“الكاش” لا يزال يُسيطر على الاقتصاد المغربي: فهل ينجح الاستبناك في خفضه؟
كشفت بيانات بنك المغرب الأخيرة عن ارتفاع ملحوظ في معدلات الاستبناك بالمملكة، حيث تم تسجيل فتح 3.3 مليون حساب بنكي جديد خلال عام 2023، بزيادة 8.6% عن العام السابق.
وبذلك، وصل عدد الحسابات الإجمالية إلى 36.3 مليون حساب، مع امتلاك 17.4 مليون شخص لحساب بنكي على الأقل. وتُعزى هذه الزيادة إلى جهود بنك المغرب في خفض رسوم الخدمات البنكية وتشجيع الشركات على استخدام البنوك لدفع مستحقات موظفيها.
تطرح قضية عدم الإقبال الكافي على الاستبناك كأحد الأسباب التي تساهم في استمرار تداول النقود الملموسة بمستويات مرتفعة.
كما تبرز مفارقة أخرى وهي ارتفاع نسب التضخم في الوقت الذي يرتفع فيه عدد الحسابات البنكية، مما يثير التساؤلات حول مدى فعالية هذه الحسابات في تحسين الأداء الرقمي.
في تفسيره لهذه الأرقام، قال رشيد ساري، محلل اقتصادي ورئيس المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إن الزيادة في نسب الاستبناك تعود إلى جهود بنك المغرب في تقليص تعريفة الخدمات البنكية واعتماد الشركات على البنوك في صرف مستحقاتها.
وأشار ساري إلى وجود وعي متزايد بضرورة التوجه نحو الرقمنة، إلا أن هناك مفارقة تتمثل في ارتفاع معدل تداول النقود الملموسة، الذي بلغ 400 مليار درهم السنة الماضية، وهو من بين الأرقام المرتفعة عالميًا وفقًا لبنك المغرب.
وأضاف ساري أن هذه المفارقة تعود إلى تعقيد عمليات التحويل البنكي وعدم تطور بعض البنوك في تقديم خدمات تسهيل الدفع والتحويلات المالية. وأكد على ضرورة معالجة المشاكل الرقمية التي تعيق الأداء البنكي من أجل تعزيز استخدام الحسابات البنكية وتقليص تداول النقود.
من جانبه، أشار إدريس العيساوي، باحث في المجال الاقتصادي، إلى أن زيادة عدد الحسابات البنكية مهمة وتعكس تطور الاقتصاد الوطني، لكنها لا تتناسب مع النسب المطلوبة لوقف استخدام النقود الملموسة.
وأوضح العيساوي أن الأمية المالية وعدد السكان في المناطق الريفية الذين لا يتبنون الوسائل الرقمية، إلى جانب تفضيل بعض المهنيين لتلقي مستحقاتهم نقدًا لأسباب جبائية، تسهم في استمرار تداول النقود.
وأشار العيساوي إلى أن التحكم في نسب التضخم يتطلب وقتًا وإجراءات مكثفة لإقناع المواطنين بضرورة التحول إلى العمليات المالية الرقمية، مضيفًا أن تحقيق ذلك يتطلب تقديم حوافز تشجع على استخدام الحسابات البنكية بدلاً من النقود الملموسة.