العلامة التجارية الشخصية .. التعبير عن ذاتك في عالم الأعمال
في ظل التطور المتسارع لعالم الأعمال، يبرز تناقض واضح بين أهمية مفهوم “العلامة التجارية الشخصية” وبين محدودية تطبيقه.
فمع أن هذا المفهوم يعود إلى رائد الإدارة توم بيترز، إلا أن قادة كُثراً لا يزالون يتعاملون معه بحذر وتشكك، متجاهلين الأدلة التي تؤكد فاعليته.
لا عجب في ذلك، فثقافتنا المؤسسية، التي تشكّلت على مر السنين، قد اعتادت على تثبيط الروح الفردية، وأن التواضع هو سمة أساسية للموظف الناجح، وأن هويتنا المهنية يجب أن تذوب في هوية المؤسسة.
ولهذا السبب، قد يجد الكثيرون صعوبة في التعبير عن أنفسهم بصورة فردية، حيث يتعارض ذلك مع القيم التي نشأوا عليها.
من جانبها، تقول آنا سيلفرشتاين، وهي شخصية بارزة في مجال الاتصالات بشركة استشارية عالمية، إنها تشعر بحذر تجاه مصطلح “العلامة التجارية الشخصية”.
وترى أن هذا المصطلح يحمل في طياته دلالات سلبية، إذ يرتبط في أذهان الكثيرين بالاستغلال التجاري والمظهر السطحي، لا سيّما في عصرنا الحالي الذي يتسم بالاعتماد الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي.
قد يبدو هذا الرأي منطقيًا للوهلة الأولى، إلا أنه يعكس نظرة تقليدية عفا عليها الزمن، إذ إن تجاهل التنوّع الفردي وقمع الأصوات المختلفة في مكان العمل قد أدى إلى ظهور العديد من المشكلات المؤسسية المعاصرة، مثل الإرهاق النفسي، والاكتئاب، والافتقار إلى التنوّع في القيادات.
لقد حان الوقت لتغيير هذا النمط وتبني رؤية جديدة أكثر شمولية، وللمساعدة في ذلك، نفنّد فيما يلي أبرز الاعتقادات الخاطئة المتعلقة بالعلامة التجارية الشخصية:
أبرز الاعتقادات الخاطئة المتعلقة بالعلامة التجارية الشخصية |
||
1- العلامة التجارية الشخصية تشي بقدر من الأنانية |
|
الاعتقاد الخاطئ الأول هو الزعم أن بناء علامة تجارية شخصية أمر أناني، ولكنه في الحقيقة، التزام أخلاقي، خاصة في عالم الأعمال القيادي. فكل فرد منا مسؤول عن اكتشاف ذاته، وتحديد قيمه وأهدافه، والتعبير عنها بوضوح. إن بناء العلامة التجارية الشخصية هو رحلة لاكتشاف الذات والنمو، وهي في الأساس ملخص مُصاغ بعناية يُخبر الآخرين عن اهتماماتك وهويتك. إذا لم نقم بهذا العمل، فإننا نتخلى عن مسؤولية تحديد هويتنا وأولوياتنا، ونضع هذا العبء الثقيل على عاتق الآخرين. وهذا الأمر لا يخدم أحدًا، خاصة الفئات المهمشة التي تحتاج إلى صوتها الخاص. |
2- بناء العلامة التجارية الشخصية يتطلب شخصًا صاخبًا ومزعجًا |
|
هذا اعتقاد خاطئ تمامًا، إذ إن بناء علامة تجارية شخصية هو عملية تأملية عميقة وتركز على الداخل. إن بناء علامتك التجارية الشخصية يعني استكشاف ذاتك بعمق لفهم هويتك وقيمك، وما الذي يميزك عن الآخرين، وتتطلب هذه العملية الهدوء والتأمل والصدق. بعيدًا عن الضجيج، يهدف بناء علامة تجارية شخصية إلى تحديد بصمة فردية واضحة، مما يسهل على الآخرين فهمك وتقديرك والتعاون معك. |
3- العلامة التجارية الشخصية مزيفة وغير صادقة |
|
إن بناء علامة تجارية شخصية قوية لا يعني التظاهر بشخصية غير حقيقية، بل يكمن في استكشاف هويتك الحقيقية وكيف تجسدت في تجاربك وقيمك. يمكننا استلهام ذلك من مثال مستشارة الاتصالات التي وجدت أن شغفها بدمج الفن والعلم في طفولتها لا يزال يشكل جوهر عملها حتى اليوم. هذا يوضح كيف يمكن أن تكون العلامة التجارية الشخصية انعكاسًا أصيلًا لهويتنا ومسيرتنا المهنية. |
4- آلية مخصّصة فقط لكبار القادة والمديرين التنفيذيين |
|
يعتقد البعض خطأً أن بناء علامة تجارية شخصية هو أمر مقتصر على كبار القادة والمديرين التنفيذيين. وف الحقيقة يستفيد الجميع، في أي مرحلة من حياتهم المهنية، من وجود علامة تجارية شخصية واضحة، فهي تساعدنا على تحديد هويتنا المهنية، وتسليط الضوء على نقاط قوتنا، وتوضيح أهدافنا المستقبلية. يسهّل هذا الوضوح على الآخرين فهمنا ودعمنا في مسيرتنا المهنية، كما أننا بحاجة إلى هذا الوضوح لاتخاذ قرارات مهمة في حياتنا المهنية، وتعزيز فرص التعلم، وإضفاء المزيد من المعنى على حياتنا.
|
إن الأفراد الذين لديهم علامة تجارية شخصية قوية هم رواد التغيير وملهموه، وتشجيع الآخرين على استكشاف هويتهم المهنية، وتطوير مهاراتهم القيادية، والتمسك بقيمهم الأساسية يساهم في بناء مجتمعات أكثر إبداعًا وابتكارًا، ويعزز من القدرة على مواجهة التحديات المستقبلية.