامة مصنع ضخم “GIGAFACTORY” مع منظومة متكاملة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية في مدينة القنيطرة.