الطاقة النووية في المغرب: فرص الاستدامة والتحديات في إطار اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية
في اليوم الدولي لمناهضة التجارب النووية، يتجدد النقاش حول أهمية الطاقة النووية وتحدياتها. على الرغم من الأضرار التي تسببت بها الطاقة النووية في الماضي، فإنها تُعتبر الآن خيارًا واعدًا للحد من البصمة الكربونية وتلبية احتياجات الطاقة المستقبلية.
في هذا الإطار، يولي المغرب اهتمامًا كبيرًا للطاقة النووية، ليس فقط في توليد الكهرباء، ولكن أيضًا في تحلية مياه البحر.
هذا الاهتمام يسهم في تحقيق الاستقلال الطاقي ومكافحة تغير المناخ. بدأت المملكة دراستها في هذا المجال منذ أكثر من عشرين عامًا، ويبدو أنها الآن على استعداد لاتخاذ خطوات ملموسة، خاصة في تشغيل محطات تحلية المياه المستقبلية.
تتمثل التحديات الرئيسية في تحسين استخدام الطاقة مع الحفاظ على أهداف التنمية المستدامة التي يدعمها المغرب على الصعيدين المحلي والدولي. تعتبر الطاقة النووية خيارًا مستدامًا يستحق النظر فيه بعد عام 2030، حيث يمكن أن تسهم في دفع التنمية والنمو على المدى الطويل.
في العقود المقبلة، سيكون من الضروري أن تكون 80% من الكهرباء العالمية منخفضة الكربون (مقارنة بـ32% اليوم) للحد من آثار تغير المناخ، بينما من المتوقع أن يتضاعف الطلب العالمي على الكهرباء، بما في ذلك في المغرب، بسبب النمو السكاني والازدهار الاقتصادي في الدول الناشئة.
كما ينبغي للدول تبني كافة التقنيات منخفضة الكربون، بما في ذلك الطاقات المتجددة، والطاقة النووية، وتخزين الطاقة، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون.
و تشير السيناريوهات العالمية لإزالة الكربون إلى أن الطاقات المتجددة والنووية ستلعب دورًا تكميليًا في نظام الكهرباء العالمي.
يمكن لواضعي السياسات اتخاذ خطوات لضمان مساهمة الصناعة النووية في عالم خالٍ من الكربون بحلول عام 2050، مع ضمان استقلالية الطاقة وتوفير مصدر تنافسي لتحلية مياه البحر. المياه تُعد قضية استراتيجية للمملكة المغربية نظرًا لدورها الحيوي في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية مثل الشرب، والري، والصناعة.
و يواجه المغرب مشكلة عجز مائي قد يصل إلى نحو مليار متر مكعب سنويًا بدءًا من عام 2030. توفر الخطة الوطنية للمياه 2020-2050 خريطة طريق لمواجهة هذه التحديات، وتعزز حلول تحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي، حيث تعتبر التكنولوجيا النووية خيارًا واعدًا من حيث التكلفة والفعالية، وهي قيد الدراسة في المغرب منذ منتصف التسعينيات.
على الصعيد الدولي، هناك دول مثل الهند واليابان وكازاخستان تستخدم الطاقة النووية لتحلية مياه البحر، بينما تستعد دول أخرى لاستكشاف هذا الخيار في المستقبل.
تُعتبر المفاعلات النووية المعيارية الصغيرة والمتوسطة الحجم بديلاً جذابًا، حيث توفر قدرات كهربائية أقل من 300 ميغاواط وتتميز بتصميمات تتيح بناءها بشكل معياري.
و تقدم هذه المفاعلات فرصًا لبناء وتسليم أسرع مع تكاليف أقل بنسبة 20-40% مقارنةً بالمحطات الكبيرة.
في المقابل، تتطلب المحطات النووية الكبيرة استثمارات ضخمة وفترات بناء طويلة تتراوح بين 8 و10 سنوات، بينما تحتاج المحطات الصغيرة والمتوسطة الحجم إلى 3 إلى 6 سنوات فقط.
في عام 2023، أبدى المغرب اهتمامه بمفاعل Linglong-1، وهو أول مفاعل نووي معياري صغير تجاري يجتاز مراجعة السلامة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقد زار المغرب محطة تشانغجيانغ للطاقة النووية في هاينان، بجانب دول أخرى مثل تركيا وتايلاند والأردن.
وفقًا للخمار المرابط، المدير العام للوكالة المغربية للأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي، فإن “ACP100 هو خيار فعلي للمغرب. نحن نواجه تحديات قانونية وتقنية لدمج الطاقة النووية في مزيج الطاقة لدينا. القرارات النهائية لا تزال معلقة.”
و يُتوقع أن يولد هذا المفاعل حوالي 125 ميغاوات من الكهرباء، مما يجعله مناسبًا للمناطق النائية أو الجزر. يدرس المغرب هذا الخيار كجزء من استراتيجيته لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.