المغرب..جهود جبارة في التنمية البشرية دون نتائج مُرضية
تم نشر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية للفترة 2023-2024 تحت عنوان “كسر الجمود: إعادة تصور التعاون في عالم مستقطب”، وهو وثيقة ضخمة تتألف من أكثر من 300 صفحة تناولت القضايا الرئيسية التي تواجه البشرية. حاليا، تتوفر النسخة الإنجليزية فقط.
بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في قراءتها بلغة أخرى، يتعين عليهم في الوقت الراهن الاكتفاء بنظرة عامة في حوالي عشر صفحات وبيان صحفي يعلن عن الوثيقة لتشجيع الاطلاع عليها.
قبل أن ندرس حالة المغرب وترتيبه في تصنيف التنمية البشرية، وهو أمر مألوف، يجب التذكير بسبب الحديث عن الجمود والإجراءات التي يجب اتخاذها للخروج منه وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية.
العالم يواجه طريقاً مسدوداً لعدة أسباب. أولاً، تزايد الفجوات في التنمية، خاصةً بين الدول الغنية والفقيرة، حيث اتسعت هذه الفجوات بسبب أزمة كوفيد-19.
العامل الثاني يكمن في تراجع الديمقراطية، حيث يظهر معظم الأشخاص دعماً غير متزعزع للديمقراطية، ولكن يزداد عدد الأشخاص الذين يدعمون القادة القادرين على تقويضها.
والعامل الثالث والأخير هو عدم قدرتنا على تحقيق أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس لمكافحة تغير المناخ.
فما الذي يجب القيام به للخروج من هذا الجمود؟ هناك ثلاث مسارات مقترحة:
أولاً، نحتاج إلى إنشاء بنية عالمية للسلع العامة تتكيف مع القرن الحادي والعشرين، وهو الجانب الثالث من التعاون الدولي الذي يكمل المساعدات التنموية والإنسانية.
ثانياً، يجب علينا العمل على تخفيض درجات الحرارة ومكافحة الاستقطاب، والذي يعوق التعاون الدولي.
ثالثاً، يجب علينا معالجة الهوات العميقة في القدرة على التدبير، وتحسين السيطرة على الحياة الشخصية والتأثير في صنع القرارات.
الآن، دعونا ننتقل إلى مراجعة مؤشر التنمية البشرية لنرى مكانة المغرب. هذا المؤشر، الذي يتراوح بين 0 و1، يشمل متوسط أمد الحياة المتوقع، وعدد سنوات الدراسة، ونصيب الفرد من الدخل الوطني الإجمالي. يُظهر المؤشر فرقاً بين الترتيب حسب الدخل الفردي الإجمالي وترتيب مؤشر التنمية البشرية.
من الجدير بالذكر أن المؤشر لا يعتمد بشكل كامل على الثروة الوطنية، ويوضح الفرق بين الترتيب حسب الدخل وترتيب مؤشر التنمية البشرية. على سبيل المثال، يُظهر المغرب فرقاً قدره 4، بينما تُظهر الولايات المتحدة فرقاً سلبياً قدره -11.
ترتيب المغرب في مؤشر التنمية البشرية لعام 2022 هو 120، بينما يحتل المرتبة 124 عند النظر إلى الدخل الإجمالي للفرد.
كيف يمكننا تقييم هذا التصنيف الجديد للمغرب في عام 2022؟ بالمقارنة مع عام 2021، حيث كان الترتيب 123، نجد أن المغرب قد سجل تقدمًا بمقدار 2 أو 3 نقاط.
لكن علينا أن نفهم أن تقييم التقدم أو التراجع لا يمكن أن يتم على مدى سنة واحدة، بل يجب أن يشمل فترة زمنية طويلة. لقد رصدنا تطور مؤشر التنمية البشرية في المغرب منذ نشر أول تقرير في عام 1990.
خلال هذه الفترة، ارتفع مؤشر التنمية البشرية في المغرب بانتظام، باستثناء عام 2020 الذي شهد انخفاضًا طفيفًا. وفي عام 2021، عاد المؤشر إلى مستواه في عام 2019، وهو تطور إيجابي لكنه لم يؤدي بالضرورة إلى تحسن منتظم في الترتيب.
ونجد أن هناك حركة غير منتظمة في الترتيب خلال هذه الفترة، حيث تباينت المراتب بين 134 في عام 2017 و112 في 1994 و1998 و1999.
بالإضافة إلى ذلك، سجل المغرب معدل نمو سنوي متوسط في مؤشر التنمية البشرية بنسبة 1.40% خلال الفترة من 1990 إلى 2022، مقارنة بالمتوسط العالمي والذي بلغ 0.65%، و0.95% للدول النامية، و0.77% للدول العربية.
ومع ذلك، نرى أن هذا المعدل يظهر “نموًا متناقصًا” من فترة إلى أخرى، حيث كان 1.6% بين 1990 و2000، و1.41% بين 2000 و2010، و1.21% بين 2010 و2022.
بشكل عام، يبلغ مؤشر التنمية البشرية للمغرب في عام 2022 حوالي 0.698، وهو تقريبًا نفس الرقم للبلدان النامية بوجه عام (0.694). ومع ذلك، يوضح التحليل أن هناك اختلافات واضحة في المكونات الثلاثة للمؤشر.
على سبيل المثال، متوسط أمد الحياة المتوقعة عند الولادة في المغرب هو 75 سنة، بينما يبلغ في المتوسط 70.5 سنة في البلدان النامية. وهناك اختلاف ملحوظ في عدد سنوات الدراسة، حيث يبلغ 6.1 سنة في المغرب مقابل 7.6 سنة في المتوسط العام.
ويعكس نصيب الفرد من الدخل الوطني الإجمالي هذا الاختلاف أيضًا، حيث يمثل الدخل الوطني للمغرب نحو 71% من متوسط الدول النامية.
وفي الختام، يُشير العديد من المحللين والسياسيين إلى أوجه القصور في هذا التقرير، لكن يجب أن نتذكر أن المؤشر يعتمد على الإحصاءات الوطنية ويخضع لتدقيق من قبل المستثمرين ومؤسسات التقييم.