المغرب على أعتاب مرحلة جديدة: كيف يُحوّل التحديات إلى محركات للنمو؟
مع حلول عام 2025، يجد المغرب نفسه على مفترق طرق حاسم، حيث يتداخل بين التحديات الهيكلية والفرص المستقبلية.
الصورة العامة تعكس مزيجًا من الأزمات المستمرة، مثل الجفاف المديد، التفاوتات الاجتماعية، وضعف الإدارة العمومية، إلى جانب إنجازات ملموسة مثل تحسن الشفافية المالية واكتشافات علمية مهمة.
التقارير الدولية والإقليمية لعام 2024 قدمت تحليلًا شاملاً لهذه المعطيات، موضحة الحاجة الملحة للمغرب لتعزيز السياسات والممارسات في مختلف القطاعات.
و أظهرت التقارير أهمية العمل على تحسين البنية التحتية، تعزيز القدرة التنافسية في القطاعات الاقتصادية المتنوعة، وتطوير النظام التعليمي والصحي ليتماشى مع التحديات المقبلة. كما أوصت بالتوجه نحو تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة، والتوجه لحلول تكنولوجية مبتكرة.
و احتل المغرب المرتبة 101 عالميًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2024، مما يعكس إمكانات غير مستغلة في هذا المجال. سجل أداء متوسطًا في مجال البيانات والبنية التحتية، إلا أنه يعاني من ضعف في محوري الحكومة والتكنولوجيا.
و لتحسين هذه الوضعية، يحتاج المغرب إلى استثمارات كبيرة في تطوير البنية التحتية الرقمية وتحديث الأطر التشريعية اللازمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
و من الضروري أيضًا تحسين مهارات الكوادر البشرية من خلال إدماج الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية وتطوير برامج تدريبية للشباب.
فيما يخص التغير المناخي، أظهر مؤشر رأس المال الطبيعي لعام 2024 أن المغرب يحتل المرتبة 173 عالميًا، مما يبرز التحديات البيئية الكبيرة، مثل ندرة المياه وتدهور التنوع البيولوجي.
و لتجاوز هذه التحديات، تدعو التقارير إلى تعزيز الاستثمارات في مشاريع مثل تحلية المياه، إعادة التشجير، والزراعة المستدامة، وكذلك التعاون الإقليمي لمواجهة الأزمات المناخية.
فيما يخص جودة الحياة، جاءت الرباط في المرتبة 127 عالميًا، بينما حلت الدار البيضاء في المرتبة 135. يشير التقرير إلى ضرورة تحسين البنية التحتية في المدن المغربية، بما يشمل تحسين وسائل النقل العامة، المساحات الخضراء، والخدمات الصحية والتعليمية.
كما أشار إلى التفاوت بين المناطق الحضرية والريفية، مع ضرورة تقليل هذه الفجوات عبر مشاريع تنموية شاملة.
وفيما يتعلق بحقوق النساء والأطفال، أظهر مؤشر 2024 تقدمًا محدودًا، حيث احتل المغرب المرتبة 92 عالميًا، مما يعكس التحديات في مجال تعزيز المساواة الاجتماعية وحماية الفئات الضعيفة. مع ذلك، يدعو التقرير إلى تعزيز الحماية القانونية والاجتماعية وتطوير السياسات التعليمية في المناطق الريفية.
توقع البنك الدولي تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي للمغرب إلى 2.9% في 2024 بسبب تأثيرات الجفاف الطويل. هذا التباطؤ دفع المملكة إلى زيادة الاعتماد على الواردات الغذائية وزيادة العجز التجاري، لكن المغرب نجح في خفض التضخم من 6.1% في 2023 إلى 1.5% في 2024 بفضل سياسات نقدية فعالة.
رغم هذه التحديات، شهد قطاع الاستثمار نموًا ملحوظًا في مجالات البنية التحتية والصناعات التحويلية، ومن المهم الآن أن تركز المملكة على تطوير الصناعات الخضراء وتشجيع الابتكار التكنولوجي لجذب الاستثمارات الأجنبية.
في مؤشر السلام العالمي لعام 2024، تقدم المغرب 14 مركزًا ليحتل المركز 78 عالميًا. على الصعيد العسكري، جاءت المملكة في المرتبة 61 عالميًا في تقرير “غلوبال فاير باور”، حيث تمتلك قوة بشرية كبيرة وعددًا متنوعًا من الطائرات والمروحيات المتطورة، مما يعكس جاهزية القوات المسلحة المغربية.
تحسن المغرب في مؤشر شفافية الإنفاق الضريبي ليحتل المرتبة 28 عالميًا، ويعكس هذا الجهود الحكومية لتحسين شفافية النفقات الضريبية. ومع ذلك، لا يزال يتعين على المغرب تعزيز مناهج تحليل البيانات لضمان تحقيق أفضل نتائج ممكنة.
في مؤشر المعرفة العالمي لعام 2024، احتل المغرب المرتبة 98 من بين 141 دولة، مما يبرز التحديات المستمرة في النظام التعليمي.
ورغم ذلك، أدرجت جامعة الحسن الثاني ضمن أفضل 400 جامعة عالميًا في مجال العلوم البيولوجية. يتعين على المغرب زيادة استثماراته في البحث العلمي وتعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والشركات لتحفيز الابتكار في القطاعات المختلفة.
إن المغرب يقف أمام تحديات ضخمة تتطلب تحولات هيكلية شاملة في مختلف المجالات. على الرغم من التحديات، تظهر الفرص الواعدة لتحفيز النمو المستدام من خلال تحسين البنية التحتية، تعزيز الشفافية، والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. مع تطلعات اقتصادية كبيرة، يحتاج المغرب إلى استراتيجيات مبتكرة للنهوض على كافة الأصعدة لمواكبة التحولات العالمية.