المغرب يتجه نحو تحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة لمواجهة تحديات الجفاف
يخطو المغرب خطوات هامة نحو تعزيز أمنه المائي من خلال تبني حلول مبتكرة تعتمد على تحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة. وتأتي هذه الاستراتيجية الجديدة استجابةً لتزايد الطلب على المياه وتحديات التغيرات المناخية التي تواجهها المملكة.
يُعد مشروع تحلية مياه الدار البيضاء، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 200 مليون متر مكعب سنويًا، خير مثال على التزام المغرب بتحلية المياه باستخدام الطاقة النظيفة.
ومن المقرر أن يتم تشغيل هذه المحطة العملاقة في أواخر عام 2026، لتُساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات المملكة من مياه الشرب والري والصناعة.
و يوضح الخبير في الطاقة المتجددة والتغير المناخي، عبد العالي دقينة، أن المغرب يشهد تزايدًا ملحوظًا في ظاهرة الجفاف، مما أدى إلى تراجع التساقطات المائية بشكل ملحوظ.
ويؤكد دقينة على ضرورة تنويع مصادر المياه لمواجهة هذه التحديات، مشيرًا إلى أن المغرب سباق في مجال إعادة تدوير المياه العادمة، حيث يتم استخدامها لسقي المساحات الخضراء في العديد من المدن.
يُشدد دقينة على أن لجوء المغرب إلى تحلية مياه البحر باستخدام الطاقة المتجددة يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستدامة البيئية. فمن خلال الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة، تُصبح عملية تحلية المياه خالية من الانبعاثات الكربونية، مما يُساهم في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
يُشير دقينة إلى أن المغرب يتمتع بمكانة رائدة في مجال الطاقة المتجددة، حيث اهتم بتطوير هذا القطاع منذ الثمانينيات. ويُؤكد على أن المملكة تتوفر على إمكانيات هائلة في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يُتيح لها إنتاج طاقة نظيفة بأسعار منخفضة.
و يُؤكد دقينة على التزام المغرب بإنتاج 52% من طاقته الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030. ويُشير إلى أن هذا الهدف يُمكن تحقيقه بفضل الاستثمارات الكبيرة التي يتم ضخها في هذا المجال، والسياسات الحكومية الداعمة للطاقة النظيفة.
يُوضح دقينة أن تكلفة إنتاج كيلو وات ساعة من الطاقة باستخدام مصادر متجددة أقل بكثير من تكلفة إنتاجها من مصادر تقليدية مثل الفحم. ويُشير إلى أن ذلك يُشجع الصناعات على استخدام الطاقة المتجددة في عمليات الإنتاج، خاصة في مجالات إنتاج الهيدروجين الأخضر والفوسفاط والأمونيا.
يُؤكد الخبير الاقتصادي، محمد جدري، على أن الجفاف يُشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، حيث يُؤثر على كل من توفير مياه الشرب للسكان وتلبية احتياجات القطاع الفلاحي.
يُشير جدري إلى أن المغرب أطلق خارطة طريق للماء بميزانية 143 مليار درهم، تهدف إلى معالجة تحديات الجفاف. وتتضمن هذه الخارطة أربعة محاور رئيسية: ربط الأحواض المائية، وبناء 36 محطة تحلية مياه بحر بحلول عامي 2026 و2027، وتحلية المياه العادمة المعالجة، وبناء المزيد من السدود الصغيرة والمتوسطة.
يُؤكد جدري على أن استخدام الطاقة المتجددة في محطات تحلية المياه ضروري لخفض تكلفة الإنتاج، مما يُتيح توفير المياه للمواطنين .