اقتصاد المغرب

العفو الضريبي يساهم في إعادة هيكلة السيولة في السوق النقدي المغربي

شهد الأسبوع الماضي انخفاضاً في حجم السيولة التي ضخها بنك المغرب في النظام المصرفي، حيث تراجع هذا الضخ بمقدار 12 مليار درهم ، و يُعزى هذا الانخفاض بشكل كبير إلى الأموال التي جمعتها البنوك في إطار برنامج العفو الضريبي على الأصول السائلة.

هذا يشير إلى أن الأموال التي دخلت النظام المصرفي من خلال هذا البرنامج بدأت تُحدث تأثيراً ملحوظاً على ديناميكية السوق.

في عالم المال، لا تفنى السيولة، بل تتحول من شكل إلى آخر. فمع انتهاء فترة العفو الضريبي، بدأت الأموال التي تم جمعها في الدوران مرة أخرى داخل النظام المصرفي، مما ساهم في تخفيف الضغوط التي كانت تُثقل كاهل السوق مؤخراً.

و كان بنك المغرب يضخ حوالي 150 مليار درهم أسبوعياً لضمان استقرار السوق النقدي. إلا أنه مع تدفق السيولة الجديدة، انخفضت هذه الحاجة، حيث قلص البنك تدخله إلى 144 مليار درهم في الأسبوع الماضي، مقارنة بـ 156 مليار درهم في الأسبوع الذي سبقه.

و تشمل هذه التدخلات أدوات دعم مختلفة مثل عمليات إعادة الشراء، والقروض المضمونة، والقروض قصيرة الأجل (7 أيام) التي يقدمها البنك المركزي.

كما تُعدّ قروض الـ 7 أيام مؤشراً رئيسياً على وضع السيولة في السوق المصرفي، وقد انخفضت بدورها إلى 53 مليار درهم، مقارنة بـ 60 مليار درهم في الأسبوع السابق، وهو مستوى مماثل للفترة بين أبريل ومايو 2024.

و يرى المتعاملون في السوق علاقة مباشرة بين هذا التحسن ونتائج برنامج العفو الضريبي، الذي كشف عن جمع أكثر من 127 مليار درهم، مع توقع أن يُخصص ثلث هذا المبلغ على الأقل كأموال نقدية.

و على الرغم من أن برنامج العفو الضريبي لن يحل مشكلة نقص السيولة في القطاع البنكي بشكل كامل، إلا أنه سيساعد في تقليل اعتماد البنوك على عمليات إعادة التمويل في بداية عام 2025، مما يُساعد على تحقيق استقرار مؤقت في السوق النقدي.

و مع ذلك، يُتوقع أن يكون هذا الاستقرار مؤقتاً، حيث سيظل من الضروري تقييم التآكل المستمر للسيولة النقدية في الاقتصاد على المدى المتوسط والطويل.

كما تشير توقعات بنك المغرب إلى استمرار تزايد احتياجات السيولة البنكية، لتصل إلى 164.6 مليار درهم في عام 2025 و 192.3 مليار درهم في عام 2026.

و لمواجهة هذه الاحتياجات، يتبنى البنك المركزي استراتيجية فعّالة تعتمد على ضخ السيولة اللازمة بناءً على طلبات البنوك، مع وضع سقف لهذه الطلبات مرتبط باحتياطيات البنوك من سندات الخزينة، والذي يُقدر بين 400 و 500 مليار درهم على مستوى السوق ككل، وهو مستوى يفوق بكثير حجم التدخلات الحالية.

بالإضافة إلى تأثيره على النظام المصرفي، يُتوقع أن تُساهم السيولة التي تم جمعها عبر العفو الضريبي في تنشيط سوق رأس المال بشكل تدريجي.

و يُرجح أن توجه البنوك عملاءها نحو استثمارات مختلفة مثل التأمين على الحياة وصناديق الاستثمار، مما سيُساهم جزئياً في تحريك السوق المالي وزيادة حجم التداولات.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى