العملات المشفرة: هل ستكون بديلاً رئيسياً لأسواق الأسهم التقليدية؟

منذ إعلان فوز الرئيس “دونالد ترامب” بولاية جديدة في نونبر الماضي، أصبحت العملات المشفرة، وخاصة بيتكوين وإيثريوم، تحت الأضواء العالمية.
و في الأسابيع التي تلت ذلك، شهدت الأسواق قفزات هائلة في أسعار هذه العملات وتدفقات ضخمة من الاستثمارات، مما ساهم في زيادة قيمة هذه العملات بأكثر من 50%.
هذا الارتفاع الكبير دفع العديد من المستثمرين التقليديين في أسواق الأسهم إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم، حيث قاموا بتحويل جزء من استثماراتهم من الأسواق التقليدية إلى أسواق العملات المشفرة التي تعد بفرص نمو كبيرة.
وارتبط هذا التحول بالإعلانات التي صدرت عن ترامب بشأن دعمه للعملات الرقمية وتشجيعه على الابتكار في هذا المجال، مما أعطى دفعة قوية للسوق.
العملات المشفرة أصبحت الآن بديلاً جذاباً للعديد من المستثمرين في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية، خاصة مع وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بتحويل الولايات المتحدة إلى “عاصمة العملات المشفرة”.
و في وقت لاحق من العام، نجحت بيتكوين في تخطي حاجز 100 ألف دولار لأول مرة في تاريخها، بعد أن كانت قيمتها أقل من 70 ألف دولار في بداية الانتخابات الأمريكية.
وقد احتفل ترامب بذلك عبر منصات التواصل الاجتماعي قائلاً “تهانينا لعشاق البيتكوين”.
مكاسب وخسائر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 السنوية مقابل بيتكوين (في الفترة من عام 2014 إلى 2023) |
||||
السنة |
|
ستاندرد آند بورز 500 |
|
بيتكوين |
2014 |
|
%13.7 |
|
(%50.2) |
2015 |
|
%1.4 |
|
%49.7 |
2016 |
|
%12 |
|
%131.6 |
2017 |
|
%21.8 |
|
%1162 |
2018 |
|
(%4.4) |
|
(%72.1) |
2019 |
|
%31.5 |
|
%97.8 |
2020 |
|
%18.4 |
|
%270.3 |
2021 |
|
%28.7 |
|
%72.7 |
2022 |
|
(%18.1) |
|
(%62) |
2023 |
|
%26.3 |
|
%146.8 |
الرئيس الأمريكي المنتخب كان قد تعهد سابقًا بجعل الولايات المتحدة “عاصمة التشفير” و”القوة العظمى للبيتكوين”، ما ساعد في دفع سعر العملة الرقمية الأكثر شهرة إلى الارتفاع بعد انتخابه.
وكان إعلان ترامب عن ترشيح بول أتكينز لمنصب رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات قد أسهم في تعزيز الثقة في سوق العملات المشفرة.
إذ يُنظر إلى أتكينز على أنه أكثر تأييدًا للعملات الرقمية مقارنةً بسلفه جاري جينسلر، الذي اتخذ نهجًا أقل مرونة تجاه القطاع.
أما بالنسبة للإيثريوم، فقد سجلت منتجات الاستثمار القائمة عليها رقماً قياسياً في 2024، حيث وصلت تدفقات الاستثمار إلى 2.2 مليار دولار، متجاوزة أعلى مستوى سجلته في 2021.
رغم المكاسب القياسية للعملات المشفرة، هناك من يرى أنها قد تصبح بديلاً رئيسيًا لأسواق الأسهم التقليدية.
ومع ذلك، يبدو أن هذا الأمر لا يزال بعيدًا، إذ أن العديد من مؤشرات أسواق الأسهم العالمية شهدت أيضًا ارتفاعات قوية في نفس الفترة، خاصة في وول ستريت.
مؤشرات مثل “ناسداك” و”ستاندرد آند بورز 500″ سجلت مستويات قياسية جديدة بفضل تدفق الاستثمارات في الأسهم الأمريكية، التي استفادت من توقعات بمزيد من التخفيضات الضريبية والإصلاحات الاقتصادية التي يعتزم ترامب تنفيذها.
كما ضخ المستثمرون ما يقرب من 140 مليار دولار في صناديق الأسهم الأمريكية منذ انتخابات نوفمبر.
رغم جاذبية أسواق العملات المشفرة، فإنها تواجه العديد من التحديات التي قد تقيد نموها. من أبرز هذه التحديات التقلبات الشديدة في الأسعار.
و على سبيل المثال، شهدت بيتكوين ارتفاعًا حادًا من حوالي 5 آلاف دولار إلى نحو 69 ألف دولار بين 2019 و2021، لكنها سرعان ما تراجعت بعد سلسلة من الزيادات في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
هذا النوع من التقلبات قد يزعج بعض المستثمرين التقليديين الباحثين عن استثمارات أكثر استقرارًا. بالإضافة إلى ذلك، تستهلك عملية “التعدين” الخاصة بالعملات المشفرة طاقة هائلة، مما يثير القلق في ظل سعي العالم لمكافحة تغير المناخ.
كما أن التنظيمات المستقبلية للعملات المشفرة قد تؤثر أيضًا على مستقبل هذا القطاع. ففي بعض الدول، مثل الصين، تم حظر تداول العملات المشفرة تمامًا، بينما تسعى الولايات المتحدة إلى وضع قوانين أكثر صرامة لضمان حماية المستثمرين.
على الرغم من التحديات التي تواجهها العملات المشفرة، فإنها لا تمثل بالضرورة تهديدًا لأسواق الأسهم التقليدية. بل قد تسهم هذه العملات في تطوير أسواق الأسهم عبر دمج تقنيات مثل البلوك تشين، التي تعد بتعزيز الشفافية وتقليل التكاليف.
العديد من الشركات الكبرى بدأت في استخدام هذه التقنية، ما يشير إلى تزايد التفاعل بين أسواق العملات المشفرة وأسواق الأسهم.
الاستثمارات المؤسسية في العملات المشفرة مثل تلك التي تقوم بها بلاك روك وفيدليتي قد تسهم أيضًا في تقليل التقلبات وتحقيق مزيد من الاستقرار لهذا القطاع، مما يعزز احتمالية تكاملها مع الأسواق التقليدية.
و في النهاية، يبقى السؤال حول ما إذا كانت العملات المشفرة ستصبح بديلاً رئيسيًا لأسواق الأسهم التقليدية مفتوحًا. ومع استمرار تطور أسواق العملات الرقمية، قد نرى تأثيرًا أكبر على أسواق الأسهم العالمية، خاصة إذا تم تطوير إطار تنظيمي فعال يدعم هذا التوسع.