المغرب..الاعتماد على الفحم الحجري يُهدد أهداف الطاقة النظيفة
على الرغم من التزامات المملكة في السنوات الأخيرة بالتقليل من اعتمادها على الوقود الأحفوري والتحول نحو الطاقة النظيفة، لا يزال المغرب أحد أكثر الدول في العالم اعتمادًا على الفحم الحجري لتلبية احتياجاته الطاقية، حيث تبلغ مساهمته في المزيج الطاقي الوطني أكثر من 65%.
و يُؤكد تقرير حديث صادر عن منصة “غلوبال إنرجي مونيتور” هذا الاعتماد، حيث يشير إلى أن توليد الكهرباء بالفحم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا) يقتصر حاليًا على المغرب وإسرائيل فقط، بوصولهما معًا إلى قدرة إنتاجية مجمعة بلغت 8.6 غيغاواط.
و يبدو أن المغرب لا يزال بعيدًا عن تحقيق أهدافه الطاقية، على الرغم من إقرار استراتيجيته الوطنية للطاقة المتجددة التي تعهد من خلالها بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بحوالي 45.5% ورفع حصة الطاقة المتجددة في المزيج الطاقي الوطني بنسبة 52% بحلول عام 2030.
يُرجع الخبير الطاقي عبد الصمد ملاوي استمرار الاعتماد على الفحم الحجري إلى تكلفته المنخفضة نسبيًا مقارنة بباقي المصادر، مما يجعله أكثر الخيارات الطاقية ربحية من الناحية الاقتصادية. حيث بلغ متوسط سعر الفحم المستورد إلى المغرب سنة 2023 حوالي 70 دولارًا للطن.
يُضيف الملاوي أن سهولة تخزين الفحم تمنحه أفضلية مقارنة بالمصادر الأخرى، حيث يمكن إدخاله في الحسابات الطاقية في أي لحظة.
ويُشير إلى أن الفحم الحجري أثبت فعاليته في بعض الأزمات التي واجهتها المصادر الطاقية الوطنية، خاصةً بعد انقطاع إمدادات الأنبوب المغاربي الذي كان يصدر الغاز من الجزائر إلى أوروبا، حيث تم استعمال هذا الفحم كبديل آني عوض إمدادات الغاز بشكل سريع.
يُوضح الملاوي أيضًا أن البنية التحتية الحالية لتوليد الكهرباء، مثل محطة الجرف الأصفر لتوليد الكهرباء عن طريق الفحم، تتطلب استبدالها بمصادر غير الفحم الحجري استثمارات كبيرة وأموال يصعب تعبئتها في وقت وجيز.
يُضاف إلى ذلك انقطاع إمدادات الطاقات المتجددة، حيث يُشير الملاوي إلى طبيعة هذه المصادر غير المستقرة، حيث يمكن أن تتأثر بعوامل طبيعية مثل انخفاض إنتاج الكهرباء من الرياح بسبب فترات الهدوء، أو عوامل تقنية، وهو ما تبرره بعض الأحداث الأخيرة مثل التعطل الأخير الذي شهدته محطة نور 3 الذي أدى إلى انقطاع قسري سيستمر حتى نهاية العام الجاري.
ويُشير الملاوي أيضًا إلى أن قلة الأمطار وبالتالي قلة نسبة المياه الموجودة بالسدود أثرت كذلك على نسبة الكهرباء المولدة من السدود التي كانت من النسب التي يراهن عليها المغرب لبلوغ أهدافه من الكهرباء النظيفة في المستقبل.
يُذكر أن الفحم الحجري يُصنف على أنه “أقذر أنواع الوقود الأحفوري” لكونه مصدرًا رئيسيًا لانبعاث الميثان، وهو غاز يساهم في زيادة الاحتباس الحراري على كوكب الأرض.
وتشير معطيات إلى أن حرق طن واحد من الفحم يؤدي إلى توليد حوالي 2.4 طن من ثاني أكسيد الكربون، في الوقت الذي تولد فيه نفس الكمية من النفط 1.